أصيلة-سناء بنصالح
أكد مصطفى الخلفي، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة في افتتاح الدور ال 37 لمنتدى أصيلة إن هذا المنتدى ينعقد في ظروف حرجة ومقلقة، وذلك بفعل تقدم تيارات التجزئة والتطرف وضرب الهوية والوحدة وزعزعة الاستقرار في دول المنطقة العربية والقارة الإفريقية، موضحا أن هذا ما عكسته المعطيات الرقمية التي نشرتها هذا الأسبوع مجلة ذي إيكونوميست، حيت تضاعف سبع مرات عدد ضحايا عمليات التفجير والإرهاب في إفريقيا في شمالها وغربها ووسطها وشرقها وذلك في أزيد من عشر دول، لينتقل من حوالي 2000 في سنة 2009 إلى أكثر من 14 ألف في 2014 وهو مرشح للتضاعف أكثر هذه السنة، والتي سجل فيها لغاية 11 تموز - يوليو 2015 أكثر من 11 ألف قتيل.
وفي السياق ذاته اعتبر الخلفي هذه المعطيات دليل على وجود وضعية صعبة ومفتوحة على مستقبل مظلم، لاسيما في ظل تمكن هذه التيارات من استغلال الثورة التكنولوجية، وجعلها فضاء لهيمنة التفكيك والتفتيت والتفرقة وضرب السيادة الوطنية ومقومات الدولة الحديثة، كما أوضح أنها وضعية غير مسبوقة، تنامت فيها الحروب الأهلية، والتي تجاوز عددها في المنطقة العربية ستة حروب، وهي أعظم أثرا من تلك التي شهدتها دول المنطقة في نهاية القرن التاسع عشر، حيث ساد وعي وطني جماعي مكن من استرجاع الاستقلال من دول الاستعمار، أما حروب اليوم فهي أهلية فتاكة، تغذيها حالة الاغتراب في وعي الشعوب، ويفاقمها انتشار العنف ورفض الاختلاف وهيمنة القضايا الهامشية وسيادة اللامبالاة وتنامي الريع المنتج لفساد النخب، وتعمقها حالة التبعية للنموذج الذي يراد تسويقه عالميا، وتنميط الشعوب عليها على مستوى الجنوب، وهو نموذج قائم على الفردية وتعميق الفوارق الطبقية واحتقار ثقافة الشعوب وضرب اللغات الوطنية وجعل العالم تحت رحمة الاحتكارات العالمية الكبرى.
وعرج مصطفى الخلفي على إبراز النموذج المغربي باعتباره نموذجا ديناميا ومتجددا، يمثل-بحسبه- نقطة مضيئة في المنطقة وشكلت إجاباته طوق نجاة لعدد من مشكلاتها.
وأوضح في هذا الإطارأن المغرب نموذج قائم على رؤية ملكية استباقية يقودها الملك محمد السادس، وانخرطت فيها القوى السياسية الوطنية ودعمتها القوى المدنية الحية، واستطاع أن يطرح إجابات متعددة على قضايا حارقة، وآخرها سؤال الهجرة، والذي بمبادرة ملكية أطلقت سياسة جديدة إنسانية ومسؤولة قائمة على الاستيعاب الإيجابي، وتلقت إشادة دولية باعتبارها المبادرة الوحيدة في القارة الإفريقية.
ومن تجليات ذلك أيضا-يضيف المتحدث نفسه-مبادرة الملك محمد السادس، أمير المؤمنين بإطلاق مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، كمحطة في مسار الإصلاح العميق والشمولي للحقل الديني، والذي يمثل إطارا" لمواجهة التطرف ونشر الاعتدال، وأصبح اليوم مصدر تطلع من قبل العديد من الدول، لاستلهامه والاسترشاد به في مواجهة آفة الإرهاب.
وشدد وزير الاتصال على أن النموذج المغربي، نموذج قائم على الاستقرار والإصلاح الدائم الذي لا يتوقف، كما يتعزز بالتنوع في إطار الوحدة، ويستند على التاريخ لبناء المستقبل، والحرص على الإنصات والجرأة والحسم وعدم التردد والنفس الطويل والتدرج، وهي أخلاقيات أساسية لمواجهة أسئلة المستقبل.