الرئيسية » تحقيقات وأخبار
فيروس كورونا

الرباط - المغرب اليوم

بدأت مشاعر القلق والتوتر تتسرب إلى التلاميذ والطلبة وإلى مختلف شرائح المجتمع المغربي، مع توالي الإجراءات والقرارات المتعلقة بتمديد حالة الحجر الصحي للحد من انتشار فيروس "كوفيد-19" في العديد من دول العالم، ومع تزايد توقعات العديد من الخبراء بأن الحد من خطر انتشار هذا الوباء قد يتطلب تطبيق حجر صحي يمتد على الأقل لثلاثة أشهر، خصوصا مع انتشار أخبار كاذبة عن أن بوادر سنة بيضاء بدأت تلوح في الأفق؛ وهو ما دفع وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي إلى إصدار البلاغ يوم 27 مارس 2020 والذي نفت فيه "نفيا قاطعا" أن تكون قد أصدرت أي قرار بخصوص إقرار سنة بيضاء.

ونغتنم هذه الفرصة، إذن، لنحيي الوزارة على هذا البلاغ المطمئن الذي خلق جوا من الارتياح لدى التلاميذ والطلبة والآباء وأولياء الأمور بعد ما قضوا لحظات عصيبة من القلق والتوتر بسبب الخبر الكاذب الذي تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ غير أننا كنا نتمنى لو أن الوزارة أشارت في بلاغها إلى الاستبعاد التام لقرار السنة البيضاء، على أساس أن دواعي اتخاذ قرار السنة البيضاء منعدمة إذا أخذنا بعين الاعتبار العوامل البيداغوجية التالية العامل البيداغوجي الأول مرتبط بالزمن المدرسي: فعند تاريخ توقيف الدراسة (الاثنين 16 مارس 2020) كنا قد استوفينا ثلاثة أرباع الزمن المدرسي للسنة الدراسية 2019-2020، ولم يتبق منه إلا الربع أي ما يعادل ثمانية أسابيع دراسية، يمكن استدراكها في أحلك الحالات، لا قدر الله، مع بداية السنة المقبلة، علما أن المسار الدراسي الطويل للتلميذ يسمح له بتدارك ما فاته من تعلمات؛

العامل البيداغوجي الثاني يتجلى في أن المنهاج الدراسي المغربي، وكباقي المناهج الدراسية في العالم، مبني وفق مقاربة حلزونية Approche en spirale التي تقوم على التكرار المستعرض (داخل مجموعة من المواد الدراسية) والتكرار المستمر (في مستويات وأسلاك متعددة) للمفاهيم والمعارف لتمكين التلميذ من بناء تعلماته ومفاهيمه وتصوراته عبر التراكم والتدرج والارتقاء طيلة مساره التكويني؛ وهو ما يتيح له تطوير خطاطاته المعرفية schèmes cognitives وتعميق مستوى فهمه واستيعابه للمفاهيم بشكل مستمر. بمعنى أن التلميذ ستكون العديد من الفرص لتدارك المفاهيم التي فاتته في المستويات اللاحقة؛

العامل البيداغوجي الثالث يتجلى في أن المدرسة لا تشكل الفضاء الوحيد لاكتساب المعارف، وأن جزءا كبيرا من التعلمات يتم بناؤه خارج أسوار المدرسة خصوصا مع تطور وتعميم وسائل التكنولوجيا الحديثة للاتصال، على أن المدرسة ستحرص، بعد الحجر الصحي، على القيام بوظيفتها الإشهادية للتصديق على المعارف والتعلمات العامل البيداغوجي الرابع يتجلى في كون المنهاج الدراسي المغربي مثقل جدا وتوجيهي وموسوعي بشكل كبير ومتخم بالمحتويات والمضامين الفاقدة للمعنى والنفعية والوظيفية؛ وهو ما يسمح لنا بالتخفيف منه واختزاله، على الأقل في الظرفية الاستثنائية الحالية، عبر تحديد الأولويات والاقتصار على ما هو أساسي وما هو ضروري حرصا على تمكين تلاميذ السنوات الإشهادية من متابعة تكويناتهم بالتعليم العالي بشكل سلسل العامل البيداغوجي الخامس يتجلى في كون الأسابيع الأربعة الأولى من كل سنة دراسية جديدة تخصص للتقويم التشخيصي والدعم وتقوية التعلمات السابقة لتمكين التلميذ من مراجعة برنامج السنة السالفة ومن استدراك ما لم يتمكن من استيعابه ومن تعديل مفاهيمه وتصوراته الخاطئة، أي أن هذه الأسابيع ستشكل فرصة حقيقية لتدارك أي تقليص أو اختزال لما تبقى من الزمن المدرسي الحالي؛

