لندن ـ ماريا طبراني
رفض قطاع الصحافة في بريطانيا وعلى رأسه المؤسسات الخمس الرائدة في عالم الصحافة خطط رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لقانون الصحافة، وتقدمت بمقترح خاص بها أعدته لإنشاء كيان مدعوم بالميثاق الملكي للصحافة.
جاء ذلك في بيان مشترك أصدرته المؤسسات الصحافية: المؤسسة التي تنشر صحيفة "صن" الإنكليزية "نيوز إنترناشونال"، "تليغراف ميديا غروب"، مالكة "ديلي ميل" "أوسشيتد نيوزبايبرز
"، "ترينتي ميرور" و"إكسبريس نيوزبايبرز"، بخصوص المخططات التي أعلن عنها كاميرون حديثًا.
ودانت "هاكد أوف Hacked Off"، الجماعة المسؤولة عن الحملة المسؤولة عن المطالبة بحقوق ضحايا الصحافة، التحرك الذي أقدمت عليه المؤسسات الصحافية الكبرى.
كما وصف المسؤول عن الحملة إيفان هاريس البيان بأنه "حاد للغاية"، وصادر من أُناس اعتادوا على أن يكون لهم أسلوبهم الخاص، ولا يُفرض عليهم شيء.
وأضاف أنه لن يتم فتح باب النقاش بشأن الميثاق الصحافي الملكي الذي اعتمده البرلمان بناءً على طلب روبرت مردوخ، مالك "نيوز إنترناشونال"، ديسموند، مالك "إكسبريس" وديلي ساتر أو بول داكر، محرر "ديلي ميل".
على الجانب الآخر، دعمت جمعية الصحف البريطانية، التي تمثل أربع مؤسسات صحافية كبرى في بريطانيا مخططات كاميرون لقانون الصحافة، والتي استندت إلى مقترح ميثاق الصحافة الذي اعتمدته الحكومة في الثاني عشر من شباط/ فبراير الماضي.
كما وصفت الجمعية مخططات كاميرون التي تستهدف إصدار قانون جديد للصحافة بأنها قابلة للتطبيق، عملية، وتعمل على التنفيذ الفوري لتوصيات ليفنسون.
كما أشارت الجمعية إلى أن تلك المخططات مقبولة من جنب الصحف البريطانية، حيث تخلو من أي قوانين تفرض وصاية حكومية على حرية التعبير عن الرأي.
كما أكد مصدر في جمعية الصحف البريطانية أن المخططات التي أعلنها كاميرون توفر حلًا للأزمة الراهنة بين أطراف عدة بخصوص قانون الصحافة، وأنه لم يكن هناك في تلك المخططات ما خفي على "غارديان"، و"فاينانشال تايمز" عندما كانت الأطراف المعنية بصدد الحوار بشأنها، بل كانت تلك الصحف هي التي لم تسع إلى المشاركة في الحوار الذي أسفر عن الإعلان عن مخططات الحكومة، الخميس الماضي.
كما صرح الرئيس التنفيذي لـ"أسوشيتد نيوزبايبرز"، لبرنامج العالم في الواحدة على إذاعة "بي بي سي 4"، بأنه تحدث لكتاب في "غارديان" و"فاينانشال تايمز" وتوصل معهم إلى أنه لا بد من إلقاء الكرة في ملعب الحكومة، إلا أنه أكد في الوقت نفسه على أن أي من هؤلاء الكتاب والصحافيين الذين تحدث إليهم لم يقم بالتطرق إلى التفاصيل.
وصرح ناطق باسم "ذي ميرور" بأن مؤسسته تدعم مقترح إنشاء الكيان الذي يستند إلى الميثاق الملكي للصحافة ،الذي تقدمت به كبرى المؤسسات الصحافية البريطانية.
وصرح الكاتب في "إندبندنت" كريس بلاكهيرست فلم يعترض على المقترح على الإطلاق، وأنه يقبل بفكرة صياغة مقترح ميثاق صحافي منافس للميثاق المعتمد من الحكومة.
وأشار إلى أنه أوضح منذ البداية، منذ تعيين ليفنسون، إلى أنه لا بد من التوصل إلى نظام يرضي السياسيين، لأنهم هم من سيقرون ميثاق العمل الصحافي، مع مراعاة ضرورة أن يوفر هذا النظام الاستقلالية الكاملة للصحافة أيًا كان القانون الذي يتم إصداره استنادًا إلى الكلمة التي أكد عليها ليفنسون "قانون مستقل ذاتي التطبيق"، مؤكدًا على أن غياب الاستقلالية ولو بنسبة لن يكون مقبولاً على الإطلاق.
أما المدير التنفيذي السابق لـ"نيوز إنترناشونال" ليز هينتون فقد دونت على حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أنه لا بد من احترام ما يتوصل إليه البرلمان من قرارات أيًا كانت، إلا أنه من الواضح أنه أمر جلل الذي يجعل جميع المؤسسات الصحافية التي أعدت المقترح المشار إليه تتوافق على رأي واحد مع أنها تتنافس طوال الوقت.
وفي ما يتعلق بموقف الحكومة من مقترح صياغة ميثاق صحافي منافس لمقترح الحكومة، صرحت مصادر رسمية بأنه موقف مفاجئ من جانب الصحف والمؤسسات الصحافية التي تقدمت بالمقترح، حيث تم التوصل إلى اتفاق بين جميع الأحزاب المكونة للائتلاف الحاكم، حزب "المحافظين"، حزب "العمال" وحزب "الديمقراطيين الأحرار" على مخططات رئيس الوزراء.
