القاهرة ـ سعيد فرماوي
أكّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس الأربعاء، أن أفريقيا تحتاج إلى مقاربة شاملة في معالجة التحديات التي تواجه دول القارة، مبنية على التنمية المستدامة، مطالبا الدول الأفريقية بموقف حاسم وجماعي في مواجهة أبرز الإرهاب ومن يدعمه، لكونه أبرز التحديات.
وافتتح السيسي، أمس، فعاليات منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين، بمشاركة مسؤولين أفارقة ودوليين، بينهم رؤساء تشاد إدريس ديبي، ونيجيريا محمد بخاري، والسنغال مكي سال، والنيجر محمدو إيسوفو، وجزر القمر غزالي عثمان، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي ونائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد.
وقال السيسي، خلال مداخلته في الجلسة الافتتاحية: "رغم كل التحديات الموجودة والصعوبات التي تواجه القارة، هناك أمل وتفاؤل بالمستقبل". وطالب بـ"مقاربة شاملة في معالجة التحديات التي تواجه القارة مبنية على التنمية المستدامة في القارة بالكامل سواء كان على مستوى الاتحاد الأفريقي أو على مستوى الدول"، مؤكدا أن تحقيق هدف التنمية المستدامة يحقق الاستقرار والأمن ويحقق تطلعات الشعوب الأفريقية في مستقبل أفضل.
وفي معرض كلمته تناول التجربة المصرية في مواجهة الجماعات الإرهابية، مشيرا إلى أن "ما حدث ويحدث في مصر هو صورة مصغرة للواقع الأفريقي، ففي عام 2013 كانت الدولة المصرية تواجه تحديات كثيرة جدا بما فيها الإرهاب وأحداث تنذر بحدوث حرب أهلية وغيرها وكان هناك خيارات هل سنواجه الإرهاب ونتوقف عن التنمية أم نعمل التنمية ونتخلى عن مواجهة الإرهاب، لكننا تحركنا في المسارين، لذلك نحن في أفريقيا علينا التحرك في التنمية المستدامة وتعزيز منظومة السلم والأمن الأفريقية.
ونوه إلى أن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب بالضرورة إنشاء بنية أساسية قارية أو على الأقل على مستوى الأقاليم الجغرافية الأفريقية، وأضاف: "ليس لنا مستقبل بالقارة الأفريقية إلا بإقامة بنية أساسية متطورة تربط بين دول القارة سواء بالطرق البرية أو بالسكة الحديد أو بشبكات الربط الكهربائي".
وأشار الرئيس المصري إلى أن بلاده تمتلك "أكثر من 20 في المائة احتياطي من الطاقة الكهربائية متاح يمكن نقله لأفريقيا إذا توفرت شبكة ربط كهربائي في القارة وهو ما كان سيؤدي إلى إمكانية وصول الكهرباء للدول الأفريقية بتكلفة أقل".
وأوضح السيسي أن مصر تحركت لتطوير وتأهيل البنية الأساسية بشكل ضخم مما أدى إلى خلق فرص عمل كبيرة للمواطنين وتكثيف الجهود حتى تصبح الدول المصرية قادرة على الاستفادة الكاملة من مواردها وإمكانياتها.
اقرا ايضا :
إسرائيل ستدرس طلب الفلسطينيين حول إجراء انتخابات تشريعية في مدينة القدس
ومضى الرئيس السيسي يقول "إذا كانت دول الساحل في أفريقيا تتحدث عما يمثله الإرهاب من تحد كبير فإن هذا التحدي ما زال قائما في مصر لكننا واجهنا الإرهاب جنبا إلى جنب بالتوازي مع خطة طموح لصالح التنمية المستدامة في مصر".
وأضاف: "الإرهاب في أي منطقة في القارة أو خارجها يتطلب العمل الجماعي"، مؤكدا استعداد مصر للعمل مع الأشقاء والتعاون ما أمكن بالقدرات الاقتصادية المتاحة لنقدم التدريب وننقل الخبرات وبعض المعدات والذخائر والأسلحة لدول الساحل والصحراء لمساعدتهم". وتابع: "لن نستطيع أن نواجه الإرهاب إلا بعمل جماعي بحيث لا يقتصر الأمر على الدولة التي تواجه تحدي الإرهاب بل يجب أن تتم هذه المواجهة من جانب الدول الأفريقية بل والعالم أجمع".
وشدد السيسي على ضرورة أن "يتم التعامل بحسم مع الدول التي تقوم بدعم ورعاية الإرهاب ولا ننظر للأمر بنظرة ضيقة تحقق مصالح هذه الدول بشكل أو بآخر".
وأضاف: "لا بد أن يكون هناك رد جماعي في مواجهة الإرهاب وموقف حاسم مع الدول الداعمة لهذا الإرهاب لأنه لم يكن بمقدور الجماعة الإرهابية مواصلة أنشطتها الإرهابية إلا إذا كانت تلقى دعما ضخما ماديا وعسكريا ومعنويا".
