الرئيسية » عالم الإعلام
"بي بي سي"

لندن - ماريا طبراني

قدّم مراسل "بي بي سي" السابق، آلان ليتل، محاضرة في جامعة سترلينغ تناول فيها أهمية الحفاظ على الشبكة التي كان يعملها فيها، موضحا أنه لم يكن من رجال الشركة لكنه كان رجل صحافة، وأضاف "لا أستطيع أن أسرد لكم البرامج والعروض التي تجلبها (بي بي سي) إلى منازلكم مثل Doctor Who وMasterChef وLive from the Proms وCBeebies وNewsnight وRadio 1 Breakfast  و Poetry Please.

وبيّن آلان "أن "بي بي سي" تعتبر قيمة فريدة لأنها "يمكنها تحديد شكل الخطاب في المجتمع، لأنها المكان الذى يمر به معظمنا من وقت إلى آخر، وربما نجد فيها بعض وجهات النظر التي لا تعجبنا ولكن علينا الاعتراف بحق الآخرين في الاختلاف لكنها تنقل وجهة نظرنا إلى العام".
وأبرز قوله "يعد الأمر أكثر إلحاحا مما كان عليه في أى وقت في حياتي ليس فقط لأن الشبكة تواجه حاليا مجموعة هائلة من أصحاب المصالح الذين يريدون تفكيكها ولكن أيضا لأنني أرى فيها هذه المثل المدنية العليا في تراجع رغم أنها كانت قوية يوما ما".

وأوضح "عندما كنت أعيش في موسكو في أواخر التسعينات كانت هذه المثل العليا مُبهجة، وكان ذلك قبل سحق روسيا لوجهات النظر المعارضة، وربما كان هذا متوقعا، وأعتقد أن التعددية تراجعت في الولايات المتحدة في البلد الذي يدين له الكثير في أنحاء العالم بحريته وخصوصًا أوروبا، وعند تجريد مبدأ الخدمة العامة من القنوات الإخبارية العامة فأنت تمنع بعض الأشياء عن السوق، وبالطبع سيخبرك السوق بنوعية الأخبار التي يريد منك بثها للجمهور، كما أن السوق يحدد شكل القصص الإخبارية التي تقدمها".

وأردف آلان "في أميركا يساعد تعميم النشرات الإخبارية الأرضية تحت ضغط هذه الضرورات التجارية في تحديد شكل صناعة الترفيه والأخبار التي يشاهدها الجمهور، وهناك حالة من التراجع للتعددية من قبل دوائر الرأي الكبرى، وتشاهد هذه الدوائر القنوات الإخبارية الخاصة".
ولفت إلى أن "الصحف تظل من أفضل الوسائل في العالم حيث تحتفظ بأشجع المحررين والمراسلين في العالم إلا أن معدل الاطلاع عليها يتراجع، وهناك الإذاعة الوطنية العامة والتي تحظى بجمهور ذات ولاء لها بالإضافة إلى كونه جمهور جاد، ولكنها لم تعد  تشكل الساحة العامة التي من يمر من خلالها الجمهور من أجل التعلم أو التسلية ويتعرض من خلالها إلى بعض الآراء التي يختلف معها، ولم تعد هذه المساحة العامة موجودة في الحوار الوطني بالنسبة لغالبية الناس حيث احتلت وسائل الإعلام هذه المساحة".

وأبرز "عندما أسمع نقاد (بي بي سي) يقولون إن خدمة البث العامة تقدم أشياء يمكن للسوق تقديمها مثل Radio 1 وStrictly Come Dancing وBake Off ولذلك يجب التوقف عن تقديم هذه العروض والاكتفاء بتقديم العروض التي لا يقدمها السوق، وحينها أنظر إلى الولايات المتحدة حيث تراجعت خدمة "الغيتو" التي تمثل خدمة البث العامة للجمهور، ويسمح نموذج "بي بي سي" إلى تضمين محتوى الخدمة العامة في البرامج الشعبية، مثل David Dimbleby وBruce Forsyth وLaura Kuenssberg وDot Cotton وGraham Norton وJeremy Bowen كجزء من الحزمة ذاتها".

واستكمل آلان حديثه "قال الراحل هيو ويلدون الذي تولى إدارة الشبكة بين عامي 1968 و1975 أن المهمة الفريدة لها تتمثل في جعل الأشياء الجيدة شعبية للجمهور وجعل الأشياء الشعبية جيدة، وأريد أن أدافع هنا عن فكرة أنك أثناء مشاهدة برنامج Strictly Come Dancing ربما تشاهد شيئا عن تنظيم داعش، وأثناء مشاهدة برنامج Albert Square  ستعرف لماذا تريد الحكومة إصلاح الاتحاد الأوروبي".

