غزة - المغرب اليوم
بإحساسٍ عَالٍ تُمْسِكُ إبرةً تُحِيكُ بِهَا خيطَ الصوف، لتخط بِذَاتِ الخُيوط الطَرِيق نَحْو طُموحها وحُلمها، بحركةٍ دَقِيقَة وسريعة تَعقدُ "تحرير أبو مصطفى" خَيطَ الصوف "حول الإبرة"، لِتَبدَأ تَفَاصيل عَمَليةٍ شَاَقة بالنسبةِ لغيرها، تقضي وقتاً ممتعاً بالدوران والتَشَابُك لتنتج في النهاية ملابس أنيقة من الصوف للفئات العمرية كافة.
بداخل بيتها بمحافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، بدأت حكاية تحرير أبو مصطفى ( 35 عاما) مع مهنة صناعة ملابس المشغولات اليدوية من الصوف، لتسلط الضوء مرةً أخرى على مهنةٍ غادرها شُعاع الاهتمام نتيجة دخول الآلات الحديثة، إذ بدأت قبل عامين فقط؛ فقبل ذلك لم تكن تعرف " كيف تمسك إبرة الصوف".
لديها أربعة أبناء ( ولدان وبنتان) تزوجت قبل 20 عاما حينما كانت تبلغ من العمر 15 عاما، فكانت تحلم بإكمال دراستها ولكنها توقفت عند الصف الثالث الإعدادي، إلا أنها لم تيأس والذي لم تستطع تحقيقه في حياتها العلمية اتجهت لتحقيقه من خلال مهنة توصلها لحلمها، ولم يمنعها مرضا السكر والضغط اللذان تعاني منهما من مواصلة طريقها، لكن الشيء الغريب في الأمر أنها وصلت لهذا المستوى الإبداعي في صناعة الكروشية والمشغولات اليدوية من الملابس باستخدام الصوف خلال عامين فقط.
وكما يقال "لعله خير" فقد مرت هذه السيدة بحادثٍ مؤلم حين توفيت مولودتها بعد ساعتين من إبصار الحياة قبل عامين، مما جعلها تفكر في أن تتعلم أي شيء ينسيها الظروف التي مرت بها، فاستعانت بصديقة لها لتدريبها على كروشية الصوف الذي لم تكن تعرف عنه أي شيء.
توقفت عن الحديث " برهة " لتستذكر أول يوم لها في التدريب قائلة: "لم أكن أعرف كيف أمسك صنارة الصوف؛ حينما بدأت التدريب قبل عامين، كان اليوم الأول صعباً وعدت إلى البيت أبكي وأحدث نفسي بأني فاشلة ولن أستطيع العمل، كانت صديقتي تمسك بيدي حتى أتعلم فقط إدخال خيط الصوف بالإبرة كحال طفل صغير تعلمه والدته الكتابة".
وأضافت والثقة والسعادة يملآنها: "واجهت عقبات أثناء التدريب؛ كنت أذهب على مدار خمسة أشهر من التدريب في أوقاتٍ باردة وماطرة، لا أهتم بسقوط المطر لأني أحببت التعلم بإصرار كبير" .
بعد انتهاء فترة التدريب بدأتُ بتطبيق ما تعلمته بحياكة وصناعة ملابس يدوية من الصوف لبناتها، ثم بدأت باستخدام موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، للترويج لمشغولاتها، فأخذ الناس يعرفونها وزاد الطلب عليها يوماً بعد آخر ومن محافظات القطاع.