الرباط ـ علي عبد اللطيف
بدأت الأوساط الحقوقية المغربية في إبداء الملاحظات حول مسودة مشروع القانون الجنائي بين منتقدة ومنوهة بالمشروع، بعد أن أعلنت وزارة العدل عن هذه المسودة الجديدة إلى الرأي العام المغربي من أجل إبداء الرأي حولها من قبل جميع المعنيين والمهتمين قبل الأخذ بعين الاعتبار كل تلك الملاحظات قبل تحويل المسودة المذكورة إلى مشروع قانون يعرض على الحكومة ثم بعده على البرلمان.
وأغلب المهتمين نوهوا لكون المسودة الجديدة أتت بشيء جديد لم يسبق أن عالجته القوانين السابقة، وهي العقوبات البديلة، بحيث لم تعد وزارة العدل والجهاز القضائي يعتمد فقط على العقوبات الزجرية التي تدخل السجن، بل أصبح بمقتضى النص الجديد إمكانية الحكم على "المجرمين" أو المدانين بالعمل لأجل المنفعة العامة، وأداء الغرامة اليومية، وفرض إجراءات "رقابية" أو "علاجية" أو "تأهيلية".
ويرى عدد من الفاعلين في جهاز العدالة أن هذه العقوبات البديلة مكسبًا مهمًا للحقل القضائي وحقل العدالة بصفة عامة، بعدما كان مطلبًا لجل الفاعلين الحقوقيين وأكد على ذلك الحوار الوطني حول إصلاح منظمة العدالة التي أطلقها الوزير الرميد طيلة عام كامل، أي مباشرة بعدما تحمل مسؤولية حقيقة العدل والحريات في المغرب.
ونوه العديد من الفاعلين الحقوقيين والقانونيين بكون المسودة الحالية جاء أكثر تفصيلا وصرامة في مناقشة الكثير من القضايا، من بينها، موضوع التحرش الجنسي، الذي كان النص الحالي محتشمًا، وأصبح أكثر جرأة مع المسودة الجديدة التي تقدم بها الوزير الرميد، وهو ما أكده الأستاذ والأكاديمي محمد بوزلافة. وينص النص الجديد من المسودة على أن التحرش الجنسي هو "كل من أمعن في مضايقة الغير في الفضاءات العمومية أو غيرها، بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية"، و "كل من وجه رسائل مكتوبة أو هاتفية أو إلكترونية أو تسجيلات أو صور ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية".
وشددت المسودة على تجريم الاختفاء القسري والتعذيب، ونوهت "المنظمة المغربية لحقوق الإنسان" ورئيسها محمد النشناش، تشديد تجريم الاختفاء القسري في هذه المسودة.
من جانب آخر يرى عضو الجمعية المغربية لحقوق الانسان في المغرب، محمد جعيط، أن بعض المصطلحات والمفاهيم الواردة في مسودة القانون أبقت على العبارات الغامضة والعامة والتي من شأنها أن تكون مهددة للحريات، كما انتقد الابقاء على عقوبة الإعدام في المغرب، وقال في تصريحات صحافية، "إن عبارات يسهل استعمالها ضد الأشخاص، من قبيل زعزعة الولاء للدولة المغربية والشعب المغربي، وتجريم تلقي الأموال من الخارج تمس بالوحدة"، معتبًرا أن هذا استهدافًا للحريات.
في حين يرى القاضي ومستشار وزير العدل والحريات للسياسات الجنائية، هشام ملاّطي، أن المقصود بمصطلح "زعزعة" هو حماية ثوابت المغرب التي نص عليها الدستور، مؤكدًا أن عقوبة الإعدام لم يحسم النقاش فيها في المغرب بعد، لأن المجتمع المغربي منقسم إلى اثنين البعض يؤيد إلغاء الإعدام والبعض الآخر يطالب بالإبقاء على هذه العقوبة.