الرئيسية » أخر الأخبار العربية و العالمية
الرئيس السوري بشار الأسد

دمشق - المغرب اليوم

ثمّة إجماع بين مراقبي الشؤون الشرق أوسطية حول أنّ واشنطن تنهي عزلة الرئيس السوري بشار الأسد. لقد أسقط تتابع الخطوات العربيّة الانفتاحيّة على دمشق بيانات إدارة بايدن عن مواصلة سياسة العزل المتّبعة في السنوات القليلة الماضية. علماً أنّ هذه البيانات هي أساساً قليلة – ومبهمة. يمكن اتّخاذ كمثل عن البيانات غير الواضحة، ما قاله مسؤول أميركيّ في وزارة الخارجية أواخر أيلول/ سبتمبر ردّاً على أسئلة وكالة "رويترز" بعدما أعاد الأردن فتح معبره الحدودي الرئيسي مع سوريا بشكل كامل: "الولايات المتحدة لن تطبّع أو ترقّي علاقاتنا الديبلوماسية مع نظام الأسد ولا نشجّع الآخرين على فعل ذلك، بالنظر إلى الفظائع التي ارتكبها نظام الأسد ضد الشعب السوري".

بطبيعة الحال، إنّ "عدم تشجيع الآخرين" على التطبيع مع الأسد يختلف عن "تشجيع الآخرين على عدم التطبيع مع الأسد". في التعبير الأخير موقف أميركيّ مبادِر، بعكس الأوّل الذي يدلّ إلى موقف أميركيّ محايد. والدول العربية الراغبة في تطوير العلاقات مع الأسد لأكثر من سبب قرأت هذا الموقف، وغيره، بدقّة. صحيح أنّ فريق بايدن لم ينهِ مراجعته للسياسة السورية. لكنّ الصحيح أيضاً أنّ الدول المعنيّة ليست بحاجة للانتظار. يمكن فهم سياسات بايدن بناء على مؤشّرات كثيرة من دون الاضطرار إلى انتظار ما سيصدر عن البيروقراطية في واشنطن. في نهاية المطاف، بايدن نفسه لم ينتظر انتهاء مراجعة السياسة الأفغانية قبل إصدار أوامره بالانسحاب من تلك البلاد. ولا هو أقام وزناً كبيراً لهواجس الدول العربية حين أقدم على سحب منظومات دفاعية من الشرق الأوسط في حزيران الماضي. بايدن مستمرّ بـ"الاستدارة" نحو الصين، بصرف النظر عمّا يقرّره موظفو وزارتي الخارجية والدفاع وفريق الأمن القوميّ بشأن سائر المناطق. يعني ذلك أنّ بايدن يرغب بتفويض حلّ مشاكل الشرق الأوسط إلى دوله، وهذا ما تقوم به الأخيرة. لكنّه لا يعني أنّ الانفتاح على الأسد يناقض رغبة بايدن.

يبدو أنّ الإدارة لا تغضّ الطرف وحسب عن سياسة التطبيع بل هي تؤيّدها أيضاً. عنون الصحافي جوش روغين مقاله في صحيفة "واشنطن بوست" الأسبوع الماضي كاتباً: "بايدن يدعم ضمناً التطبيع مع الأسد". ويلاحظ أنّه منذ القمّة التي جمعت الرئيس الأميركيّ بالعاهل الأردنيّ الملك عبدالله الثاني في تمّوز، تقود عمّان "تطبيعاً إقليمياً سريعاً" مع الأسد. كذلك، رحّبت وزارة الخارجية بفتح الحدود بين البلدين ولم تقل أيّ شيء بخصوص الاتّصال الهاتفيّ بين عبدالله والأسد. ونقل روغين عن مسؤول أميركيّ بارز موقفاً ملتبساً: "لم نعطِ الأردن ضوءاً أخضر أو ضوءاً برتقالياً. لم ندعم الاتّصال". لكنّ المسؤول نفسه اعترف بأنّ إدارة بايدن لن تعمل على منع الدول من التواصل مع الأسد، باستثناء حين يمنع القانون ذلك. هذا الاعتراف هو ما يعيد القارئ إلى عبارة "لا نشجّع" على التطبيع. مجدّداً، عدم التشجيع لا يعني المعارضة.

هنالك محاولات تفسير عدّة للدعم الأميركيّ غير المباشر للتطبيع. على سبيل المثال، يجادل مروّجو هذه السياسة، بحسب روغين، لصالح فكرة أنّ عشرة أعوام من العزلة لم تنتج أيّ تقدّم على صعيد التسوية السياسية مع مفاقمة لمعاناة السوريين. بالفعل، سبق لناطق باسم وزارة الخارجيّة أن قال لموقع "أكسيوس" إنّ قانون قيصر "أداة مهمّة" لكنّه أشار في الوقت نفسه إلى وجوب إيجاد توازن بين هذه الأداة والمخاوف الإنسانيّة. في أحيان أخرى، تبدو التفسيرات المقدّمة متناقضة إلى حدّ ما. يشير المروّجون للانفتاح إلى أنّ التواصل العربيّ مع الأسد يمكن أن يخفّف من القوّة الإيرانيّة في سوريا. هذا ما لا يوافق عليه نائب الرئيس البارز في "المجلس الأميركي للسياسة الخارجية" إيلان بيرمان. بالنسبة إليه، قد يكون تخفيف العزلة المفروضة على دمشق مكافأة لإيران كي تعود إلى طاولة التفاوض بشأن العودة إلى الاتفاق النووي في فيينا. ويكتب بيرمان في "نيوزويك" عن أنّ الإدارة لم تفرض أيّ عقوبة على حكومة الأسد بموجب قانون قيصر الذي سنّه الكونغرس سنة 2019.