وبيّن "تعتبر وسائل الإعلام الاجتماعية هي السياق الجديد الذي يعمل من خلاله البث التقليدي، حيث تعد قوة متحررة ديمقراطية، وفي بروما اجتاحت مظاهرات ما قبل الديمقراطية البلاد في فترة الثمانينات وتم التعامل معها بوحشية من قبل الديكتاتورية العسكرية، ولكن لم يصل إطار التعامل مع هذه الأحداث بوحشية لأن النظام كان لديه سيطرة مطلقة على وسائل الاتصال، وعندما تكرر الأمر بعد 25 عاما، تمكن المتظاهرون من توصيل صوتهم خارج البلاد بشكل حاسم، وأثبتت وسائل الإعلام الاجتماعية في بريطانيا قدرتها على وضع السلطة في أيدي الشعب والمجتمعات المحلية التي لم تكن تملك أي سلطة ".
وصرّح آلان "ذهبت إلى ليفربول قريبا لرؤية قادة حملة العدالة من أجل 96 شخصًا ماتوا في هيلزبره، وشن القادة حملة لمدة سنوات لتأسيس ما حدث بالفعل وتسبب في مزيد من الوفيات، ولمدة عقود لم يحقق القادة أي إنجاز، ولكن عندما غرد ممثل كوميدى شهير في ليفربول متحدثا عن عريضة جذبت بضعة آلاف من التوقيعات، وفي خلال خمسة أيام تمكن من جمع مئات الآلاف من التوقيعات وكان ذلك كافيا لتحريك عملية  Whitehall والتي أدت إلى إطلاق وثائق من مكتب مجلس الوزراء والتي احتفظت بها الحكومات المتعاقبة سرا، والآن تمكنا من معرفة الكثير عما حدث، وتم محاسبة مرتكبي الأخطاء، ومن افتعلوا الأكاذيب لتغطية الحقيقة، ولم تحقق وسائل الإعلام الاجتماعية بمفردها ولكن كان هناك الدور الحيوي للمحاكم".

وذكر آلان "على مدار 25 عامًا من عملي كمراسل أجنبي كان التغيير التكنولوجي عاملا ثابتا، وعشنا في هذا الوقت مع الرأي القائل بأن وسائل الإعلام التقليدية تعتبر في الوقت الضائع، وأنه سيتم استبدالها بطرق جديدة للتواصل، والآن نحن جميعا نعمل في الإعلام ولكن لا يزال هناك حاجة إلى طائفة مهنية متميزة من الصحافيين لنقل الأخبار لصالح الجمهور".

وتابع آلان "قبل وسائل الإعلام الاجتماعية كان لدينا ثورة على مدار 24 ساعة، من خلال بث الأخبار في وقتها الحقيقي في التلفاز، وفي وقت حرب الخليج الثانية عام 2003 أجمع الكثيرون على أن هذا التطوير يمثل وفاة للنظام الإعلامي القديم، الذي يعتمد على النشرة القديمة التي تبدأ بأهم القصص على مدار اليوم، ويليها الأخبار الأقل أهمية، وفي المستقبل يمكن للناس فتح التلفاز أو أجهزة الكمبيوتر ومشاهدة الأحداث حية أثناء وقوعها، وأثناء غزو العراق حلقت الكاميرات الصغيرة عبر ميدان المعركة لنقل الأحداث في إطار مجال رؤيتها".

وذكر "علمت حينها أن هذا ليس المستقبل حيث كان الأمر محيرا للجمهور الذي لم يتمكن من مشاهده الصورة الأكبر للأحداث عند تركيز اهتمامه في إطار ضيق، حيث قٌدم للجمهور العام خلاصة ما حدث بواسطة مجموعة من الناس الذين كانوا محل ثقة، وتكرر هذا القلق عبر تاريخ البث التلفازي بواسطة كل تطور تكنولوجي جديد يحدث، وعند اختراع الراديو ظهرت الشبكة عبر الراديو في عام 1922، وحينها اضطربت الصحف بسبب اختراعه، وقيل أن هذا يعد وفاة للصحافة المطبوعة، وحينها ضغط أصحاب الصحف على (بي بي سي) للامتناع عن بث الأخبار في أي وقت خلال اليوم قبل الثامنة مساء".

واستطرد حديثه "وفي فترة الخمسينات حاول التقليديون في البث الإذاعي وقف التلفاز على أساس أنه سيدمر الراديو وسيؤدى إلى تهميش الأخبار، إلا أن الراديو نجح في التكيف مع الوضع القائم، وعملت النشرة الإخبارية التقليدية مع حقيقة بث الأخبار على مدار 24 ساعة، وأدى صعود وسائل الإعلام الاجتماعية إلى جعل وسائل البث التقليدية ضرورية أكثر من أي وقت مضى، ورغم أن وسائل الإعلام الاجتماعية تعد أداة ديمقراطية متحررة لكنها تساعدنا في تلقي صدى وجهة نظرنا للعالم، ويمنحنا هذا القدرة على تبادل الخبرات والمعلومات والأدلة والآراء على مستوى العالم مع هؤلاء الذين يرغبون في التواصل معنا والاستماع إلينا".

