بغداد - المغرب اليوم
قادت خلافات بين كتل سياسية سنيّة في البرلمان العراقي إلى فضح واحدة من أكبر صفقات الفساد منذ مطلع العام الحالي بقيمة 41 مليار دينار (نحو 35 مليون دولار)، يتورط فيها سياسيون ونواب برلمان، فضلاً عن مسؤولين في وزارة التربية.وكشف القضاء العراقي عن فضيحة الفساد المالية المدوية والتي تخص عقد تأمين صحي لمتقاعدي وزارة التربية، المتورطون فيها عراقيون ولبنانيون واعتقال عدد منهم، بينهم الوزيرة ووكيلاها، بانتظار محاكمتهم.
وأعلن المجلس الاعلى للقضاء العراقي أن "القاضي المختص في المحكمة المركزية لمكافحة الفساد في جانب الرصافة من بغداد أوضح ان المحكمة مستمرة في اجراءات التحقيق بخصوص قضية عقد التأمين الصحي الخاص بمتقاعدي وزارة التربية مع احدى الشركات، حيث تم إلقاء القبض على ثمانية من المتهمين الاساسيين وهم موقوفون حاليا على ذمة التحقيق ومن بينهم وكيل الوزارة"، كما قال في بيان صحافي اليوم تابعته "إيلاف".وأكد القضاء استعادة مبلغ 25 مليار دينار (23 مليون دولار) من مبلغ العقد البالغ 41 مليار دينار (حوالي 40 مليون دولار).. منوها إلى أنّ الجهود مستمرة لاستعادة المتبقي من المبلغ خلال الايام المقبلة.
محاكمة الوزيرة ووكيليها و8 متهمين بينهم لبنانيون
وأشار القاضي المختص بالتحقيق في هذه القضية إلى أن "وزيرة التربية تم تدوين أقوالها في القضية وهي حاليا بانتظار موعد المحاكمة بعد اكتمال التحقيق.. موضحا أن المحكمة "قد أصدرت أوامر قبض بحق مجموعة من المتهمين اللبنانيين المتورطين في القضية وأصدرت قرارات بحجز جميع حساباتهم وأموالهم ومستحقاتهم لدى المصارف والمؤسسات العراقية كذلك صدرت مذكرة باستقدام أحد أعضاء مجلس النواب الذين لم يذكر القضاء اسمه والمتهم بالوقوف خلف هذه الجريمة والمحكمة بانتظار رفع الحصانة عنه لاستكمال الاجراءات التحقيقية بحقه".
وزيرة التربية العراقية سهى العلي
ولم يكشف المجلس عن أسماء المتهمين العراقيين أو اللبنانيين باستثناء وزيرة التربية التي ذكرها بالعنوان الوظيفي وليس بالاسم وهي سهى خليل العلي التي مُنعت من السفر ووكيلها علي مسعد الإبراهيمي المقرب من التيار الصدري. يشار إلى أنّ شركتين متورطتين في العقد هما "ارض الوطن" العراقية و"غلوب ميد " اللبنانية الخاصتان للتأمين.
التربية: استهداف سياسي
وفي الخامس عشر من مارس الماضي، قالت وزارة التربية إن "القضية مجرد استهداف سياسي" مؤكدة أن "عقد الإئتمان قانوني تماما".وقالت وزيرة التربية سها العلي وهي عضو تحالف القوى العراقية السنية بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي على صفحة الوزارة بشبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إنها قدمت إلى لجنة التربية في مجلس النواب كل الوثائق والأوراق التي تثبت قانونية عقد التأمين الصحي الذي أبرمته الوزارة التربية مع الشركة، والتي لديها كذلك العديد من التعاقدات مع وزارات أخرى وبالشروط نفسها".
وكان ديوان الرقابة المالية العراقي قد اشر مؤخرا خروقات ادارية ومالية بالعقد المبرم، ما دعا عضو مجلس النواب باسم خشان إلى اتهام رئيس مجلس النواب محمد الحبلوسي بالوقوف وراء صفقات وعقود وزارة التربية بحكومة تصريف الإعمال برئاسة عادل عبد المهدي.وقال خشان في تصريح صحافي مؤخراً إن وزارة التربية مازالت مستمرة بإبرام العقود والصفقات على الرغم من عدم قانونية تلك العقود لتحول الحكومة إلى تصريف اعمال يومية بعد استقالة عبد المهدي اواخر العام الماضي منوها إلى أنّ "الحبلوسي هو المستفيد من عقود وزارة التربية بشكل مباشر" بحسب قوله.وكانت وزارة التربية قد ابرمت العقد مع شركة ارض الوطن للتأمين في 26 ديسمبر من العام الماضي خلال فترة تحول الحكومة إلى تصريف الاعمال مما يجعله مخالفا للقانون، اضافة إلى أنّ وزارة التربية لم ترسل نسخة من العقد إلى ديوان الرقابة المالية كما ينص القانون على ذلك.
