تونس - أزهار الجربوعي
طالب وزير الشؤون الخارجية التونسية عثمان الجارندي، في اتصال هاتفي مع نظيره السيشيلي، بتسليم صهر الرئيس التونسي المخلوع صخر الماطري، الذي منحته السيشيل أخيرًا إقامة لمدة عام كامل، فيما تدرس فرضية منحه "اللجوء السياسي".تزامن هذا مع تأكيد وزير العدل التونسي تعهده بمحاكمة عادلة لنجل بن علي، السجين في سويسرا، فيما فنّد حزب "حركة النهضة" الحاكم في تونس الخبر، الذي تناقله الإعلام التونسي،
بشأن انشقاق أمينها العام، ورئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي عن الحركة، وتكوينه لحزب سياسي جديد، يحمل اسم "الوفاق الوطني".
وأجرى وزير الخارجية التونسي الجديد عثمان الجارندي اتصالاً هاتفيًا مع نظيره السيشيلي جون بول آدام، في إطار سعي تونس إلى تَسَلم صهر الرئيس التونسي المخلوع زين لعابدين بن علي، محمد صخر الماطري، الصادرة في حقه بطاقة إحضار دولية، معربًا عن استغراب تونس، واستيائها، من قرار بلاده، والتصريحات التي أصدرتها وزارة الخارجية السيشيلية، بشأن تشكيكها في توفُر ضمانات محاكمة عادلة للمتّهم.
وشدّد الجرندي على "موقف بلاده المتمسّك بتسليم المعني بالأمر"، مؤكدًا على "قانونية هذا الطلب وشرعيّته"، مُوضحًا أنّ "السند القانوني لتسليم المتّهم يتمثّل في الوفاء بالتزامات الدّول تجاه منظمة الإنتربول الدّولية، التي تنتمي إليها السيشيل وتونس"، داعيًا نظيره السيشالي إلى "تغليب منطق التعاون البنّاء بين دولتين أفريقيتين شقيقتين، والتعامل الإيجابي مع مطلب له مستنداته القانونية الواضحة، فضلاً عن صبغته الوطنية الهامّة، وارتباطه بمسار تحقيق العدالة الانتقالية في تونس".
من جانبه، أكد وزير الخارجية السيشيلي أنّه "يتفهّم أهمّية الموضوع بالنسبة لتونس"، مُبرّرًا موقف بلاده بـ"عدم وجود إتفاقات تعاون قضائي مع تونس، لتسليم المتّهمين والمجرمين، وأنّه لم يتمّ منح المعني بالأمر اللجوء السياسي كما طلبه في البداية، وإنّما ترخيصًا للإقامة لمدة عام"، مشيرًا إلى أن "السلطات السيشيلية لا تزال بصدد درس جوانب الملفّ كافة"، موضحًا أن بلاده "لا تمانع في منح حق اللجوء السياسي لصخر الماطري"، مؤكدًا أنه لا يمكنهم تسليمه لتونس حاليا لسببين، أولهما غياب الإتفاق بين البلدين، ينص على تسليم خارقي القانون، وثانيهما أن حالة صهر بن علي لا تتطلب التسليم، لأنه لم يرتكب جرائم حرب".
