فاس - حميد بنعبد الله
دعا الأستاذ الجامعي في جامعة محمد بن عبد الله في فاس المغربية، الدكتور يونس الوليدي، إلى "الانخراط في مشروع حضاري ممثل للنوع الإنساني يتجاوز كل الخلافات السياسية الثقافية الحالية، حتى يكون هذا الحوار نموذجا يسعي إلى المساواة السياسية وتحالف الإيديولوجيات وتصالح الحضارات والثقافات".
وطالب في مداخلته خلال يوم دراسي نظمه مركز مغارب للدراسات في علم الاجتماع الإنساني، في مقر رئاسة الجامعة، "بتكريس مبدأ الحضارة الواحدة الممثلة للنوع الإنساني كافة من دون أن يكون البعد "الإثنولوجي" العرقي أو الانتماء الجغرافي أو المكون الثقافي الديني، عائقا أمام حوار الحضارات".
وأضاف الوليدي في محاضرته حول "حوار الحضارات بين الفكر الغربي والفكر العربي الإسلامي"، "وإلا لاستدعى الأمر الحديث عن صدام الحضارات بدل حوار الحضارات"، مستحضرا نظريات صمويل هنتنغتون وفوكوياما والمهدي المنجرة في تصورهم للمشروع الحضاري.
ودعا إلى "استحضار مبدأ الحوار عنصرا أساسيا في حوار الحضارات، يقوم على قيم التسامح والتعايش بين الثقافات والحضارات"، مشددا على "ضرورة الاحترام بين الأنا العربي الإسلامي والآخر الغربي، إذ أن علاقة الأنا والآخر إذا ما قامت على مبادئ الحوار واحترام القيم العرقية والدينية والثقافية لكل منهما، اندثرت أسباب الخلاف بين الحضارات، وتبددت الحدود الثقافية والدينية بينهما، وتبددت نظرية الحضارات المركزية والحضارات الهامشية، وانصهرت جميع حضارات العالم في حضارة واحدة ممثلة للنوع الإنساني كافة".
من جانبه ركز رئيس تحرير مجلتي "الآداب والعلوم الإنسانية" و"مقاربات"، جمال بوطيب، على البعد النظري حول الحضارات، ضمن منظومة القيم من قبيل العولمة و"الإسلامفوبيا" أو العالم القرية، كمفاهيم تعكس تعدد المنظومات القيمية التي توجه الحوار الحضاري الذي يكرس هيمنة الحضارات المركزية مقابل تهميش حضارات الأطراف، "لهذا لا نكون أمام حوار الحضارات كمشروع يؤسس للحضارة الواحدة التي تمثل الإنسانية بقدر ما نكون أمام استلاب حضاري".
وتحدث عن 4 أنماط من الحوار مستقاة من نماذج إسلامية وهي "الحوار التراسلي، إذ نجد أن ابن تيمية أرسل إلى ملك القوط رسالة يدعوه إلى التوحيد من دون أن يلزمه بضرورة اعتناق الإسلام، وفي هذا النموذج يرد نوع من الحوار الديني الذي أقره الإسلام، ثم هناك الحوار السلوكي من حيث أن أفعال المسلمين وأخلاقهم ألهمت الآخر الديني (اليهودي والمسيحي) واعتبرت نموذجا للتسامح والحوار".
وعرج على الحوار الحجاجي الذي استعمل فيه أساليب الإقناع المنطقي والاستدلال العقلي من دون التعصب "الدوغمائي"، الذي ساد في فترة مبكرة من العصر الإسلامي، "إذ نجد أن الباقلاني يقنع بمنطق العقل بطريق الروم على ما يظهر له لبسا في بعض الروايات والتي تبدو له متناقضة ومتعارضة"، خاصا بالذكر حادثة شق القمر على يد الرسول صلى الله عليه وسلم وحادثة التبرئة الإلهية لعائشة رضي الله عنها.
وانتقل المحاضر في مرحلة أخيرة، إلى الحجاج الجغرافي "وهو ما يمثله نموذج الكعبة كمكان التقاء الاثنولوجيات والثقافات والمجتمعات، تشترك كلها في وحدة الطقوس والتعبدات والقيم الدينية الممثلة للنوع الإنساني".