الرئيسية » أخر الأخبار العربية و العالمية
جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء

الرباط - المغرب اليوم

قال محمد زين الدين، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، إن "الدول الناشئة تواجه خمسة تحديات أفرزتها التداعيات الاقتصادية الصعبة التي مازال يخلفها فيروس كورونا، أولها تراجع الإيرادات الضريبية، وثانيها انخفاض صادرات المواد الخام، وثالثها ارتفاع أسعار الفائدة، ورابعها انخفاض أسعار الصرف، وخامسها تراجع عائدات السياحة".وأضاف زين الدين في مقال معنون بـ "المغرب في مواجهة تداعيات جائحة كورونا"، أن "المغرب ليس بمعزل عن هذه التأثيرات، فتداعيات الحجر الصحي أفضت إلى زيادة في المديونية بفعل انخفاض الإيرادات الضريبية وزيادة الإنفاق على قطاع الصحة، إلى جانب مختلف أشكال الدعم المالي الذي قدمته الدولة للفئات المستضعفة".

وتابع قائلا: "لقد كشف جانب مهم من صرف موارد صندوق مكافحة كورونا عن أرقام صادمة اجتماعيا، فثلث الإنفاق من هذا الصندوق خصص لـ4.300.000 أسرة تعاني الهشاشة الاجتماعية، منها 2.300.000 أسرة تتوفر على بطاقة راميد، فيما باقي الأسر لا تتوفر عليها، كما أن وضعية الأجراء ليست بالمريحة".

وأردف أنه "إذا علمنا أن 132 ألف مقاولة قد توقفت عن العمل بكيفية اضطرارية، مع ما يترتب عن هذا التوقف من تداعيات اجتماعية واقتصادية قوية"، فـ"ليس هناك من خيار للدولة سوى اللجوء إلى مزيد من المديونية، مع ما ينجم عن هذا الخيار المؤلم من مخاطر".

وأوضح الأكاديمي أن "الدولة ستكون مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بتدعيم القطاعات الاجتماعية، لأن هناك رجوعا قويا للدولة الرعاية، فقطاعات الصحة والتعليم والسكن والأمن العمومي أضحت تفرض نفسها بإلحاح شديد ضمن أولويات السياسات العمومية، فقد تتبعنا كيف تخاذل القطاع الخاص المساهم في تدبير بعض القطاعات الاجتماعية في القيام بأدواره في مواجهة جائحة كورونا".

ولفت المصدر عينه إلى أنه "ليس هناك من خيار أمام الدولة سوى تثمين الإمكان البشري عبر تحسين ولوج الخدمات الأساسية بالاعتماد على القطاع العام، فبالرغم من المجهودات المبذولة في القطاع الصحي، إلا أنه مازال عاجزا عن تقليص العجز القائم لا على مستوى التقليل من الفوارق الاجتماعية والمجالية في هذا القطاع، بل أيضا على مستوى تقوية البنيات التحتية والرفع من التأطير الصحي كمّا وكيفا، كما أنه إن كان هناك من دروس ينبغي استخلاصها، فهي دعم التعليم العمومي وليس التعليم الخاص".

وأوردت المقالة أن "جائحة كورونا أظهرت أهمية الإسراع بفتح نقاش وطني حقيقي حول الخدمات الأساسية، بعيدا عن القوالب الجاهزة للمؤسسات النقدية الدولية والاستشارات الشكلية لمؤسساتنا الوطنية، لأن هذا النوع من الاستشارات عطل مسار الإصلاح الحقيقي لهاته القطاعات الحيوية".

"إن إيداع هذا النقاش لدى الأحزاب السياسية بصيغتها الحالية يفرغ أي إصلاح من مضامينه الحقيقية بفعل عجز الأحزاب على تقديم مسالك للتفكير واستشراف المرحلة القادمة، كما أن التعاطي السياسوي للأحزاب السياسية المغربية يجعل أي تفكير موضوعي لتجاوز اختلالات الخدمات الأساسية مسألة مضيعة الوقت"، وفق المقالة.

"هكذا، في نهاية المطاف لجأ ملك البلاد إلى تعيين لجنة لليقظة أنيط بها تدبير مختلف الجوانب الاجتماعية والاقتصادية لمواجهة تداعيات هذه الجائحة، لأنها تضم كفاءات قادرة على تدبير المرحلة، وهنا ستثار من جديد إشكالية السياسي والتكنقراط، فبالرغم من إدراكنا العميق أنه لا خيار لتعميق الديمقراطية، إلا أن عجز الأحزاب السياسية يدفع باتجاه الاعتماد على التكنوقراط"، تسترسل المقالة.

واستدرك زين الدين بالقول: "بعيدا عن إشكالية الفاعل السياسي في تدعيم الخدمات الأساسية، ينبغي تدعيم الإمكان البشري الوطني، خصوصا على مستوى البحث العلمي، لأنه بالرغم من الإمكانات المادية الهزيلة المخصصة لهذا القطاع، فقد أظهر الباحثون المغاربة طاقات خلاقة قادرة على الإبداع والاختراع".

