الرباط - المغرب اليوم
عرفت مباراة الولوج إلى المدرسة الفرنسية متعددة التخصصات “بوليتيكنيك” بباريس تميزا كبيرا للطلبة المغاربة، إذ نجح 40 طالبا منهم من أصل 60 طالبا أجنبيا.ورافقت التميز العلمي للطلبة المغاربة بفرنسا “إشادة واسعة” من نشطاء مغاربة وسفارة فرنسا بالرباط، معتبرين المنتوج المدرسي المغربي “نموذجا” ويحمل طاقات علمية مهمة ومشرفة؛ غير أن هاته الإشادات رافقتها في الوقت عينه تساؤلات من قبل آخرين حول هجرة الطلبة المغاربة إلى الخارج، الذين يفضلون الدراسة بالدول الأخرى، عوض استثمار تميزهم ببلدهم الأم، إذ يبلغ عددهم بحسب إحصائيات حديثة لمنصة “Erudera”، حوالي “60 ألف طالب، يفضل نصفهم الدراسة بفرنسا”.
إسماعيل سعدون، خبير في مجال بطاريات الليثيوم وأستاذ بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بابن جرير، قال أن “نجاح 40 طالبا مغربيا من أصل 60 طالبا أجنبيا هو إنجاز مشرف لنا نحن المغاربة”.وأضاف سعدون أن “الأمر نفسه يحدث في كبريات الجامعات، والمدارس متعددة التخصصات عبر العالم، حيث يتفوق المغاربة على نظرائهم من دول متعددة”.وأشار الخبير في مجال بطاريات الليثيوم إلى أن “هذا الإنجاز إذا تمت معالجته بشكل شامل سيظهر لنا وجود تناقص في عدد الطلبة المغاربة المغادرين نحو الخارج، خاصة أن هنالك جامعات مغربية تعرف وسائل تكوين جد حديثة تضاهي تلك الموجودة في الدول المتقدمة”.
واستطرد الأستاذ بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بابن جرير: “التقدم لا ينحصر على مجال البنيات والوسائل التكوينية، بل يصل أيضا إلى القدرات المعرفية لدى الطلبة المغاربة”، مبرزا أن “ما نلمسه نحن حاليا من تفوق واضح لدى القدرات المعرفية للطالب المغربي يبين لنا وجود تحول جذري في الفضاء التكويني الجامعي بالمغرب”.وشدد المتحدث سالف الذكر على أن “المملكة لها القدرات الكافية لاستقطاب الطلبة المغاربة لاستكمال تكوينهم الجامعي، خاصة أن نظامنا التعليمي على الرغم من الانتقادات التي توجه إليه فهو وسط مهم لتطوير القدرات المعرفية وتحقيق التفوق، وهو ما نراه في نتائج المباريات بالمدارس والمعاهد والجامعات الأجنبية”.
وأضاف سعدون أن “هؤلاء الطلبة المغاربة المتميزين في الخارج لم يخسرهم بلدهم الأم، باعتبار أن غالبيتهم لهم فكرة العودة إلى المغرب وتوفير مؤهلاتهم خدمة لبلدهم؛ ما يجعل المغرب المستفيد الأول”.وخلص المصرح لهسبرس إلى أن “الطلبة العائدين للمغرب بعد انتهاء تكويناتهم بالخارج لهم مؤهلات كبيرة ويعتبرون خير السفراء، وسنستفيد منهم بشكل كبير، وهو الحال لدى طلبتنا هنا بالمغرب الذين يمتازون بمؤهلات جد كبيرة”.
من جانبه، سجل خالد الصمدي، كاتب دولة سابق مكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي، أن “هذا المستجد جاء أساسا في ظل وجود تعاون مغربي فرنسي على مستوى الولوج إلى المؤسسات متعددة التقنيات الفرنسية، والذي يمنح للطلبة المغاربة مهما كان وضعهم الاجتماعي فرصة الحصول على منحة دراسية على عكس نظيرتها المغربية التي تمنحها فقط للذين يستوفون معايير الاستحقاق الاجتماعي”.وأضاف الصمدي، في تصريح لهسبريس، أنه “وبالإضافة إلى المنحة، تكون رحلات هؤلاء الطلبة المغاربة ذهابا وإيابا ممولة من السلطات المغربية؛ الأمر الذي يشجع عائلات هؤلاء الطلبة على تدريس أبنائهم بالخارج”.
هاته العوامل، حسب كاتب دولة السابق المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي، “تساهم بشكل كبير في هجرة الطلبة المتميزين المغاربة إلى الخارج”.في سياق متصل، أورد المتحدث عينه أن “الدولة المغربية نهجت سياسة للحد من نسب هجرة الطلبة المتميزين، من خلال فتح المجال أمام إنشاء المؤسسات الشريكة (الجامعة الدولية بالرباط، الجامعة الأورومتوسطية بفاس..)، قصد تخصيص مجال جد متقدم للتكوين أمام الطلبة المغاربة، وهي سياسة ناجحة؛ لكنها غير كافية بتاتا”.
من بين الحلول التي يقترحها الصمدي لتجاوز الظاهرة هي “الرفع من نسب المنح بالتدريج إلى نسب 30 أو 40 في المائة، وتوجيهها إلى جميع الطلبة المتفوقين وليس حسب الاحتياجات الاجتماعية، إلى جانب خلق فرص للشغل أمامهم من خلال تخصيص تداريب ميدانية معمقة وتسهيل ولوجهم للمقاولات من أجل العمل، بالإضافة إلى الرفع من الأجور التي تبقى حاليا غير لافتة”.
قد يهمك ايضاً