موسكو - حسن عمارة
نشر بعض الجنود الروس المشاركين في عمليات الجيش السوري، صورًا لهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي سرعان ما تمت إزالتها، تثبت تورط موسكو في الحرب الأهلية السورية بأعداد كبيرة من القوات العسكرية، فضلًا عن الأسلحة والذخائر.
ومن المتوقع أن تثير هذه الصور حفيظة القادة الغربيين الذين دعوا إلى إنهاء حكم الرئيس الأسد بسبب الحرب الأهلية المستمرة منذ 4 أعوام ونصف ودمرت البلاد، وأجبرت نحو 4 ملايين شخص على الفرار من منازلهم والذي بدوره أسفر عن تمدد تنظيم "داعش" المتطرف.
ونشرت إحدى الصور هذا الأسبوع بواسطة إيفان ستريبكوف (19عامًا) الذي يخدم في لواء البحرية ومقره في بالتييسك على ساحل بحر البلطيق الروسي، وظهر في الصورة 4 جنود مدججين بالسلاح في ميناء طرطوس السوري، كما شوهدت القوات الروسية في أماكن أخرى في البلاد التي مزقتها الحرب، والتقطت هذه الصورة منذ نيسان/ أبريل ما يشير إلى تراكم وجود القوات الروسية منذ فترة.
وأظهرت صورة أخرى تسعة جنود روس يحيطون بالنيران في أحد مباني حمص على بعد 60 ميلًا من ميناء طرطوس البحري، كما نشرت صورة من قبل أليكسي خاباروف، أظهرت جنديًا روسيا يرتدي غطاء رأس عربي في حماة على بعد 90 ميلًا من طرطوس.
ونشرت صورة أخرى بواسطة سيرجي ألكسندروف في 27 تموز/ يوليو يظهر فيها جندي روسي في خندق في حلب في شمال سورية على بعد 150 ميلًا من طرطوس، فضلا عن صورة نشرها سيرجي بورودا الشهر الماضي تظهر مقاتلًا ملتحيًا في مخيم عسكري في منطقة "الصودا" التي تقع على بعد 10 أميال شمال شرق طرطوس.
وكشفت صورة أخرى نشرت بواسطة نيكولاي كازاكوف جنودًا يصلون إلى سورية في نيسان/ أبريل وذلك قبل وقت طويل من القلق الذي دفع وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى تحدي معارضيه بشأن وجود القوات الروسية في سورية، كما أوضحت صورة أخرى من دون تاريخ اثنين من الجنود الروس يقفون بجوار ملصق للرئيسين الأسد وبوتين.
وعلى الرغم من تزويد روسيا دمشق بالأسلحة إلا أنا مرفأ طرطوس البحري غير مصمم كقاعدة عسكرية ولم يكن لموسكو وجود عسكري كبير في سورية في وقت سابق، وعلى الرغم من ذلك هناك مزاعم بزيادة عدد الزيارات إلى طرطوس من سفينة الإنزال "نيكولاي فلينشنكوف" وسفن بحرية روسية أخرى.
وصورت السفينة في 2 أيلول/ سبتمبر الجاري، ويعتقد أنها كانت تحمل معدات من اللواء 180 البحري المتمركز في "
"سيفاستوبول" في شبه جزيرة القرم، وكتب أحد أفراد لواء البحرية مشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي جاء فيها "الذهاب إلى سورية".
وضبطت هذه الصور من خلال النقاد الذين يدعون أن بوتين اتخذ قرارا بتعزيز وجود روسيا العسكري في سورية لدعم الرئيس الأسد، وتشير الصور إلى وجود القوات الروسية في سورية منذ شهر نيسان/ أبريل على الأقل.
وجمّع المدون نيكولاي ماخنو مجموعة من الصور من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي للجنود الروس الذين يخدمون في سورية، قائلًا: "نفى السكرتير الصحافي للرئيس الروسي دميتري بيسكوف تقارير وسائل الإعلام الغربية حول مشاركة الجيش الروسي في القتال في سورية، وفي الوقت نفسه تؤكد صور الجنود الروس تواجدهم في سورية للقتال من أجل الأسد، ولا يقتصر الأمر على المدربين فقط ولكن هناك مجموعات كاملة من القوات الخاصة ومشاة البحرية".
