الرباط - المغرب اليوم
كتجربة تُعد هي الأولى من نوعها على الصعيد الوطني، انطلقت في الثانوية الإعدادية "رسموكة" في إقليم تيزنيت، خلال الموسم الدراسي الجاري، عملية تدريس اللغة الأمازيغية بالسنة الأولى إعدادي لفائدة 25 تلميذة وتلميذًا سبق لهم الاستفادة من المادة ذاتها طيلة المرحلة الابتدائية.
ويأتي مشروع تنزيل مادة اللغة والثقافة الأمازيغية بالسنة الأولى إعدادي، حسب ورقته التقنية، ضمن "الخطوات المساهمة في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية عقب صدور القانون التنظيمي بعد 8 سنوات من الدسترة، وترصيدا للتراكمات الإيجابية في السلك التعليمي الابتدائي بعد التدرج في تعيين أساتذة متخصصين للغة الأمازيغية، ولو بوتيرة ضعيفة، خصوصا في المدارس الابتدائية الجماعاتية التي تضم أعدادا لا بأس بها من المتمدرسين والأقسام المستقلة، مما يسهل عملية التفييئ في ظروف ملائمة مقارنة مع باقي المؤسسات التعليمية الموزعة عبر مجالات جغرافية متفرقة".
وتعتمد هذه المبادرة المدنية الصرفة التي تشرف عليها جمعية تمونت إرسموكن للتنمية، بتنسيق مع الجمعية الإقليمية لمدرسي اللغة الأمازيغية لتيزنيت والمركز الأمازيغي للترجمة والتكوين، على كتاب مدرسي أعِدّ من طرف المركز الديداكتيكي للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية لفائدة تلامذة السنة الأولى إعدادي، باعتبارهم الفئة المستهدفة بالمشروع، على أساس تقديم الحصص الأسبوعية بمقر دار الطالب والطالبة رسموكة وفق توزيع زماني مُعَدّ لهذا الغرض.
حسن أخواض، فاعل جمعوي بجماعة أربعاء رسموكة واحد من المهتمين بالحقل اللغوي والثقافي الأمازيغي، قال إن "هذه التجربة سيكون لها وقْع إيجابي في المستقبل القريب كمرجع لقابلية تنزيل وتطبيق مادة اللغة والثقافة الأمازيغية بالسلك الإعدادي ثم التأهيلي، على اعتبار أن جميع القطاعات مدعوة إلى تفعيل الطابع الرسمي وإدماج اللغة الأمازيغية في جميع مجالات الحياة العامة، وعلى رأسها قطاع التعليم الذي قطع أشواطا مهمة في تدريس هذه اللغة الرسمية للبلاد بالمرحلة الابتدائية، مع تخريج أفواج من الأساتذة المتخصصين سنويا رغم قلتهم مقارنة مع الانتظارات، ولكنها تبقى خطوة مكتسبة في هذا الميدان".
وفي جوابه عن الدافع وراء اختيار إرسموكن كمحطة أولى لانطلاق هذا المشروع، أوضح أخواض أنه "يعود لاعتبارات عديدة؛ أولها التوفر على مدرسة جماعاتية تدرس بها اللغة الأمازيغية من طرف أستاذين متخصصين في تدريس هذه المادة طيلة الموسم الدراسي لفائدة 420 تلميذا وتلميذة بكافة المستويات التعليمية، من بينهم تلاميذ مبدعون في صنفي القصة والشعر الأمازيغيين سبق لهم أن حازوا جوائز جهوية ووطنية، مما يسهل عملية تدريسها ترصيدا للتراكمات الإيجابية بالسلك الابتدائي عبر التركيز على الفئة التي سبق لها تعلم اللغة ابتدائيا".
بالإضافة إلى هذا الدافع، ذكر المتحدث "وجود مجتمع مدني معتز بهُويته الأمازيغية له تجربة طويلة في تنظيم أنشطة تربوية وثقافية هادفة إلى الحفاظ على الموروث الأمازيغي، على غرار جمعية تمونت إرسموكن للتنمية صاحبة السبق في تنظيم ورشات الكتابة بتيفيناغ بالمنطقة منذ عدة سنوات، ناهيك على توفر فضاء تربوي جذاب وإدارة متمرسة في تنظيم أنشطة تكوينية لفائدة المستفيدين بدار الطالب والطالبة، وهي جميعها عناصر مكنت من توفير محددات علمية وبيداغوجية للتنزيل السليم لهذا المشروع الفريد"، يضيف الفاعل الجمعوي ذاته.