وزاد: "يكفي أن نستدل هنا عن قدرة المغاربة على صنع أجهزة تنفس اصطناعي، بل تصديرها إلى الخارج، فتحرير الإمكان البشري المغربي أصبح يفرض نفسه بإلحاح شديد، لأن هذه الجائحة أظهرت للمغربي قدرته على تجاوز (عقدة الخواجة) على حد قول الروائي محمد الزفزاف".

واستطرد الأكاديمي قائلا: "إن إيلاء أهمية كبرى لدعم القطاعات الاجتماعية ينبغي أن يوازيه دعم قوي للإنتاج الوطني في الداخل والخارج، مثلما ينبغي التركيز حول كيفية تأمين احتياطي العملة الصعبة، ونعتقد بأن استمرار الرهان على الاستثمارات الأجنبية أمر مجانب للصواب، لأن العالم سيلج مرحلة انكماش اقتصادي قد تمتد حسب تقارير صندوق النقد الدولي إلى نهاية سنة 2020، وبالتالي فإن المراهنة على الاستثمارات الأجنبية لن يجدي نفعا في هذه المرحلة".

نتيجة ذلك، يدعو الأستاذ الجامعي إلى "تدعيم المقاولة الوطنية لأنها مورد أساسي في جلب العملة الصعبة، خصوصا بعد إمكانية تراجع مداخيل مغاربة الخارج، كما أن في هذا الدعم للمقاولة الوطنية تأمينا لليد العاملة المغربية. صحيح أنه من الصعب جدا تحريك عجلة المقاولات المغربية في ظل مناخ اقتصادي دولي صعب، لكن ليس هناك من خيار سوى السير قدما في دعم المقاولة الوطنية، فالأمر بد مما ليس منه بد".

ودعا أيضا إلى "الحرص على ضمان الحد الأدنى من الطلب الداخلي، لأنه سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن الاقتصاد الوطني سيتعافى كليا خلال ثلاثة أشهر القادمة، كما أن الترويج لسياسة تقشفية مثلما روجت لها الحكومة مع بداية هذه الأزمة سيكون خطأ قاتلا".

ويرى الكاتب أن "عالم ما بعد كورونا يؤشر عن إقبار لتلك المفاهيم المتمحورة حول التحكم التام في عجز الميزانية العامة، فقد تتبعنا كيف سعت دول كبرى إلى تجاوزات غير مسبوقة في عجز ميزانيتها، كما أن نسب التوقع التي وضعت في قانون المالية ستتبخر أمام الأرقام الصادمة اقتصاديا والمؤثرة اجتماعيا، والمغرب ليس بمعزل عن هذا التوجه، بحيث لا بد من القيام بإجراء قانون مالية تعديلي يستحضر مختلف هذه التداعيات المستجدة".

جانب آخر يسترعي الانتباه في استحضار خلاصات أزمة كورونا تطرق إليه زين الدين، يتمثل في ضرورة استمرار دعم الأمن الغذائي لأن المسألة تتعلق بقطاع استراتيجي، بحيث لا بد من الآن التفكير في سبل ضمان اكتفاء ذاتي يغطي مختلف المواد الغذائية.

أما على مستوى العلاقات التجارية، فالمغرب مطالب بأن يعيد النظر بشكل كبير في اتفاقياته الدولية في ضوء المتغيرات التي سيحدثها عالم ما بعد كورونا، فحتى لو لم يتفش الفيروس في المنطقة الأورومتوسطية، فإن تداعياته الاقتصادية والاجتماعية أصبحت بادية للعيان. فبمجرد بداية هذه الأزمة، تم إغلاق كلي للحدود بين مختلف دول المنطقة، وقد واكب هذا الإغلاق تغيير كبير في العلاقات الاقتصادية بين دول هذه المنطقة.

ويرى زين الدين أن "الأضرار الناجمة عن هذه الجائحة ستدفع الدول إلى المزيد من الحمائية والانكماش الاقتصادي، كما أن مختلف الشركاء الاستراتيجيين للمغرب تضرروا بنسب كبيرة من هذه الجائحة، فإسبانيا الشريك التجاري الأول للمغرب تضررت بشكل كبير من هذه الجائحة اقتصاديا واجتماعيا، والملاحظة نفسها تنطبق على فرنسا، الأمر الذي سيدفع هذه الدول إلى ممارسة مزيد من الحمائية واستغلال الأطراف الأخرى".

ينضاف إلى ذلك إمكانية تفشي هذا المرض في الدول الإفريقية، مثلما جاء في نص المقالة، ما سيصعب بشكل كبير من فقدان السيطرة على الهجرة غير نظامية، التي يلعب المغرب دورا رائدا لمواجهتها، فكل هذه الاعتبارات تحتم على المغرب أن يعيد النظر في مختلف اتفاقياته مع الشريك الأوروبي.

