بغداد ـ نجلاء الطائي
اضطر أحد مقاتلي "داعش"، المتهم بذبح 60 جنديًا في واحدة من أبشع عمليات الإعدام الجماعي التي نفذها تنظيم "داعش"، عدنان عبدالرضا، على مضغ حذاءه أثناء ظهوره أمام الكاميرات في مؤتمر صحافي في العراق.
وألقى القبض على المتهم عبدالرضا، بسبب دوره في مذبحة قاعدة "سبايكر" الجوية الدموية، التي راح ضحيتها 770 من طلاب سلاح الجو العراقي العُزل، حيث تم قتلهم ودفنهم من قبل عناصر تنظيم "داعش" المتطرف.
واستخدمت المحكمة العراقية صور الأقمار الصناعية لتحديد موقع القتل، وكذلك شريط الفيديو الدعائي الخاص بـ"داعش" لعمليات القتل كدليل للحكم بإعدام 24 من أعضاء "داعش" لدورهم في تلك المذبحة، واتهم عبدالرضا بقتل 60 جنديًا من الضحايا بنفسه، ومن المتوقع أن يواجه حكمًا بالإعدام، إلا أن قوات الأمن العراقية لم تؤكد ذلك.
وأُجبر المتهم على التحدث لعدد من وسائل الإعلام العراقية. وأوضح أحد الإعلاميين أنَّ المتهم اعترف بقتل 60 طالبًا في قاعدة "سبايكر" الجوية، وبكونه عضوًا في تنظيم "داعش"، وأنَّه، برفقة رجل آخر، أخذ 50 طالبًا ووضعهم على الأرض ثم أطلق النيران على رؤوسهم. وألقى القبض عليه جنوب مدينة البصرة العراقية.
وأثناء المقابلة؛ ادعى الإعلامي، أنَّ المتهم عبدالرضا كان عضوًا في تنظيم "القاعدة" في العام 1996، وأنَّه انضم حديثًا إلى "داعش"، وبعد أيام من احتلال تكريت في حزيران/ يونيو 2014، أعلن "داعش" عن إعدام 1700 من أفراد الجيش العراقي "الشيعيين"، الذين كانوا يحاولون الهروب من هجمات التنظيم. وبدأ التنظيم بنشر الصور ومقاطع الفيديو البشعة التي أظهرت رجالا مكبلين بالأغلال معا ويتم إطلاق النيران على رؤوسهم قبل إلقاء جثثهم في خنادق ضحلة.
ويظهر مقطع الفيديو الذي نشر، في وقت سابق من هذا الشهر، مجموعة من الطلاب العسكريين وهم مكبلي الأيدي ويتم اقتيادهم إلى موقع بالقرب من المعسكر الذي استخدم ليكون قاعدة للجيش الأميركي، ثم تم إلقائهم على الأرض وإمطارهم بوابل من الرصاص، وقد ظهر في الفيديو أحد زعماء "داعش" المجهولين مرتديا زى الجماعة وموجها رسالة، قائلًا: "هذه رسالة أوجها للعالم كله لاسيما أولئك الذين يرفضون الإسلام وأقول لهم نحن قادمون". ومن بين المشاهد الروعة التي ظهرت في مقطع الفيديو طفلا يطلق النيران على رأس رجلين على ضفاف نهر دجلة وهما يتوسلان إليه بالرحمة.
وكان الاعتقاد السائد أنَّه جرى ذبح 190 جنديًا عندما اجتاح تنظيم "داعش" بلدة تكريت، مسقط رأس صدام حسين، إلا أنَّ الصور الملتقطة بالأقمار الصناعية كشفت 3 مواقع جديدة لتنفيذ المذبحة وثلاثة أضعاف عدد القتلى. وساعدت تلك الصور وروايات شهود العيان في إدانة 24 من أفراد "داعش"، وجميعهم مواطنين عراقيين، بارتكاب تلك المذبحة.
ودفع المتهمون ببراءتهم من تهم القتل وكونهم جزءًا من تنظيم "داعش"، موضحين أنَّه تم تعذيبهم من قبل القوات العراقية للاعتراف. وأثناء محاكمة المتهمين اقتحم أقارب الضحايا قاعة المحكمة وألقوا الزجاجات والأحذية على المتهمين، الذين تم تأمينهم داخل قفص الاتهام.
يُذكر أنَّ أحكام الإعدام لم يتم تنفيذها في الحال، إذ أنها ما زالت تنتظر الموافقة عليها من قبل المحكمة العليا. وتشير التقارير إلى أنّ الحكومة العراقية ما زالت تسعى للقبض على 604 آخرين مشتبه بصلتهم بالحادث، وقد تم استخراج 600 جثة من مواقع الإعدام الجماعية منذ أن استعادت قوات التحالف بلدة تكريت في شهر نيسان/ أبريل، إلا أنَّه تم إلقاء العديد من الضحايا فى نهر دجلة. ومن جانبها بدأت فرق الطب الشرعي مهمة مروعة في الكشف عن جثث المجندين الشباب على ضفاف النهر.
وبعد ما يقرب من 10 أشهر تُركت العائلات المنكوبة وهى تتساءل عن مصير جثث أبنائها، وكانت القرائن الوحيدة لديهم هي مقاطع الفيديو المنشورة بواسطة المتطرفين على مواقع التواصل الاجتماعي. وبجانب دعوة المرشد الشيعي الأعلى في البلاد السيستاني، العراقيين إلى القتال ضد "داعش"، ساهمت مذبحة "سبايكر" في تجنيد كتلة من المتطوعين "الشيعة" لمحاربة التنظيم.