كما صرح ناطق باسم وزارة الثقافة البريطانية بأنه لا بد من عرض مقترح الميثاق المقدم من جانب المؤسسات الصحافية الخمس الأكبر في بريطانيا على أمانة رئاسة الوزراء لحل الأزمة، حيث تم التوصل بالفعل إلى مقترح ميثاق للعمل الصحافي نال موافقة جميع الأحزاب السياسية.
وأضاف أن الحكومة تريد التوصل إلى قانون مستقل ذاتي التطبيق بسرعة يتسم بالصرامة والإلزام للجميع في عالم الصحافة.
وأكد الناطق الرسمي باسم وزارة الثقافة أن المقترح الذي اعتمدته الحكومة تم إعلانه في 18 آذار/ مارس بعد 21 أسبوعًا من المناقشة بين جميع الألحزاب السياسية التي توافقت عليه جميعًا.
أما وزير الثقافة والإعلام والرياضة في حكومة الظل هاريت هامان فقد أكد أن هذا المقترح المقدم من حكومة كاميرون يتوافق مع ما أقرته توصيات اللورد ليفنسون، وأنه تمت الموافقة عليه بالإجماع من جانب مجلس الشورى، بالإضافة إلى نيله غالبية الأصوات في مجلس اللوردات، وهو ما يجب ان يُترجم على الفور في شكل تنفيذ للمقترح، وإقراره ليكون قانونًا ملزمًا لجميع المؤسسات الصحافية.
جدير بالذكر أنه بموجب المخططات التي تستهدف التوصل إلى قانون مستقل ذاتي التطبيق للصحافة، يمكن للحكومة تعطيل الميثاق الملكي للعمل الصحافي حتى يتم البت في أي من المخالفات النظامية التي قد ترتكبها أي من الصحف في بريطانيا، مثل الانتهاكات التي شهدت البلاد بعضًا منها لحقوق الأفراد والجماعات، والتي كان من بين أبرزها فضيحة التنصت على هواتف بعض المواطنيين العاديين والشخصيات العامة في البلاد. ومع ذلك، تم استبدال هذا النص بضرورة تطبيق حظر ثلاثي على الصحيفة التي تقدم على مثل هذه الانتهاكات بهدف محاسبتها، وهو ما يحقق التركيز على الجانب المهني من هذه الصناعة.
كما ينص المقترح الحكومي على أنه لا يمكن تعديل أو تعطيل ميثاق العمل الصحافي إلا بعد الحصول على موافقة بالإجماع من جانب لجنة الإقرار المستقلة، التي تخطط الحكومة لتشكيلها لتتولى مسؤولية مراجعة أداء المشرع الصحافي بصفة دورية كل ثلاث سنوات.
كما يقضي المقترح الجديد أن يتم الحصول على موافقة بالإجماع من جانب المسؤولين عن الجهة التشريعية الجديدة المقرر إنشاؤها بموجب المقترح الجديد، بالإضافة إلى موافقة بالإجماع من جانب الأجهزة الأساسية الأربعة للصحافة هي جمعية الصحف البريطانية، جمعية ناشري الصحف، جمعية ناشري الدوريات وجمعية الصحف الأسكتلندية، ذلك قبل اتخاذ القرار بتعطيل أو وقف العمل ميثاق العمل الصحافي.
وكان بعض الناشرين قد هددوا بمقاطعة الاتفاق الذي توصل إليه الأحزاب الثلاثة المكونة للائتلاف الحاكم والجماعة الصحافية "هاكد أوف" يوم 18 آذار/ مارس الماضي، مبررين التهديد بالمقاطعة بأنهم يرون أن دعم الميثاق الملكي للعمل الصحافي بقانون جديد من ِأنه أن ينهي عصر حرية الصحافة الذي استمر لثلاثة قرون من دون المساس به.
يُذكر أيضًا أنه منذ التوصل إلى الاتفاق بالإجماع بين أحزاب الائتلاف الحاكم وعرض مخططات القانون الجديد للمناقشة بين الأطراف المعنية من الحكومة وقطاع الصحافة، وموافقة مجلس الشورى بالإجماع على هذه المخططات، وموافقة غالبية مجلس اللوردات عليه، والتوافق بين تلك المخططات وتوصيات اللورد ليفنسون، والحكومة تتعرض إلى ضغوط شديدة لإثنائها عن المُضي قُدُمًا في اعتماد هذه المخططات، وهي الضغوط التي وصلت إلى حد إعلان بعض المؤسسات الصحافية الكبرى أنها تعد لصياغة ميثاق منافس للعمل الصحافي، بالإضافة إلى التهديد بمقاطعة ما تم الاتفاق عليه بين الأطراف المعنية، علاوةً على ظهور بعض الأصوات المتوازنة التي رجحت ضرورة إمهال المؤسسات الصحافية عامًا على الأقل حتى تضبط أعمالها وسياسات النشر الخاصة بها لتتوافق مع القانون الجديد.
وأخيرًا، أشار بعض المتمرسون في عالم الصحافة بتأجيل اعتماد المخططات الحكومية لمدة شهر على الأقل للدراسة المتأنية.