القاهرة – محمد الدوي
القاهرة – محمد الدوي
تفوَّق الطالب محمد الشافعي، في السنة الثانية، في قسم الفلسفة، في الجامعة الأميركية، في القاهرة، بعد حصوله على منحة المدرسة المصرية العامة التابعة لبنكHSBC" "، والتي تعطي الأولوية للطلاب من ذوي الاحتياجات، في الكتابة، والموسيقى والفلسفة.
وتعكس نظرة الشافعي للحياة وللعالم المحيط به حكمة بالغة، تفوق سنين عمره، التي لم تتعد العشرين، وبعد تخرجه في مدرسة "طه حسين للمكفوفين"
في العام 2012، التحق الشافعي بالجامعة الأميركية في القاهرة، دون أية خلفية مسبقة عما يريد فعله حقيقةً، ثم أخذت بلبه فكرة الالتحاق بقسم الفلسفة.
ويعكف الشافعي حاليًا، بالإضافة إلى دراسته، على كتابة قصته الأولى، ومسرحية، وبحث أكاديمي، مع كتابة مجموعة من المقالات، وقصائد من الشعر.
وقال الشافعي، "لقد أعطتني صفة التنوع التي تتمتع بها الجامعة الكثير، ومنحتني الجامعة فرصة الالتقاء مع نوعيات مختلفة من البشر، مما كان له أكبر الأثر في إمدادي بكثير من الأفكار التي يمكن الكتابة عنها؛ فالدراسة في الجامعة هي تجربة من التجارب الفريدة، التي لا يمكن وصفها بالكلمات، فالجامعة كمؤسسة تعليمية تُقدِّم الكثير مما تعجز عنه المؤسسات التعليمية الأخرى، فهي تقدم التعليم من أجل التعليم، وتشجع التطور الفكري وتدعمه، وأنا أرى أن الثقل الفكري والعقلي الذي يميز البرامج التي تُقدِّمها الجامعة يُعد من أكثر الأمور التي أثارت دهشتي وإعجابي".
ولا يعد الشافعي من ضمن الكُتَّاب الذي يتميز إنتاجهم بالغزارة فحسب، ولكنه أيضًا قارئًا مهمًا، ويجد الكثير من الأفكار والإلهام في قراءة كتابات؛ ديكنز، وبلزاك، وديستوفسكي، وتشيكوف؛ فأيًّا كان الكاتب، كما يقولها الشافعي ضاحكًا، فإنه يقرأ له، وذلك كله بالإضافة إلى قراءة كتابات الفلاسفة الإغريق، وكُتَّاب الرواية الأميركيين، وقرأ حتى لألكس دي توكوفيل، الذي كتب دراسة بعنوان "الديمقراطية في أميركا"، ويعتبر توجهه في القراءة من التوجهات المنهجية، فهو يقرأ الكثير من الأعمال في وقت واحد.
وأوضح الشافعي قائلًا؛ "فمثلًا في ذات مرة من المرات كنت أقرأ مسرحية، وقصة من قصص الخيال العلمي، وقصة من عالمنا المعاصر، وعملًا فلسفيًّا حديثًا بالإضافة إلى عمل فلسفي قديم، فأنا أرى أن قراءة أعمال مختلفة في وقت واحد لا يعد من الأمور الصعبة أو تلك التي تسبب نوعًا من التشتيت، بل أرى أن تلك الأعمال على اختلافها تكمل بعضها البعض."
ويعتبر الشافعي من عازفي البيانو المهرة، وحصل على دبلوم من Trinity College London Guildhall، التي تبعث بممثل لها إلى مصر كل عام لعمل تقييم للطلاب اعتمادًا على الأعمال التي قضوا العام بأكمله في إعدادها، ويستعد الشافعي الآن للحصول على دبلوم Licentitate Trinity College London.
وتابع الشافعي، "منذ طفولتي المبكرة وأنا أعشق الموسيقى، ولاسيما الموسيقى الكلاسيكية، واكتسبت الكثير من الخبرة، ونجحت في تكوين رؤية خاصة، وكنت اختلط صباحًا أثناء وجودي في المدرسة بأنواع مختلفة من البشر، قَدِموا من بيئات مختلفة، وفي المساء كنت أجلس مع سيدات بريطانيات أحتسي الشاي واستمع إلى فاجنر، وللوهلة الأولى أحسست أني أريد أن أصبح عازفًا للبيانو، وذلك قبل أن تسلب الفلسفة لبي، فالبيانو ما زال صديقي الذي أعشقه، فمنذ أربع سنوات مضت لم أكن أتخيل، ولو للحظة، أني يمكن أن أصبح فيلسوفًا، لكن الحياة مليئة دائمًا بالمفاجآت".
كما حصل الشافعي في سن الحادية عشر على شهادة مدرب معتمد في مجال تكنولوجيا الاتصالات من مايكروسوفت، وكان أصغر الحاصلين على تلك الشهادة سنًّا، وذلك في منطقة الشرق الأوسط بأكمله.
وشارك الشافعي في كثير من المؤتمرات الخاصة بالتكنولوجيا، وقام بترجمة التشريع الخاص بالأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، والمتعلق بحقوق الأطفال في مصر، وقام بطباعته، وحصل الشافعي على كثير من جوائز التكريم وذلك لأعماله وإنجازاته القيمة، وتمت دعوته للسفر إلى المغرب في العام 2009، وذلك بدعوة شخصية من الملك محمد الخامس في الذكرى العاشرة لتتويجه.
ويستند عشق الشافعي للفنون ونهمه للحصول على المعلومات وشغفه بالقراءة إلى فهم عميق لأغوار النفس البشرية، وهو متحمس أشد التحمس لعمل شيء يُمثِّل بصمة واضحة في هذا العالم، وهو على علم تام بصعوبة تحقيق هذا الهدف.
وقال الشافعي، "لقد قمت بتحميل قائمة طويلة من الكتب المهمة في التاريخ يصل عددها إلى أكثر من 5000 كتاب، واعتقد أنه ربما يستغرق الأمر مائة عام للانتهاء من قراءة هذا الكم الهائل من الكتب، واعتقد أنه إذا ورد اسمي خلال فترة المائة عام، ربما يُقابل الأمر بابتسامه حائرة، فعندما يغوص المرء في أعماق الحياة ويدرك مدى قصرها، فإن ذلك يدعوك إلى القيام بشيء خارق لا تستطيعه قدراتك، وأنا أود أن يرد ذكري دائمًا مقترنًا بأني فعلت شيئًا للبشرية".
وأضاف، "أتمنى أن أفعل في يوم من الأيام شيئًا يجعل العالم في مكان أفضل، فحتى الآن أرى أن بلادنا والبشرية بأكملها ضلَّت الطريق، وتحتاج إلى نوع من التوجيه، وأرى أننا في عصرنا الحديث نحتاج إلى نوعية من البشر لديها من الحس العالي والذكاء ما يُمكِّنها من تبين الطريق الصحيح، فمصر تمر بعصر متأخر من عصور التنوير، فلا توجد الكثير من الحقائق المؤكدة التي يمكن التعويل عليها، وأنا حقيقة أشعر بالإثارة أني أُفردت لي تلك المساحة للتفكير".