لندن ـ المغرب اليوم
لا تطابق المعاني المحددة في عالم العلوم لكلمات "فرضية، نظرية، قانون، حقيقة"، المعاني المتعارف عليها في حياتنا اليومية، فعلى سبيل المثال، جملة "حين ترمِ بقلم، فإنه يسقط على الأرض"، صريحة وواضحة بشكل جيد، لكن فيها مشكلة كبيرة. ففي العلم، الحقيقة هي ملاحظة أو رصد تم إثباته وبرهنته مراتٍ عديدة، حيث أن العلماء ولكل النوايا والأغراض يقبلون به كشيء صحيح، لكن كل شيءٍ في العلم يأتي مع نسبةٍ معينة من الشك، لذلك لا شيء صحيح علميا دائما وعابرٌ لضلال الشكوك. يمكنك أن تقول أن كل البجعات بيضٌ، وهي حقيقة، لكن هناك فرصةٌ دائما أن ترى بجعةً سوداء وترمِي هذه الحقيقة من النافذة.
الفرضية تفسير مؤقت لملاحظة ما:
"القلمُ يسقط لأن هناك قوة تسحبه إلى الأسفل"، فالفرضية هو تفسير مؤقت لملاحظة أو رصد ما، والذي يمكن اختباره. وهي مجرد نقطة بداية لمجموعة من الاختبارات المقبلة، وكل ملاحظة تأتي غالبا مع مجموعة منظمة من الفرضيات. وإذا شاهدت بجعةً بيضاء، ففرضيتك يمكن أن تكون مصبوغة، أو أنه هكذا بسبب تأثير ضوء الشمس أو أن ريشها تنقصه الصبغة فقط. يمكنك بعدها أن تبدأ في اختبار هذه الفرضيات وانتقاء إحداها التي تبدو الأقرب للحقيقة وتكون مدعومةً بالأدلة.
وتاريخيًا، ظهرت العديد من الفرضيات بشأن سبب سقوط الأشياء عند رميها، اعتقد ارسطو أن الأجسام المادية لها ميل فطري للسقوط باتجاه مركز الكون، والذي اعتقد الإغريقيون أنه الأرض. وفي حين علل نيوتن ذلك حيث قال إن جميع الأجسام المرتبطة بالأرض يجب أن تكون مُنجذبة نحوها، لكن أيضا يجب أن تكون جميع الكواكب منجذبة لكواكب أخرى، وهكذا مع جميع الأجسام في الكون. فرضيته كانت أن هذا يحصل بواسطة قوة جذب أطلق عليها الجاذبية.
القانون ليس أقل مرتبة من النظرية:
"كل جسيم من المادة في الكون يجذب نحوه الجسيمات الأخرى بقوة تتناسب طرديًا مع حاصل ضرب كتلتيهما وعكسيًا مع مربع المسافة بين مركزيهما". قد تتوقع أن النظرية هي الخطوة المقبلة في طريق تعريف الكلمات، ولكنك على خطأ. وهذا لا يعني أن القانون أقل مرتبةً من النظرية، لكنهما شيئان مختلفان.
وفي العلم، القانون هو وصف تفصيلي لكيفية تصرف جانب معين من العالم الطبيعي، غالبا يتضمن الرياضيات. وقانون نيوتن للجاذبية الكونية كما اُقتبس في الأعلى يصف كيف تتصرف المادة بشكلٍ دقيق. والقانون يشرح الكيفية، لكنه لا يعطي أو يناقش الأسباب.
النظرية تفسير لجانب معين من العالم الطبيعي
"المادة والطاقة تتسببان في انحناء الزمكان، وقوة الجاذبية تنشأ من هذا الانحناء"، النظرية هي تفسير لجانب معين من العالم الطبيعي، مدعومة ومؤكدة بالعديد من الحقائق، الفرضيات المُجربة، والقوانين. والاقتباس أعلاه هو تبسيط للنظرية النسبية العامة لاينشتاين. ونيوتن قال أن جسمين يتجاذبان بناءً على كتلتيهما و المسافة بينهما، اينشتاين قال إن هذا يحدث بسبب قيام كتلة كل جسم بتشويه نسيج الكون، وكلما كانت الكتلة أكبر كلما كان التشوه أكبر.
والنظرية هي الحد الكبير لكل العبارات العلمية، لذلك فإنه من غير المنطقي الانتقاص من التطور بصفته "نظريةً فقط". ولكن كما قلنا، العلم لا يقول عن شيء أنه مؤكد بنسبة 100%، نظرية اينشتاين تنهار عند تطبيق ميكانيكا الكم، والتي تتعامل من الجسيمات الذرية، كنتيجة العلماء يطرحون فرضيات جديدة عن الجاذبية بشكل مستمر، لكن هذا ليس كافيا للقول أن اينشتاين كان مُخطئا.
والنسبية العامة تفسر الغالبية العظمى من الملاحظات، وكلما حاول العلماء إثبات أنها على خطأ، فشلوا في ذلك. وهذه هي قوة النظرية العلمية، إنها مبنية على أسس قوية ومتينة حتى لو وجدت شقوق وثغرات بسيطة فيها، يمكنك أن تتأكد أن بُنيتها العامة ستظل متماسكة.