واستدرك: "لا بد أن نعزز من قدرة القوة الأفريقية الجاهزة حتى على مستوى الأقاليم الجغرافية حتى تستطيع أن تقوم بمساهمات لصالح إقرار السلام والمساعدة في مواجهة التحديات الأمنية التي تجابه القارة"، كاشفا عن "عقد مؤتمر في مصر خلال هذا الشهر بواسطة اللجنة الوزارية للأمن والدفاع كي تنظر في التوجيهات الاسترشادية التي تحكم عمل هذه القوة".
وقال السيسي: "نستطيع معا أن نواجه تحدي الإرهاب، الذي يؤثر على قدراتنا الاقتصادية وبالتالي قدرتنا على التنمية... ليس لدينا خيار غير التحرك سويا".
ويختتم المنتدى أعماله اليوم (الخميس)، وتركز جلساته على العديد من القضايا أبرزها: "مبادرة إسكات البنادق في أفريقيا"، و"آليات استدامة السلام"، و"منع الصراعات"، و"دور المرأة الأفريقية"، و"الشراكة الأفريقية مع العالم".
وتصدرت الأزمة الليبية اهتمامات القادة الأفارقة خلال اجتماعات المؤتمر الأول لمنتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين في أفريقيا، أمس، بحثًا عن حل للمعضلة المستحكمة، في وقت تواصل فيه البعثة الأممية لدى البلاد جهودها للحشد الدولي قبيل انعقاد مؤتمر برلين، الذي لم يحدد موعده بعد.
وتحدث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في خطابه عن بوادر حل سياسي للأزمة، بقوله: "خلال الأشهر القليلة المقبلة سنوجد حلًا شاملًا للمسألة الليبية"، مستكملًا: "هذا الحل سياسي بالطبع من أجل القضاء على بؤرة الإرهاب، التي يتم دفع المقاتلين والذخائر والأسلحة من خلالها إلى دول الجوار، بما فيها مصر".
على الجانب الآخر، استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي اليوم في أسوان، الرئيس النيجيري محمد بوهاري، وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن الرئيس رحب بأخيه الرئيس بوهاري في مصر، مؤكدًا عمق العلاقات التاريخية التي تجمع بين مصر ونيجيريا، ومشيدًا بمجمل العلاقات بينهما على الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية.
كما أشار الرئيس إلى أهمية مواصلة تعزيز التبادل التجاري والاستثمارات المتبادلة بين البلدين، مشيدًا بتنامي التعاون بين مصر ونيجيريا في مجال بناء القدرات من خلال البرامج المختلفة التي تنظمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، في إطار إيمان مصر بأهمية الاستثمار في الموارد البشرية بالقارة.
من جانبه، أكد رئيس نيجيريا تقدير بلاده للعلاقات التاريخية المتميزة بين البلدين الشقيقين، مشيدًا بدور مصر المحوري على الساحة الأفريقية، لا سيما في ظل جهودها الحالية كرئيس للاتحاد الأفريقي.
كما أعرب الرئيس النيجيري عن حرص بلاده على تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، لاسيما التعاون التجاري والاقتصادي، ليتناسب مع عُمق وتميز العلاقات السياسية بين البلدين، مشيدًا في هذا الإطار بنشاط الشركات المصرية في نيجيريا، ومؤكدًا التطلع لزيادة الاستثمارات المصرية هناك.
وأضاف المتحدث الرسمي أن اللقاء بين الرئيسين تناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية، خاصة في ضوء الطفرة الاقتصادية التي تشهدها البلدان، فضلًا عن التوافق حول أهمية تعزيز التشاور السياسي، ومواصلة التنسيق حول سبل ترسيخ الأمن والاستقرار في القارة الإفريقية، بالإضافة إلى تبادل الخبرات في المجال الأمني ومكافحة الإرهاب في ضوء التحديات المشتركة التي تواجه البلدين في هذا الصدد.
كما شهد اللقاء التباحث حول أطر تعظيم العمل الإفريقي المشترك، ومستجدات الأوضاع في السودان وليبيا ومنطقتي الساحل وغرب أفريقيا، حيث أكد الرئيس حرص مصر خلال فترة رئاستها للاتحاد الإفريقي على تحقيق أهداف القارة الإستراتيجية، في مجالات السلم والأمن وترسيخ الاستقرار وإنهاء النزاعات، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتكامل الاقتصادي والاندماج الإقليمي، وتفعيل منطقة التجارة الحرة القارية، والإصلاح المالي والمؤسسي للاتحاد الإفريقي.
وقد توجه الرئيس النيجيري في هذا الإطار بالتهنئة لمصر على التنظيم المتميز والنجاح في استضافة منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة في نسخته الأولى، والتي تأتي ترسيخا للدور الفاعل لمصر على صعيد تعزيز أطر العمل الأفريقي المشترك وتحقيق أهداف التنمية والاستقرار في القارة.
قد يهمك ايضا :
مسؤول أمني في غزة يؤكد أن الحدود مع الدولة المصرية مستقرة بشكل غير مسبوق
إدانات واسعة لهجوم قوات الأمن على المتظاهرين السلميين وسط العاصمة اللبنانية