وتابع آلان "أريد أن نمر أثناء مشاهدة برنامج Strictly Come Dancing  أو Downto Abbey وسمعت من يقول إن الشبكة كانت منحازة أثناء حملة الاستفتاء على الاستقلال، وهناك نقاش ساخن جدا أحيانا داخل الشبكة حول كيفية تعاملنا مع هذه الأسئلة الأساسية، وكنت جزء من هذا النقاش، والحقيقة أن السؤال لم يكن ثنائي الإجابة بنعم أو لا حيث ضمت معظم الأسر في إسكتلندا من قال نعم ومن قال لا، وشعر الأفراد أنفسهم بالولاء للطرفين فيما يخص حياتهم المدنية والمؤسسات الديمقراطية أيضا".

واختتم حديثه بالقول "عندما تُقارن (بي بي سي) بالنازيين أفكر في هؤلاء الناس الذين أعرفهم وعاشوا في الدول البوليسية وأشعر بنوع من التقليل من قدر ما يمثلونه للعالم وما ناضلوا من أجله والمخاطر التي مروا بها وكفاحهم للفوز من أجل بلادهم، وهو ما أخذناه نحن على سبيل المنح، بالإضافة إلى ذلك أفكر في قيمة الشك في الخطاب السياسي وقيمة الثقافة المدنية التي تعد موضع اشتباه دائما، وكيفية الحفاظ على هذا المكان في حياتنا المدنية بحيث نرى العالم كما يراه الآخرون.

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

صحف إسرائيلية تصف 7 أكتوبر بـ"أحلك يوم في تاريخ…
إطلاق خدمة الاشتراكات المدفوعة على المواقع الإلكترونية لشبكة "السي…
المغرب يُعلن عن انطلاق الدورة ال 22 للجائزة الوطنية…
قناة "الشرق الوثائقية" بمرور عام على انطلاقها محققةً نجاحات…
وزارة الداخلية العراقية ترد على أنباء اغتيال إعلامية في…

اخر الاخبار

الحكومة المغربية تُعزز قطاع الدفاع الوطني بإعفاءات ضريبية جديدة
بوريطة يُؤكد أن وزارة الخارجية ساهمت في تطور التجارة…
اتهام موظف أميركي بتسريب خطط إسرائيل لضرب إيران
مجلس النواب المغربي يكشف عن أسماء البرلمانيين المتغيبين بدون…

فن وموسيقى

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يُكرّم "الفتى الوسيم" أحمد عز…
هيفاء وهبي تعود إلى دراما رمضان بعد غياب 6 سنوات وتنتظر…
المغربية بسمة بوسيل تُشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة التي تستعد…
كاظم الساهر يتألق في مهرجان الغناء بالفصحى ويقدم ليلة…

أخبار النجوم

محمود حميدة يكشف تفاصيل شخصية "ياسين" في مسلسل موعد…
إسعاد يونس تُعرب عن سعادتها البالغة بعودتها للمسرح
هاني سلامة وياسمين رئيس يجتمعان مجدداً بعد غياب 12…
محمد هنيدي يُعلن دخوله منافسات دراما رمضان 2025 بمسلسل…

رياضة

محمد صلاح على رأس قائمة جوائز جلوب سوكر 2024
الهلال⁩ السعودي يتجاوز مانشستر يونايتد في تصنيف أندية العالم
إصابة في الرباط الصليبي تبعد إلياس أخوماش عن الملاعب…
المغربي ياسين بونو بين كبار اللعبة بمتحف أساطير كرة…

صحة وتغذية

نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية
الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء…
هل تختلف ساعات نوم الأطفال عند تغيير التوقيت بين…
أدوية علاج لمرض السكري قد تُقلل خطر الإصابة بحصوات…

الأخبار الأكثر قراءة

المغرب يُعلن عن انطلاق الدورة ال 22 للجائزة الوطنية…
قناة "الشرق الوثائقية" بمرور عام على انطلاقها محققةً نجاحات…
وزارة الداخلية العراقية ترد على أنباء اغتيال إعلامية في…
"ميتا" المالكة لـ"إنستغرام" تستعد لإلغاء "حسابات المراهقين" لصالح الأباء
اللجنة المؤقتة للصحافة في المغرب تُطالب بالتحقيق في تصريحات…