تونس - أزهار الجربوعي
أعلن رئيس الحكومة التونسية علي العريض أنه "لا تراجع عن التصدي لكل متطاول على أمن الدولة سواء بالإرهاب أو التمرد"، جاء ذلك إثر إشرافه على المجلس الأعلى للأمن التونسي الذي حضره القائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس المنصف المرزوقي، فيما أكد مبعوث الاتحاد الأفريقي لـ تونس بيدرو بيريز، الأربعاء، دعم المنظمة الأفريقية لتجربة التحول الديمقراطي في تونس واستعدادها للمساهمة في إنجاحها.
وأشرف رئيس الجمهورية التونسي الدكتور محمد المنصف المرزوقي على اجتماع المجلس الأعلى للأمن في قصر قرطاج الرئاسي بحضور رئيس الحكومة علي العريض ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية، إلى جانب أعلى
الإطارات والقيادات الأمنية والعسكرية في البلاد.
وأوضح العريض، أن الاجتماع ينعقد بصفة دورية لمتابعة الوضع الأمني العام وتقييم مردودية الخطط الأمنية في مكافحة الإرهاب والفوضى والجريمة بصفة عامة، إلى جانب تشخيص التهديدات التي يواجهها الأمن الوطني خارجيًا وداخليًا، وتعهد برد حازم على كل تحدى لأمن الدولة ومواطنيها، قائلاً "لا تردد ولا تراجع في التصدي لكل من يتطاول سواء بالإرهاب أو بالفوضى أو التمرد على مؤسسات الدولة وإرباكها ومحاولة السيطرة عليها مركزيًا وجهويًا"، مبينًا أن الحكومة ستتقدم في عملها "في إطار ما يضبطه القانون"، واعتبر أن كل محاولات الإضرار بالأمن الوطني التونسي "تصدعت وفشلت أمام وحدة الشعب وثقته في المؤسستين الأمنية والعسكرية والوقفة الجيدة لهاتين المؤسستين"، مؤكدًا ضرورة مضاعفة الجهود تحسبًا لأي استغلال ممكن للأوضاع من طرف جماعات إرهابية أو غيرها لمحاولة المس من الأمن الوطني.
واعتبر أيضاً أن "الوضع الأمني في تونس تحسن بصفة كبيرة" وأن المخاطر والتحديات الأمنية التي تحدق بالبلاد "ليست كبيرة جدًا".
وتأتي التحذيرات التي أطلقها رئيس الحكومة التونسية ردًا على دعوات ائتلاف الجبهة الشعبية اليساري المعارض الذي دعا إلى العصيان المدني وإلى احتلال مقرات السلطة المحلية لطرد المحافظين والمعتمدين وكل ممثل لسلطة الحكومة التونسية القائمة التي يقودها ثلاثي حاكم بزعامة حزب "النهضة" الإسلامي، إلى حين إسقاط النظام برمته والاستجابة لمطلبه في تشكيل حكومة إنقاذ وطني تتولى استكمال المرحلة الانتقالية والإعداد للانتخابات المقبلة في ظرف 6 أشهر.
وأعلن العريض عن التوصل إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات من شأنها تحقيق مزيد من النجاعة على الخطط الأمنية وعلى مستوى التنسيق والتكامل بين مختلف الأجهزة في أدائها، رافضًا الكشف عن آخر التطورات التي عرفتها التحقيقات الأمنية سواء في قضية إرهابيي جبل الشعانبي الذين أقدموا على قتل 8 عسكريين تونسيين أواخر الشهر الماضي، أو في ما يتعلق بسياق التحقيق في قضيتي اغتيال المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي الذين فجرا أزمة سياسية عاصفة ما تزال تونس تتخبط في تداعياتها، وسط حالة من الفوضى والتوتر الأمني والسياسي والتدهور الاقتصادي.
وأفاد رئيس الحكومة التونسية، أن وزير الداخلية لطفي بن جدو، سيعقد قريبًا ندوة صحافية لكشف العديد من الحقائق، مؤكدًا التوصل إلى الكثير من المعطيات على ضوء اعترافات الموقوفين في قضيتي اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
وأشارت آخر التحقيقات الأمنية إلى اعتراف المشتبه به عز الدين عبد اللاوي، بتورّطه في اغتيال المعارض اليساري والأمين العام السابق لحزب "الوطنيين الديمقراطيين الموحد"، شكري بلعيد، بعد نجاح الأجهزة الأمنية في القبض عليه، منذ 3 أسابيع، وقال المتهم إنه اختفى بعد عملية الاغتيال التي وقعت يوم 6 شباط/فبراير 2013، في أحد المنازل في منطقة حي الغزالة في العاصمة التونسية، قبل أن ينتقل لاحقًا إلى مدينة الوردية حيث ألقي عليه القبض.
وأشارت تسريبات أمنية أن المشتبه به في اغتيال المعارض بلعيد، عزالدين عبد اللاوي، كان ضابطاً سابقًا في الأجهزة الأمنية التونسية، وأنه أودع السجن، قبل أن يلتحق بالمجموعات السلفية الجهادية، وتورّط في العديد من العمليات الإرهابية في العاصمة وفي جهات أخرى، كما يشتبه في ضلوعه في قضايا تهريب سلاح.
والتقى رئيس الجمهورية التونسية والقائد الأعلى لقواتها المسلحة المنصف المرزوقي، الأربعاء، في قصر قرطاج بوزير الدفاع رشيد الصباغ، لغرض متابعة قرارات المجلس الأعلى للأمن وتنفيذ توصياته، وشدّد المرزوقي على ضرورة تجسيد القرارات الداعمة لتحسين الوضعية الاجتماعية للعسكريين والتسريع في تنفيذها.
واستقبل رئيس الحكومة التونسية علي العريض الأربعاء، في قصر الحكومة في القصبة، المبعوث الخاصّ لرئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي، بيدرو بيريز، الذي أكد أن زيارته إلى تونس تندرج في إطار التعبير عن دعم ومساندة المفوضيّة الأفريقيّة لمسار الانتقال الديمقراطي، وشدد مبعوث الإتحاد الأفريقي أنه نقل للرئيس المرزوقي دعم رئيسة المفوضية السيدة نكوسازانا دلاميني زوما، لتجربة التحول الديمقراطي في تونس، مبينًا أنّ مهمته تتمثل في الاتصال بالسلطات لتجديد دعم الاتحاد الأفريقي لها، واستعداده الكليّ للمساهمة في إنجاح للمسار الديمقراطي في تونس وبمختلف فعاليات المجتمع المدني.
وأوضح أهمية الوصول إلى توافقات بين مختلف الأطراف السياسية في هذه المرحلة الحاسمة من مسار الانتقال الديمقراطي في تونس والوعي بضرورة الوصول إلى تفاهمات تنهي الأزمة السياسية الراهنة، مؤكدًا ثقة الاتحاد الأفريقي بقدرة التونسيين على بلورة أرضية مشتركة تمكن من تجاوز حالة الاحتقان الراهنة.
وذكر بيدرو بيريز أن سلسلة من اللقاءات جمعت وفد مفوضيّة الاتحاد الأفريقي مع كلٍ من وزير الشؤون الخارجيّة عثمان الجرندي، فضلاً عن برمجة لقاءات مرتقبة مع عدد من الفاعلين السياسيّين في المشهد التونسي، مؤكدًا أن الحوار هو الطريق الأمثل لضمان نجاح المرحلة الأخيرة من مسار الانتقال الديمقراطي في البلاد، وأن الاتحاد الأفريقي سيستمرّ في دفع الحوار من أجل إنجاح المسار الانتقالي في تونس.