هذه الوضعية تطرح على الدولة المغربية تحدين أساسيين، يضيف زين الدين، أولهما إعادة الروح إلى الاقتصاد الوطني، وثانيهما ضمان سلامة المواطنين والمجتمع من إمكانية حدوث موجة جديدة لهذه الجائحة العالمية، الأمر الذي يفرض وضع خطة شمولية للتعايش مع هذا الفيروس، تستحضر جوانب تدبيرية واحترازية وتحسيسية، وتحقق قدرا كبيرا من الالتقائية والاستباقية والتناسق.

ويجب أن تراعي هذه الخطة كذلك خصوصية كل قطاع مقاولاتي على حدة، فخصوصية القطاع الخدماتي ليست هي نفسها خصوصية القطاع الصناعي، كما ينبغي هنا استحضار الحيز الزمني الخاص بكل قطاع، فما ينطبق على قطاع السياحة مثلا زمنيا ليس هو الأمر نفسه بالنسبة للقطاع الصناعي.

إلى جانب أن الخطة ينبغي أن تراعي عدم التراخي في التعاطي مع تداعيات هذه الجائحة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي مع استحضار عنصر التدرج والحذر، يردف الجامعي ذاته، قائلا إن "أكثر الدول تضررا من هذه الجائحة بدأت تروج لفكرة تخفيف إجراءات الحجر الصحي بكيفية متدرجة كإيطاليا وإسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، في محاولة لتجاوز العجز الخطير الذي أصبح يهدد اقتصاداتها".

وفي سياق متصل، لفت الكاتب إلى أنه "لا ينبغي للحكومة أن تنهج سلوكات استفزازية تجاه مواطنيها مثلما حدث مع الترويج لمسودة مشروع قانون 22.20 المتعارض شكلا ومضمونا مع الخيار الديمقراطي الذي أقر دستور الدولة، وتبناه المغرب كخيار استراتيجي لا تراجع عنه، فإقدام الحكومة على مثل هذه الممارسات السياسوية من شأنها نسف منسوب الثقة المرتفع الذي حققته الدولة مع مواطنيها إبان بداية تعاطيها مع هذه الجائحة".

صفوة القول في هذا الصدد إن زين الدين يرى "أنه بقدر ما فرضت جائحة كورونا أوقاتا صعبة على المغاربة، بقدر ما أظهرت عن تماسك اجتماعي قوي ينبغي استغلاله لاستخلاص الدروس والعبر من هذه التجربة، حتى تتحول إلى فرصة سانحة لتحقيق نموذج تنموي حقيقي قادر على مواجهة تحديات عالم ما بعد كورونا".

قد يهمك ايضا

المتحدث باسم الحكومة المغربية يصرح تجنبنا الأسوأ في مواجهة كورونا

وزير الداخلية اللبناني يعلن حظر التجول من السابعة مساء إلى الخامسة صباحا في إطار إجراءات منع تفشي كورونا

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

ملاحقة مهربي وقود تشعل ليبيا و اشتباكات بين لواء…
قطر تعلن أنها لم ننسحب من الوساطة في غزة
تحالف دعم الشرعية يُعلن ان سقوط قتيلين وجريح من…
اتفاق إسرائيلي مع بوينغ الأميركية لشراء 25 طائرة حربية…
أوساط ترامب تكشف أسماء فريقه للحكم و قرارات جاهزة…

اخر الاخبار

الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم…
رئيسة جمهورية مقدونيا الشمالية تُهنئ الملك محمد السادس بمناسبة…
المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34 بإذن…
وفاة ضابطين اثر تحطم طائرة تابعة للقوات الجوية الملكية…

فن وموسيقى

محمد صلاح يتصدر المرشحين للفوز بالكرة الذهبية 2025 بتواجد…
سلاف فواخرجي تؤكد أنها شاركت في إنتاج فيلم "سلمى"…
نادين نسيب نجيم تكشف عن سبب عدم مشاركتها في…
النجمة ماجدة الرومي تُحقق نجاحاً كبيراً في حفل خيري…

أخبار النجوم

أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما
منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
سلاف فواخرجي تخطف الأنظار بحكاية سلمي في مهرجان القاهرة…
شريف سلامة يكشف أسباب قلة أعمالة الفنية

رياضة

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
أبرز المحطات في مسيرة لاعب التنس الاستثنائي نادال التي…
المغربي أشرف حكيمي ضمن المرشحين الخمسة للفوز بلقب أفضل…
محمد صلاح يتصدر ترتيب أفضل خمسة لاعبين أفارقة في…

صحة وتغذية

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على…
فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات…
نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية

الأخبار الأكثر قراءة

ماكرون يُجد دعوته إلى وقف تصدير الأسلحة المستخدمة بساحات…
نتنياهو يرفض طلب بايدن بإنهاء العملية في لبنان قبل…
خالد مشعل يؤكد أن مفاوضات وقف إطلاق النار في…
الجيش اللبناني يوقف جاسوسين سوريين جنّدتهما إسرائيل لتصوير آثار…
حزب الله يهدّد باستهداف أكبر لحيفا ومدن أخرى وإسرائيل…