بالنظر إلى وجود قواسم مشتركة كثيرة بين إدارتي بايدن وأوباما، من غير المستبعد أن يكون تخفيف الضغط الأميركيّ عن دمشق هادفاً في أحد جوانبه إلى استرضاء إيران. عدم الردّ على استخدام السلاح الكيميائيّ في الغوطة الشرقية سنة 2013 نتج عن خوف أميركيّ من عرقلة المفاوضات مع إيران. والمعادلة نفسها حاضرة على الأرجح اليوم. حتى سحب القطع الدفاعيّة من دول المنطقة (ومن بينها الأردن) الصيف الماضي قد يجد جذوره في محاولة استرضائية أخرى لإيران.  بالمقابل، لا يمكن استبعاد فرضيّة أنّ سياسة واشنطن السورية هادفة أيضاً إلى تعزيز التواصل مع روسيا. من جهة، هي تساهم في تسليم إدارة المنطقة إلى موسكو بغية استكمال "الاستدارة"، ومن جهة أخرى غير منفصلة عن الأولى، هي تسعى إلى استمالة موسكو في الصراع المفترض مع الصين.

تتكدّس هذه الأسباب المتنوّعة فوق "التعب" الذي يعاني منه الغرب بسبب الملفّ السوريّ وحتى "اللامبالاة" بحسب مدير برنامج سوريا في "معهد الشرق الأوسط" تشارلز ليستر الذي رأى أيضاً أنّ هنالك "نوعاً من القبول الضمنيّ من قبل إدارة بايدن بأنّه من المقبول للمنطقة إعادة الانخراط" مع الأسد. منذ بدء الازمة سنة 2011، شكّلت سوريا قضيّة ثانويّة بالنسبة إلى الإدارات المتعاقبة. لقد ارتبطت بالملفّات التركيّة والإيرانيّة والإسرائيليّة. دفع هذا المنحى الولايات المتحدة إلى الجلوس في "المقعد الخلفيّ" طوال عقد من الزمن، وفقاً للمحلّل في "المجلس الأطلسيّ" عبد الرحمن المصريّ. يبدو أنّ الديموقراطيّين يستسيغون مفهوم "القيادة من الخلف" الذي برز مع إدارة أوباما، أوّلاً في ليبيا، وثانياً في سوريا وثالثاً كما يبدو في الشرق الأوسط ككلّ. بسبب ذلك تحديداً، ستتقدّم قوى أخرى لـ"القيادة من الأمام" – الموقع الطبيعيّ والحقيقيّ لأيّ قيادة. ما يحصل في سوريا ليس ناجماً عن استراتيجيّة "بايدنيّة" إنّما عن غيابها.

قد يهمك أيضاً :

أنباء عن لقاء مرتقب بين رئيس المخابرات التركية ونظيره السوري

قمة روسية ـ سورية في موسكو وبوتين يهنئ الأسد بعيد ميلاده ويدخل العزل الذاتي

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

نتنياهو يؤكد اختياره الأهداف في إيران بناء على مصالحه…
إسرائيل تعلنها رسمياً بدء هجومها على إيران رداً على…
100 طائرة مقاتلة إسرائيلية شاركت في الهجوم على إيران
حزب الله يعلن رسمياً مقتل هاشم صفي الدين، وغارات…
مايكروسوفت قراصنة إيرانيون يستهدفون مواقع لانتخابات أميركا

اخر الاخبار

ساعات التصويت تمتد في مقاطعة بنسلفانيا المؤيدة لترامب عقب…
استنفار أمني بعد اكتشاف أوراق مالية مزورة داخل بنك…
مجلس الحكومة المغربية يدرس مجموعة من الملفات التشريعية المهمة
المعارضة في المغرب تُطالب ببرنامج حكومي تعديلي وتنتقد اتفاقيات…

فن وموسيقى

سعد لمجرد يُعرب عن سعادته بتحقيق أغنيته «سقفة» أول…
أحمد السقا يكشف أسراراً من كواليس فيلم "السرب" ويتحدث…
يسرا تُعرب عن سعادتها بتواجدها في مهرجان الجونة وتُؤكد…
الموت يغيب الفنان القدير مصطفى فهمي عن عمر 82…

أخبار النجوم

عمرو دياب يتصدّر ميدان "تايمز سكوير" في نيويورك
شيرين عبد الوهاب تعود بنشاط نسائي مميّز في الكويت
درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
هاني سلامة يعود الى السينما بعد غياب امتد لأكثر…

رياضة

محمد صلاح يحتفل بصدارة الدوري الإنجليزي ورقمه القياسي ويوجه…
وليد الركراكي يكشف مصير حكيم زياش مع المنتخب المغربي
الفرنسي هيرفيه رونار يعود لتدريب منتخب السعودية
لاعبين مغاربة خارج المرشحين لجائزة الأفضل في إفريقيا

صحة وتغذية

أدوية علاج لمرض السكري قد تُقلل خطر الإصابة بحصوات…
حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها
عقار شائع للإجهاض قد يساهم في إطالة العمر ويشعل…
تناول الماغنيسيوم مع فيتامين D يُعزّز صحة العظام ووظيفة…

الأخبار الأكثر قراءة

حماس تكشف عن تفاهم مع فتح على إدارة غزة…
إسرائيل تشن غارات جوية ضد أهداف في لبنان و…
انفجار أجهزة الإتصال في لبنان يوقع أكثر من ٣٠٠٠…
كير ستارمر وميلوني يبحثان السماح لأوكرانيا باستخدام أسلحة طويلة…
وزارة الخزانة الأميركية تعلن فرض عقوبات جديدة على طهران…