الجزائر ـ سميرة عوام
أثار تقاعس الحكومة الجزائريّة عن احتواء ملف السياحة الجنسيّة حفيظة المجتمع المدني، الذي هدّد بتنظيم حملة شعبيّة ضد هذا النوع من السياحة، التي تحوّلت إلى تجارة مربحة بالنسبة للقاصرات، والمطلقات، لاسيما في شرق وغرب البلاد.ويعدُّ ملف السياحة الجنسيّة من الملفات الشائكة، التي عجزت الحكومة الجزائرية عن مناقشتها، ووضع حد لاغتصاب القصر، واستغلالهم في شبكات الدعارة، التي يمتد نشاطها عبر الحدود الجزائرية.وأوضحت القاصرات مروة ورندة وندى، في حديث إلى "المغرب اليوم"، اللاتي تتراوح أعمارهنَّ بين 14 و17 عامًا، ومن سكّان الأحياء الفوضويّة في محافظة الطارف، عند الحدود التونسيّة، أنَّ "رحلتهنَّ تبدأ عند الخامسة مساء من كل يوم، حيث يتسللن إلى الطريق المؤدي إلى أم الطبول، المتاخمة للجمهورية التونسية، بغية لقاء مروّج الدّعارة، الشيخ رابح، البالغ من العمر 60 عامًا، وينحدر من ليبيا"، مشيرات إلى أنّهن "تعرفن عليه منذ عام، وهو مرشدهنّ الوحيد، ينقلهن إلى ملهى غير مرخص للممارسة الدعارة، مقابل بعض المصاريف التي تغطي احتياجات يوم واحد".
وأكّدت ندى، التي تبلغ من العمر 17 عامًا، أنّها "اعتادت على التردد على هذا الملهى، الذي تصل إليه على متن سيارة فاخرة، يقودها شخص اسمه موستاش، عمره 45 عامًا".وأضافت "موستاش يساعد العديد من القاصرات على التعرف على رجال أعمال، ومروجي مخدرات، وحتى مقاولين، ومن ثم تبدأ السهرات الحمراء، التي تتحول إلى المساومة بأجسادهن، فالفتاة الممتلئة سعرها يختلف عن نظيرتها النحيفة، فضلاً عن وضع بعض المقاييس الأخرى، كلون البشرة، والشعر والقامة"، موضحة أنَّ "المعايير وضعت من طرف إدارة الملهى غير المرخّص في إحدى الغابات، بعيدًا عن أعين شرطة الحدود".
وأكّدت مروة، صاحبة الشعر الأشقر، ذات الـ16 ربيعًا، أنّها "الأكثر جاذبية من بين 20 فتاة من عمرها، حيث يكثر الطلب عليها من طرف رجال الأعمال، والمسؤولين، وتقضي كل يومها في الملهى، بغية جمع بعض المال، وإعانة أمها المطلقة".وعن أسباب دخولها الدعارة، أشارت إلى أنَّ "صديقتها هي التي ساعدتها على ولوج عالم السياحة الجنسية، لاسيما مع اقتراب الصيف، حيث يكثر توافد السيّاح".وكشفت عن أنَّ "نشاطها لا يتوقف على الطارف، بل أنها تنقل أحيانًا، رفقة بعض القاصرات، إلى مدينة وهران، عاصمة السياحة الجنسية كما يطلقون عليها، نظرًا لتوفرها على فنادق خاصة للدعارة، ومساومة الفتيات مع سواح أجانب".
وبعد أن روت الفتاة قصتها، بيّنت أنها تعبت كثيرًا من تجارة الجسد، التي صنعت منها شخصًا يعيش لأجل الجنس، دون ممارسة حياتها الطبيعية، مثل قريناتها اللواتي دخلن الجامعة.وبدورها، كشفت نهلة، في حديثها إلى "المغرب اليوم"، عن أنّها "تعمل في هذه المهنة منذ 12 عامًا، وهي مطلقة وأم لطفل، تعرّفت على الموستاش بعد طلاقها مباشرة، حيث كان يقتديها إلى مجموعة من الشباب المنحرف، ويمارسون معها الجنس مقابل بعض النقود، ثم تحوّلت حياتها إلى الملاهي والفنادق، وهي تنتظر فصل الصيف بشوق، لعرض جسدها للسواح".ولفتت نهلة إلى أَّنَّ "العديد من المطلقات، غالبيتهنّ ينحدرن من المغرب والجزائر وتونس وسورية، يعملنَّ معها في المجال ذاته"، مبيّنة أنَّ "السوريات حطمنَّ الرقم القياسي في ممارسة الجنس، واستغلال السياحة الجنسية، في تونس والجزائر، من أجل العيش".وأكّدت نهلة أنّهنَّ يتعرضنَّ إلى الشتم والضرب والاعتداء من طرف الرجال، الذين يتعاملون معهن بقسوة، ويطلقون عليهن صفات "بائعات الهوى"، وكلمات أخرى يندى لها الجبين، أخبرتنا بها الضحية.