لندن ـ المغرب اليوم
استطاعت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" تقديم تغطية إخبارية حية وفريدة لإطلاق مشورع قطار الأنفاق الجديد في لندن، ووصف أحد الخبراء الإنجليز مشروع قطار الأنفاق الجديد في لندن، والذي يقترب من مراحلة النهائية، بأنه "أحد مشاريع البناء العملاقة المفصلية من التي تمرّ كل مائة عام في تاريخ المدن"، إذ إن هذا المشروع ليس فقط الأكثر كلفة والأضخم حجمًا في القارة الأوروبية اليوم (تقدر كلفته بـ15 بليون جنيه إسترليني)، فهو أيضًا أشدها تعقيدًا وصعوبة، فبينما تستمر الحياة اليومية على سجيتها في المدينة العملاقة، هناك ورشة عملاقة تحت الأرض، يعمل فيها نحو مائة ألف عامل، وتتشابك وتتفرع، ليبلغ الطول الإجمالي لسكة القطار الجديد 120 كيلومترًا.
فلا يفوت التلفزيون هذه الفرصة الفريدة لتسجيل مراحل تنفيذ مشروع سيغير إلى حدود كبيرة انسيابية الحركة في مدينة مزدحمة مثل لندن، إذ إن الكاميرات التلفزيونية رافقت كل مراحل تنفيذ مشروع القطار الجديد والذي يحمل اسم "كروسريل". فإلى جانب التغطيات الإخبارية التي قدمت في السنوات القليلة الماضية للمشروع، وصل أخيرًا أول برنامج تسجيلي ضخم عنه، يعرض الآن على الشاشة الثانية لـ "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي)، ويحمل عنوان "سكة الحديد بـ15 بليون جنيه".
ففي أجواء احتفالية ملهمة يعرض البرنامج الجديد الوجوه العديدة للمشروع، والذي سيجعل من الممكن خلال ثلاث سنوات فقط الانتقال من مطار هيثرو إلى مركز لندن في 25 دقيقة فقط، بدل الساعة وعشر دقائق التي تأخذها الرحلة اليوم، إضافة إلى ما سيوفره من خيارات جديدة وسريعة للتنقل على طول العاصمة البريطانية. فالحلقة الأولى من البرنامج تبدأ بإحدى مديراته والتي أشرفت في الماضي على عمليات بناء بنايات لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، وهي تنتظر مع زملائها وصول آلة الحفر العملاقة إلى ما سيكون محطة كبيرة لنقل المسافرين.
ولأن المشروع ليس له شبيه على الصعيد العالمي، يتوجب على القائمين عليه إيجاد حلول لمشاكل بناء معقدة جدًا، كما أن عليهم المحافظة على عمران المدينة القديمة من اي ضرر بفعل عمليات البناء الضخمة تحت الأرض، وعدم إرباك حركة سكانها في شكل كبير، ومراعاة ضعف التربة في بعض مناطق لندن، وإلى جانب كل ذلك التزام جدول زمني صارم لتسليم المشروع. ويختار البرنامج التسجيلي أن يركز الانتباه على قضايا مثيرة صادفت المشروع، مثل مرور سكة القطار الجديد تحت أهم مسرح للموسيقى الكلاسيكية في لندن، وما يترتب على ذلك من تعديل خطط البناء حتى لا يزعج صوت القطار في المستقبل جمهور ذلك المسرح. تستخدم لهذا الغرض سكة ومواد بناء خاصة ومكلفة جدًا، كما تخصص إدارة المشروع فريق تقني خاص لبناء جزء السكة الذي يقع تحت المسرح، وعندما ينتهي هؤلاء من عملهم، سيبتسم المهندس الشاب المسؤول للكاميرا، ويؤكد بثقة كبيرة أن لا شيء سيعكر استماع الموسيقى في القاعة فوقه.
ولن يفوت خبراء التاريخ فرصة الحفر في أعماق تربة لندن لإجراء تحريات وبحوث في تاريخ المدينة الذي يصل إلى 2000 عام. إذ يبدأ فريق كبير يرتبط بإحدى الجامعات البريطانية بحثه مع بداية مشروع البناء، وسيعاين الحفريات التي تقوم بها الآلات العملاقة بحثًا عن آثار قديمة، وهذه ستكون موجودة في كل مكان تقريبًا في المدينة القديمة، إذ يظهر البرنامج تعثر الفريق البحثي بهياكل عظمية وجدران من المرحلة الرومانية.
ويستفيد البرنامج الجديد من تقنيات التصوير الحديثة، بخاصة إمكان التصوير من الجو عبر طائرات الدرون، والتي ستلتقط مشاهد رائعة من داخل الحفر والأنفاق الطويلة، كما ستركب كاميرات صغيرة على آلات عملاقة، لتصور من زوايا فريدة مراحل بناء مشروع غير مسبوق على كل المقاييس. في حين يشرح الغرافيك المتقدم والمفصل تفاصيل من المشروع، ويرسم صورة ما سيكون عليه بعد الانتهاء منه، وخصوصًا لمحطات قطار الأنفاق الجديدة التي ستظهر قريبًا في أماكن عدة من لندن.