أبوغا ـ سمير اليحياوي
شهدت الانتخابات التي طال انتظارها في نيجيريا، أسوأ الأوقات في تاريخ الديمقراطية، أمس السبت، إثر هجمات على المصوتين في الانتخابات وإطلاق النار عليهم، فضلًا عن فضيحة تكنولوجية استثنت الرئيس الحالي للبلاد من قائمة المرشحين.
ولم تنزل نيجيريا التي شارك في انتخاباتها معدل 60 مليون ناخب، إلى الفوضى والعنف كما توقع المتشائمون؛ لكنها سلكت طريقًا مغايرًا بعدما رفض جهاز تشغيل الناخبين تسجيل الرئيس الحالي للبلاد جودلاك جوناثان لوجود خلل استمر إلى ما بعد الظهر، الأمر الذي دفع لجنة الانتخابات إلى تأجيل التصويت في بعض المناطق إلى يومٍ ثانِ.
ويواجه الرئيس جوناثان (57عامًا) تحديًا غير مسبوق من محمد بوخاري (72 عامًا) في الانتخابات الأكثر اشتعالا في تاريخ نيجيريا، إذ وُجّهت انتقادات له لفشله في السيطرة على الأمن أو تنمية الاقتصاد، في الوقت الذي ينافس فيه بوخاري الذي حكم كديكتاتور عسكري من قبل، إذ يرى المحللون أنَّ المنافسة تدفع الناخبين للاختيار بين قائد ضعيف جدا، وآخر قوي جدا.
كما هدّدت في شمال شرقي نيجيريا، الجماعة المتطرفة "بوكو حرام" بتعطيل الاقتراع، وتسببت في قتل أربعة عشر مواطنًا، بما في ذلك سياسي معارض، في ثلاث هجمات منفصلة على مراكز الاقتراع.
وأكد مسؤول نيجيري، ""لقد سمعنا المسلحين وهم يهتفون ألم نحذركم و نطلب البقاء بعيدًا عن الانتخابات؟"، وأضاف بعد وفاة ثلاثة في ولاية غومبي، "أضرموا النار في جميع اللجان الانتخابية التي تركناها ونحن نهرب".
يُذكر أنَّ "بوكو حرام" قتلت الآلاف من الأشخاص في الأعوام الستة الماضية، ولكنها عانت أخيرًا من نكسات على يد الحلف العسكري الإقليمي، غير أنَّ زعيم التنظيم أبو بكر شيكاو؛ قد حذر في رسالة مصورة الشهر الماضي، قائلًا "لن تعقد هذه الانتخابات حتى لو متنا، حتى إذا لم نكن على قيد الحياة، فالله لن يسمح بانعقادها".
وتحدّى الكثير من الناخبين في معقل "بوكو حرام" تهديد الجماعة المتطرفة، إذ خضع المتطوعون من الناخبين للفحص من قبل أجهزة الكشف عن المعادن المحمولة في مايدوغوري كإجراء احترازي بعد سلسلة من الهجمات الانتحارية في الأسابيع الأخيرة.
وأوضح المحاضر الجامعي عباس محمد، الذي ألقى بصوته في إحدى مدارس يولا، أحد مراكز إقامة خاصة لـ1.5 مليون شخص نزحوا بسبب العنف، قائلًا "إذا لم نشارك بالتصويت، سيكون كما لو أن بوكو حرام قد ضربتنا مرتين".
وبدأ الرئيس النيجري الانتخابات بموقف محرج عندما عرضه التلفزيون القومي، بقبعته السوداء التي تميزه، وهو يقف بصبر في كشك الاقتراع في قريته لمدة 20 دقيقة ثم قال مازحًا "ربما حان دوري؟" ثم أضاف "لا أستطيع التحمل، أنت ترى عرقي؟ وإنني أناشد جميع النيجيريين التحلي بالصبر، بغض النظر عن الآلام التي نقابلها".
ورجع جوناثان و زوجته من الذهاب إلى البيت بعد تجربة ثلاثة أجهزة لقراءة البطاقات دون التعرف عليه؛ وعاد في وقت لاحق ليستخدم النظام اليدوي القديم؛ حيث صوت برفقة زوجته بعد الساعة 03:00عصرًا، وصرَّح جوناثان بأنَّه واثق في الانتخابات، قائلًا إنها "ذات مصداقية ومقبولة من قبل المراقبين الدوليين".
وأضاف "لقد كانت هناك بعض القضايا فيما يخص قراءة البطاقة، ولكنها المثابرة، أعتقد في نهاية المطاف سنكون جميعا سعداء، وأعتقد أن جميع النيجيريين الذين يرغبون في التصويت سيصوتون بالتأكيد، وهذا أمر جيد".
وينظر إلى الشمال ذا الغالبية المسلمة عموما باعتباره معقل بوخاري وجميع أعضاء البرلمان من حزب (APC)، في حين ينظر لجوناثان وأنصاره من حزب الشعب الديمقراطي الذي يتركز دعمه الأكبر في الجنوب المسيحي في المقام الأول.
وقد وقع الزعيمان على تعهد السلام، ولكن هناك مخاوف من رد فعل عنيف من الجانب الخاسر، وصرَّح باحث في مجال حقوق الإنسان داميان يوغو، "أنا قلق حقا من انتهاء الانتخابات بالعنف".
وأضاف يوغو، "علامات كلها حاضرة بدءًا من: خطاب الكراهية، والتصريحات التحريضية لأنصار كل من المرشحين، والكثير من الأسلحة، أنا لم أر جهودًا ملتزمة من طرف من الأطراف لتشجيع السلام، لقد أطلقوا بعض التصريحات، ولكن لغة الجسد لا تشير إلى ذلك، كل شيء يشير إلى العنف".