الدار البيضاء ـ جميلة عمر
أكد مشاركون في لقاء نظم، اليوم الثلاثاء، في الرباط، على ضرورة مراعاة وسائل الإعلام السمعية والبصرية، أثناء تغطيتها المساطر القضائية، المبادئ والمقتضيات القانونية الضامنة لشروط المحاكمة العادلة والمتعلقة بكرامة الانسان، وخصوصا مبدأ قرينة البراءة وسرية التحقيق وما يترتب عنهودعا المشاركون، وهم مسؤولون حكوميون وحقوقيون وقضائيون وأمنيون وإعلاميون، خلال هذا اللقاء الذي نظمته الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري حول موضوع "احترام مبدأ قرينة البراءة والمساطر القضائية في الخدمات السمعية البصرية"، إلى ضرورة وضع إطار قانوني موحد للتغطية الإعلامية للمساطر القضائية يحقق التوازن المطلوب بين حرية التعبير ومتطلبات سير العدالة، خاصة احترام قرينة البراءة والحياة الخاصة للأفراد
ووقف المشاركون على الأدوار والوظائف المناطة بمتعهدي الاتصال السمعي البصري للمساهمة في ترسيخ ثقافة حقوق الانسان من زاوية احترام مبدأ قرينة البراءة والحق في الحياة الخاصة مع التركيز على طبيعة الصعوبات التي تعترضهم وسبل التعاون بينهم وبين باقي الأطراف المعنية
وفي هذا السياق، أكدت رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري ، السيدة أمينة لمريني الوهابي في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء ، أن مبدأ احترام قرينة البراءة وتغطية المساطر القضائية في الخدمات السمعية البصرية، يعد أحد الأوراش التي انكبت عليها الهيئة منذ إحداثها حيث اعتمدت كمدخل في الاشتغال على هذا الورش ، موضوع الكرامة الانسانية كإحدى مكونات النظام العام باعتبار السهر على احترامها وصيانتها من طرف وسائل الاعلام السمعية البصرية جزءا من المسؤولية المناطة بهم طبقا للنصوص القانونية الجاري بها العمل ، دون أن يشكل ذلك مسا بحريتها التحريرية التي تشكل اساس الممارسة الإعلامية وقاعدة لضمان الحق في الإعلام
وأبرزت السيد لمريني أن التحدي الذي يواجه المعنيين بموضوع مبدأ احترام قرينة البراءة وتغطية المساطر القضائية في الخدمات السمعية البصرية وامتداداته على مستوى الممارسة ، يتمثل في كيفية جعل القضاء والإعلام شريكين في الدفاع عن قيم حقوق الانسان في ترابطها
ومن جانبه، تطرق وزير العدل السيد محمد أوجار إلى بعض الاخلالات التي تم تسجيلها سواء في إطار الإعلام المرئي أو المكتوب ، بشأن التغطية الإعلامية للمساطر القضائية، والتي تم رصدها من طرف الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري ، ووزارة العدل من خلال بعض الشكاوي التي تتوصل بها في هذا الإطار من متضررين خاصة من فئة السجناء ، وتتعلق على الخصوص بعدم احترام قرينة البراءة، والمس بسرية البحث والتحقيق ونشر صور وأسماء بعض
المشتبه فيهم واستعمال عبارات غير سليمة من الناحية القانونية تمس بالأفراد ، وتناول قضايا ما زالت معروضة على القضاء لم تصدر بعد بشأنها أحكام نهائية ، وعدم الاكتفاء بنقل البلاغات الصادرة عن بعض الجهات والعمل على تحليلها وشرحها مما قد يخرجها عن المقصود منها
وأبرز السيد أوجار أنه إلى جانب وضع إطار قانوني موحد ناظم لضوابط التغطية الإعلامية للمساطر القضائية ،فإن تحقيق التوازن المطلوب يقتضي تكثيف الجهود من طرف المؤسسات والأجهزة المكلفة بالمراقبة والضبط وكذا من طرف متعهدي خدمات الاتصال السمعي البصري في إطار مقاربة تروم السهر على ضمان حرية ممارسة الإعلام في احترام تام للضوابط القانونية والأخلاقية المؤطرة له
من جانبه، اعتبر وزير الاتصال والثقافة السيد محمد الأعرج ، أن موضوع مبدأ احترام قرينة البراءة ، يطرح إشكالية جوهرية ورئيسية تتعلق أساسا بالتوفيق بين ثلاث إشكاليات ، تتعلق الأولى بالتطورات النوعية التي لها علاقة بالإعلام والمكتسبات ذات الصلة بحرية التعبير واستقلالية الاعلام، وتهم الثانية مجال الحقوق والحريات العامة والضمانات التي تدخل في إطار قرينة البراءة، فيما ترتبط الاشكالية الثالثة بمدى مواكبة المقتضيات القانونية المتعلقة بالمساطر الجنائية
وذكر الوزير بالترسانة القانونية المنظمة لقطاع السمعي البصري خاصة الجانب المتعلق بالنهوض بممارسة حرية الاتصال السمعي البصري وضمان حرية التعبير الفردية والجماعية والالتزام بأخلاقيات مهنة واحترام حقوق الإنسان بما تحمله من احترام لكرامة الإنسان وللحياة الخاصة للمواطنين، وللتعددية الفكرية ولمبادئ الديمقراطية ، وبدفاتر تحملات الشركات الوطنية للاتصال السمعي البصري (المادة 184 من دفتر تحملات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وخاصة المادة 53 من دفتر تحملات شركة صورياد القناة الثانية) التي تنص على مبدأ عدم المساس بالكرامة الإنسانية التي تشكل إحدى مكونات النظام العام
أما الامين العام للمجلس الوطني لحقوق الانسان السيد محمد الصبار ، فاعتبر أن بعض الخدمات السمعية البصرية وبعض وسائل الإعلام "يعميها" السبق الصحفي وهاجس إثارة الجمهور عن الحرص على احترام مبدأ قرينة البراءة وسرية التحقيق ، حيث تعمد إلى نشر اسماء بعض الاشخاص أو تتناول وقائع ترتبط بهم بل وعرض صورهم أو صور ضحاياهم، مما يشكل انتهاكا فادحا لمبدأ قرينة البراءة ومسا خطيرا بسمعة الاشخاص والاسر والجناة المفترضين والضحايا على حد سواء
وأضاف أن احترام مبدأ قرينة البراءة ، الذي يعد مبدأ دستوريا ومن المبادئ الاساسية للمحاكمات، لا يعني أو يلزم القضاة والمحكمة وحدهما بل يهم المجتمع بكامله بمختلف مؤسساته ومكوناته ووسائل إعلامه، وبالتالي فإنه لا ينفصل عن قواعد احترام الحياة الخاصة وعن حماية المعطيات الشخصية وعن مستلزمات حفظ حرمة الاشخاص وسمعتهم من جهة ، وعن مستلزمات اتخاذ المسافة اللازمة مع العمل القضائي وتفادي كل تدخل في شؤونه أو التأثير عليه أو المس باستقلاليته من جهة أخرى
وستتوج أشغال هذا اللقاء بتوصيات تروم وضع إطار قانوني موحد يحدد ضوابط التغطية الإعلامية للمساطر القضائية مع احترام المكتسبات ذات الصلة بحرية التعبير واستقلالية الاعلام.