العامل البيداغوجي السادس هو أن "الحجر الصحي" يفرض علينا اعتماد بيداغوجية الفصول المعكوسة la pédagogie des classes inversées ، وهي بيداغوجية أثبتت نجاعتها وفعاليتها علميا وبدأ اعتمادها وانتشارها في العديد من المنظومات التربوية المتقدمة. هذه المقاربة البيداغوجية اكتشف فعاليتها مدرسان أمريكيان عن طريق الصدفة سنة 2007 هما جوناثان بيرجمان Jonathan Bergmann وأرون سامز Aaron Sams، وتقوم هذه المقاربة على قلب الأدوار التقليدية ما بين الفصل والبيت؛ فعوض أن يتكلف المدرس بتحضير الدرس وإلقائه خلال الحصة الدراسية في الفصل ثم إعطاء تمارين وواجبات للتلاميذ من أجل إنجازها في المنزل كما هو معمول به حاليا، تدعو المقاربة الجديدة إلى جعل التلاميذ يحضرون الدروس في المنزل على أن يقوموا بإنجاز التمارين وحل المشاكل وإجراء مناقشات أثناء الحصص الدراسية بالفصول داخل مجموعات. الاشتغال والتحضير المسبق الذي يقوم التلاميذ في المنزل يسمح لهم بأخذ فكرة مسبقة عن المفاهيم وبصياغة مجموعة من الأسئلة والاستفسارات والتي تكون موضوع مناقشة بينهم وبين رفاقهم وبتأطير وتوجيه من المدرس. وبذلك، تتحول الفصول من فضاءات للإلقاء والتلقي إلى فضاءات حقيقية لبناء التعلمات والمناقشة وتبادل الآراء في أجواء صحية وبانخراط للتلاميذ من الطرائق التقليدية هذه بعضٌ من العوامل البيداغوجية التي تدفع إلى الابتعاد عن اتخاذ أي قرار متهور يهدر كل المجهودات المادية والمعنوية الجبارة التي بذلها ويبذلها التلاميذ والطلبة والطاقم التربوي والإداري وآباء وأولياء الأمور، دون أن ننسى التكلفة المالية الباهظة التي ستتحملها ميزانية الدولة، علما أن هذه العوامل لا تعفي الوزارة من الإسراع إلى اتخاذ مجموعة من التدابير التربوية والإدارية لضمان حسن استثمار ما سيتبقى من زمن مدرسي.

قد يهمك ايضـــًا :

وزير التعليم المغربي يكشف حقيقة اعتماد "سنة بيضاء" بسبب "كورونا"

وزارة التربية المغربية تنفي إصدار أي بلاغ بخصوص إقرار "سنة بيضاء"

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

تعليق مؤقت للدراسة في ألمانيا بسبب رسائل تهديد مرتبطة…
أكثر من 600 ألف طالب يُحرَمون من التعليم في…
بنموسى يحث على تشجيع الطلاب على ممارسة رياضة الغولف…
أطفال غزة بلا مدارس مع بدء العام الدراسي الجديد…
وزارة التعليم العالي في المغرب تكشف نسب متدنية للمشاركة…

اخر الاخبار

وزير الداخلية المغربي يؤكد الاهتمام الذي يوليه الملك محمد…
وفد برلماني شيلي يشيد بدينامية المشاريع التنموية بمدينة الداخلة
وزير الخارجية الأميركي يُشيد بالشراكة مع المغرب في مجال…
لفتيت يُبرز مجهودات وزارة الداخلية لمحاربة البطالة ودعم المقاولات…

فن وموسيقى

سلاف فواخرجي تفوز بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان أيام قرطاج…
كاظم الساهر يسّتعد للعودة للغناء في المغرب بعد غيابه…
المغربي حاتم عمور يستنكر عدم حصوله عن أي جائزة…
منى زكي تؤكد أنها تتأنى دائما في اختياراتها لأعمالها…

أخبار النجوم

الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني
تامر حسني يشوق جمهوره لدويتو مع رامي صبري
أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
أحمد السقا يكشف عن مفاجأة حول ترشحه لبطولة فيلم…

رياضة

المغربي أشرف حكيمي ضمن أفضل 100 لاعب لسنة 2024
نجم منتخب البرازيل وريال مدريد فينيسيوس جونيور يفوز بجائزة…
ليفربول يتواصل مع نجم برشلونة رافينيا لاستبداله بصلاح
يوسف النصيري يواصل تألقه رفقة فريقه فنربخشة في الدوري…

صحة وتغذية

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
وزارة الصحة المغربية تكشف نتائج التحقيق في وفيات بالمركز…
اختبار عقاراً جديداً يُعيد نمو الأسنان المفقودة
المغرب يُنتج أول اختبار لفيروس جدري القردة في أفريقيا

الأخبار الأكثر قراءة

الهوس بالتنوع والإندماج و المساواة يدّمر الجامعات البريطانية
سبعمائة ألف طفل لبناني لم يتمكنوا من بدء العام…