وتقييما لهذه المبادرة الفريدة من نوعها، قال حسن أخوض:" بعد مرور الحصص الأولى لهذه المادة الجديدة، يتبين أن جاذبيتها متميزة، خصوصا من طرف المستفيدين والأستاذ المتخصص؛ إذ إن الانطباعات الأولية تفيد بأن كافة الظروف مواتية لتنزيلها والتدرج في تعميمها، خصوصا في المناطق المتوفرة على أساتذة التخصص بصيغ ملائمة، إضافة إلى توفر كتاب مدرسي معد لهذا المستوى التعليمي من طرف أطر المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية مكوّنٍ من نصوص أدبية لها علاقة بالثقافة والحضارة الأمازيغية في كافة المجالات الطوبونيمية والأنثروبولوجية معينة على التلقين والتفاعل المتبادل حسب كل منطقة على حدة، ليبقى التقييم الإجمالي المرحلي عند منتصف الموسم، والتقييم شبه النهائي بعد نهاية السنة الدراسية والاطلاع على المردودية التربوية للمستفيدين".
وكشف المتحدث ذاته أن الغاية من العملية، باعتبارها مبادرة مدنية تنتظر تنزيلها الفعلي باستعمالات الزمن بالمستويين الإعدادي والتأهيلي، هي "المساهمة في تسريع تبنيها وتعميمها بعد الوقوف على تجربتها طيلة هذه السنة، ولمَ لا توسيعها إلى باقي مستويات السلك الإعدادي حتى تكون مرجعا أساسيا لباقي المناطق في ظل الجهوية المتقدمة والرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربوية والتكوين المرتكزة على التمكن من اللغات، باعتبار الأمازيغية لغة رسمية للبلاد".
وقال أخواض في ختام حديثه مع هسبريس إن "مشروع تدريس اللغة والثقافة الأمازيغية هو بمثابة امتداد لأولمبياد تيفيناغ الوطنية التي يتبارى حولها تلامذة السلك الابتدائي بجميع أكاديميات المملكة، والتي تجرى مرحلتها النهائية سنويا بمنطقة تافراوت، كأولى المسابقات التربوية الوطنية التي تكون نهائياتها في نقطة مجالية غير المركز. وقد بدأت كذلك بمبادرة جمعوية من فستفال تيفاوين كمسابقة محلية ثم إقليمية فجهوية، إلى أن أصبحت وطنية بعد توقيع اتفاقية ثلاثية بين الجمعية وأكاديمية جهة سوس ماسة والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، مما مكنها من كسب طابع الاستمرارية إلى حدود الآن".
وفي تعليق لها بخصوص الموضوع، نوّهت فاطمة أكناو، أستاذة باحثة بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، في كلمة لها ألقتها الأسبوع الماضي خلال إشرافها على إحدى الحصص الخاصة بالتجربة، بجهود الفاعلين المحليين لإخراج هذا المشروع التربوي إلى حيز الوجود، خصوصا بعد الدسترة والمصادقة على القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.
وعبرت أكناو عن اعتزازها بتفاعل التلاميذ الإيجابي ورغبتهم في مواصلة تعلم اللغة الأمازيغية ضمن مشوارهم الدراسي، مشيدة بمستوى التملك لهذه المبادرة المتميزة من لدن الفاعلين المؤسساتيين والمنتخبين.
من جهته، عبر إبراهيم إضرضار، المدير الإقليمي للتربية الوطنية بتزنيت، خلال اللقاء نفسه، عن تثمينه للعمل الجبار لتطوير تدريس اللغة الأمازيغية بالإقليم في السلك الابتدائي من طرف المؤطرين التربويين، وامتنانه للجهات المشرفة على هذه الخطوة الإيجابية التي ستساهم لا محالة في تطوير تعميم تدريس هذه المادة في المنظومة التربوية، داعيا المتعلمين المستفيدين إلى الاهتمام بهذا المجال الذي يفتح لهم آفاقا واسعة في مستقبلهم المهني.
قد يهمك ايضا
اختيار وادي درعة في المغرب ضمن قائمة أفضل 10 وجهات مثالية
عصيد يٌعيد فتح قضية برلماني "البيجيدي" والحسناوات البلجيكيات بتدوينة مثيرة