مذكرات قبض
وإثر ذلك باشرت دائرة التحقيقات في هيئة النزاهة العراقية العامة بالتحقيق بشأن الشكاوى التي وردت بخصوص عقد التأمين الصحي الإجباري للمتقاعدين من قبل الشركة اللبنانية اضافة إلى التسجيلات الصوتية المسربة لمستثمر لبناني قدم العديد من التسهيلات للمضي بعقد التأمين.وأشار مصدر في النزاهة إلى أنّه قد تم اصدار مذكرات قبض بحق وكيل وزارة التربية للشؤون الإدارية معن عبد حنتوش ومدير مكتب الوزيرة هيثم الدليمي، بالإضافة إلى مدير الدائرة القانونية في الوزارة.
ومن جهتها أكدت هيئة التقاعد الوطنية انها لم تقم بتوقيع اي عقد خدمات مع الشركة اللبنانية.. مشيرة إلى أنّ جميع مخاطبات الهيئة هي مع شركة التأمين الوطنية العراقية وهي شركة عريقة في مجال التأمين ومملوكة للدولة بالكامل.من جانبه نشر حسن الدر عبر "تويتر" تغريدة قال فيها :" "قناة العراقية الأخبارية: اعتقال وزيرة التربية العراقية في فضيحة فساد كبرى أبطالها عراقيون و رجل الأعمال اللبناني تحسين خياط مالك قناة الجديد اللبنانية".
وأبطال فضيحة الفساد هم: كريم تحسين الخيّاط وبشير الخشن وريتشارد صليبا. الخدمات المقدّمة هي التأمين الاستشفائي لموظفي الوزارة. اما تمويل الصفقة، فمن رواتب العاملين في «التربية».الـ 35 مليون دولار وفق التحقيقات الأولية، قُسّمت على الشكل الآتي: 16 مليون دولار للنائب مثنى السامرائي، 3 ملايين لوزيرة التربية سهى العلي، 11 مليوناً مقسّمة بين رئيس البرلمان محمد الحلبوسي والنائب محمد الكربولي (شقيق زعيم «حزب الحل» جمال الكربولي)، و5 ملايين لشركة «أرض الوطن». 34 مليون دولار - وفق المصادر القضائية - لم تقدّم الشركة لقاءها أيّ خدمةٍ.
هذا «التقسيم» لم يكن «فساداً» قبل شباط الماضي. فـ«الكعكة» كانت محميّة بتفاهم سياسيٍّ بين الحلبوسي والكربولي والسامرائي. لكن انشقاق الأخير (و11 نائباً آخر) عن تحالفٍ برلمانيٍّ يقوده الأوّل، دفع برئيس البرلمان إلى تأديبه، خصوصاً أن تحالفه – برأيه – يمثّل «البيت السُنّي» و«لا يجوز ان يُسمَع رأي مخالف لرأيه».هذا الخلاف السياسي صدّر واحداً من ملفات الفساد الكثيرة في «بلاد الرافدين». مصادر قضائيّة عراقيّة، تصف الشركة بـ«الوهميّة» وعقودها بـ«غير المنطقيّة، وهدفها مراكمة ثرواتٍ بطريقةٍ غير مشروعة، أقرب للسرقة»، في وقتٍ تؤكّد مصادر الشركة أنّها «حقيقيّة، وعمرنا أكثر من 20 عاماً، ونعمل في العراق منذ سنوات»، متسائلةً عن توقيت الاتهام الذي تزامن مع الخلاف السياسي.
ووفق معلومات «الأخبار»، فإن القضاء العراقي، أصدر مذكرات توقيف بحقّ الخيّاط والخشن، ويسعى حاليّاً إلى أن يصدّرها «الإنتربول». وتساءل مصدرٌ قضائيٌّ عراقيٌّ رفيع عن سبب مسارعة الشركة إلى «فسخ العقد» مع الوزارة، إذ أعادت في الأسابيع الأخيرة نحو 30 مليار دينار عراقي (25 مليون دولار)، من أصل قيمة الصفقة البالغة 41 مليار دينار (34 مليون دولار). فيما ترد مصادر الشركة بأنّها سارعت إلى «فسخ العقد حُبيّاً، حفاظاً على سمعة الشركة ومنعاً لسوق أي اتهامٍ آخر»، مبديةً استعدادها لعرض وثائق تُثبت براءتها.
وقد يهمك ايضا:
غموض بشأن إمكانية اجتماع البرلمان العراقي للتصويت على حكومة الزرفي بسبب "كورونا"
تحركات قوية في البرلمان العراقي للإطاحة بحكومة"علاوى" فور طرحها