وفي سياق متصل، نددت وزارة الخارجية التونسية، في بيان تلقى "العرب اليوم" نسخة منه، بالتصريحات السيشيلية، التي تضمنت "التشكيك في عدالة القضاء التونسي، وغياب ضمانات التي يمكن أن يوفرها لمحاكمة عادلة لصهر الرئيس المخلوع صخر الماطري"، معتبرة أن هذه التصريحات "غير مقبولة"، معربة عن استيائها من "منح صهر الرئيس المخلوع، الملاحق من الإنتربول الدولي إقامة لمدة عام في جمهورية السيشيل"، داعية السيشيل إلى "مراجعة قرارها، والالتزام بعلاقات التعاون والاحترام بين الدّول، والإيفاء بالتزاماتها، وفقًا للأعراف والقوانين الدّولية، من خلال الاستجابة إلى الطلبات الرسمية العديدة الموجّهة إليها، لإيقاف المعني بالأمر وتسليمه"، مؤكدة مُضي "تونس في تثبيت أسس عدالتها الانتقالية، والتي كرّست، عقب ثورة 14 يناير، مبدأ الفصل بين السلطات، واستقلالية القضاء، حرصًا منها على احترام متطلّبات القوانين الدّولية، والتّشريعات الدّاخلية، وتطبيق الضمانات الأساسية لمحاكمات عادلة وشفّافة"، مشددة على "مساعيها الجادّة والمكثّفة من أجل تفعيل جميع الإنابات القضائية، وبطاقات الجلب، وتنفيذ مذكّرات الاعتقال الدّولية، في حقّ من تورّطوا، من رموز النظام السابق والمقرّبين منه، في جرائم وقضايا فساد، قصد إيقافهم وتسليمهم".
ونددت الخارجية التونسية بالحملة التي تستهدف دولة قطر في تونس، معربة عن رفضها التام لكل ما تم تداوله أخيرًا من تصريحات وتعليقات تطال رموز سيادة دولة قطر.
ووصفت الخارجية التصريحات بأنها "تعكّر صفو العلاقات القائمة على مبدأ الأخوّة، والاحترام المتبادل للسيادة الوطنية، وتحقيق المصالح المشتركة للبلدين الشقيقين"، مجدّدة "شكرها وامتنانها لدولة قطر، وشعبها الشقيق، على مساندة الثورة التونسية، وعلى الدعم الاقتصادي لتونس"، مشيدة بجهود قطر وحرصها على مساعدة تونس لوجيستيًا واقتصاديًا.
يأتي هذا في حين أكد وزير العدل التونسي نذير بن عمو أن تونس قدمت كل الضمانات الشكلية المتعلقة بمحاكمة ابن شقيق الرئيس السابق سفيان بن علي، لسويسرا، التي اشترطت عدم تعذيبه أو تعرضه لعقوبة الإعدام، مقابل تسليمه لتونس.
وأشار بن عمو، في مداخلة ألقاها أمام المجلس الوطني التأسيسي، إلى أن "المحكمة الفيدرالية الجنائية السويسرية قررت التعامل مع الحكومة التونسية في ما يخص استرجاع ومحاكمة سفيان بن علي، شرط أن لا يتعرض للتعذيب، وأن تتم محاكمته محاكمة علانية، وأن تتمكن سويسرا من الإطلاع على مختلف الإجراءات، التي تم إتخاذها في شأنه"، موضحًا أن "من شروط سويسرا الأخرى، عدم تنفيذ عقوبة الإعدام في حقه، غير أن وزارة العدل رفضت الاستجابة لهذا المطلب"، مشددًا على أن "المحكمة الإدارية السويسرية لا ترفض التعاون مع تونس، فيما يتعلق باسترجاع الأموال المنهوبة، وذلك على الرغم من غياب إتفاق تعاون بين البلدين في مجال القضاء.
وفي سياق منفصل، فنّد حزب "حركة النهضة" الإسلامي الحاكم في تونس، الخبر الذي تداولته عدد من الصحف، ومواقع التواصل الاجتماعي، بشأن إنشقاق أمينه العام، ورئيس الحكومة التونسية السابق، حمادي الجبالي عن الحركة، وتأسيسه لحزب سياسي جديد يحمل اسم "الوفاق الوطني"، ويضم جملة من المستقلين، من بينهم وزير الدفاع السابق عبد الكريم الزبيدي، مدينًا ما اعتبره "إشاعات و أكاذيب تستهدف رموزه و قياداته"، مطالبًا الصحافيين والناشطين في الحقل الإعلامي بـ" توخي الدقة والحذر في نقل الأخبار"، مؤكدًا أن "حمادي الجبالي لم يتخل عن الأمانة العامة لحركة النهضة"، مشيرًا إلى أن "مراسل قناة الجزيرة في تونس محمد البقالي نفى عبر صفحته في (فيسبوك)، صلته بالخبر الذي نُسب إليه".