وأضاف ماخنو: "يأتي معظمهم عبر طرطوس ويمكن رؤيتهم أيضا في حمص واللاذقية والسودة والسلامية وغيرها، وتخدم بعض وحدات الجيش في سورية لمدة تتراوح بين 4 إلى 6 أشهر وأحيانا يرتدون أقنعة مثل العرب"، وشبّه المدون الوضع في سورية بنشر القوات الروسية في شرق أوكرانيا وهو ما نفته موسكو بحزم من قبل.
وتابع: "ستحاول أسر الجنود الروس معرفة أين يقضي أزواجهن العطلات في أوكرانيا أم سورية"، ولا تثبت الصور أن القوات الروسية تشارك مباشرة في القتال لكنها تشير إلى وجود القوات في عدد من المواقع في سورية.
وأظهر مقطع فيديو صوّر في 23 آب/ أغسطس خلال معركة ميناء اللاذقية مركبة 82A روسية الصنع تحمل أرقام روسية ومدفع 2A72 30 مللي، ويقال إنه سُمع كلمات روسية في الفيديو، حيث زعمت محطة راديو Echo Moscow سماع كلمات مثل "دعونا نفعلها مرة أخرى".
وأشار التقرير إلى أن الطاقم الناطق باللغة الروسية الذي ظهر في المركبة القتالية كان يسعى إلى منع سقوط اللاذقية في يد خصوم الأسد، ويعد المطار الدولي هناك بمثابة قاعدة عسكرية وإذا فقد الأسد اللاذقية فإنه سيفقد السيطرة على هذه القاعدة الجوية القريبة من طرطوس أيضا.
وتفيد التقارير الأخيرة التي تنقل تصريحات عن مسؤولين في الاستخبارات الأمريكية أن روسيا أقامت برج مراقبة للتحكم في الحركة الجوية ونقل ما يقرب من 1000 فرد إلى وحدات سكنية جاهزة من خلال مطار يخدم اللاذقية.
ويظهر في الصور جندي يدعى فيدو شماكتو وهو يخدم في سورية منذ شهر نيسان/ أبريل، لكنه غيّر لاحقا حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي إلى اسم Denis Smoldyrev ومسح الصور التي لها علاقة بسورية، بينما مسح جندي آخر يدعى Nikita Saveliev والذي ظهر في إحدى الصور شاهرا بندقيته كلاشينكوف عبر حسابه على Vkontakte وهي شبكة اجتماعية روسية.
وأوضح خبراء موسكو أن انخراط بوتين في قتال سري كما حدث في أوكرانيا ربما يأتي بنتائج عكسية، وقال نيكولاي كوزانوف من مركز كارنيغي في موسكو لجريدة موسكو تايمز: "بعد العملية السوفيتية في أفغانستان أصبح لدى الرأي العام بعض الأفكار المسبقة ضد إرسال قوات للقتال من أجل المُثل العليا التي تعد دخيلة علينا".
وأعرب كيري عن مخاوفه من تعزيز التواجد الروسي في سورية، وردت المتحدثة الروسية باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا عليه قائلة: "لم يخفي الجانب الروسي حقيقة إرسال معدات عسكرية إلى السلطات السورية لمساعدتها في مكافحة الإرهاب".
وأشار بوتين إلى أنه من السابق لأوانه الحديث عن مشاركة روسيا في العمليات العسكرية ضد تنظيم "داعش"، وزعم في وقت سابق من هذا الشهر بأن الرئيس الأسد على استعداد لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة ويمكنه تقاسم السلطة مع المعارضة الصحية على حد وصفه.
وذكر بوتين للصحافيين في المنتدى الاقتصادي الشرقي الأسبوع الماضي: "نريد حقا خلق تحالف دولي لمكافحة الإرهاب والتطرف"، مشيرا إلى أنه تحدث مع الرئيس الأميركي باراك أوباما بشأن هذه المسألة.
وأضاف بوتين: "نعمل مع شركائنا في سورية، وبشكل عام يجب أن يتم توحيد الجهود لمكافحة الإرهاب بالتوازي مع بعض العمليات السياسية في سورية نفسها، ويوافق الرئيس السوري على إجراء انتخابات برلمانية مبكرة والتواصل مع المعارضة الصحية وتقاسم الحكم معهم".