الجزائر - المغرب اليوم
اعتبر لويس مارتينيز، مدير أبحاث في مركز الدراسات الدولية-العلوم السياسية في باريس، أن الجيش الذي يعتبر من أعمدة النظام في الجزائر "قادر على إدارة" الأزمة الناجمة عن الحراك الشعبي المستمر منذ سنة في هذا البلد.في المقابل، يرى هذا الخبير في شؤون المغرب العربي صاحب كتاب "عنف ريع النفط في الجزائر وليبيا والعراق" أن الأمر لا ينطبق على الأزمة المالية والاقتصادية التي تطل برأسها في الجزائر.لمَ تعتبرون أن الوضع الاقتصادي أكثر إثارة للقلق للسلطة الجزائرية من الحراك؟
لا يشكل الحراك تهديدا للنظام على المدى القصير، بل على العكس بفضل هذه الحركة الشعبية السلمية تمكن الجيش من تفكيك كل الشبكات المالية الاقتصادية المرتبطة بالرئيس السابق (عبد العزيز بوتفليقة الذي استقال في الثاني من أبريل الماضي). وقد شكل فرصة سياسية للتخلص من الشبكات المدنية النافذة التي خرجت عن وصاية الجيش.وفي حين إن الجيش قادر على إدارة أزمة الحراك، إلا أن الأزمة المالية والاقتصادية التي تطل برأسها ليست كذلك. فقد أدى انهيار سعر برميل النفط اعتبارا من 2014 إلى تراجع الإيرادات المرتبطة بتصدير المحروقات إلى النصف (وهي تشكل أكثر من 90 % من إيرادات البلاد الخارجية)، (...) وبدأ احتياطي العملات (180 مليار دولار في 2018 و50 مليارا في 2020) ينضب، ويُخشى بحلول ديسمبر 2020 ألا يبقى الكثير منه لدعم النفقات في 2021. (...) وتستخدم الحكومة عجز الميزانية (7,2 % من إجمالي الناتج المحلي) لضمان الانفاق العام، وخصوصا نفقات الجيش (12 مليار دولار).
تقولون إن ثمة "جدارا" سيتم الاصطدام به، فكيف يمكن تفاديه؟
منذ العام 2018، تجهد السلطات لخفض النفقات التشغيلية والتجهيزات (ناقص 20 %) والحد من الواردات.لا يمكن للسلطات أن تذهب بعيدا في هذا المجال، فالقطاع العام يساهم وفق بعض خبراء الاقتصاد بتكوين 45% من القيمة المضافة. وتلقى أكثر من 400 هيئة عامة دعما مباشرا، ومن الصعب وضع حد لنظام الدعم الرسمي.ويبقى تاليا رفع الإيرادات الضريبية. ففي حين إن العائدات الضريبية النفطية رهن بسعر برميل النفط، ومن ثم بسوق النفط العالمية، تنوي الحكومة زيادة العائدات الضريبية العادية.هذه الإجراءات لن تكون كافية ويرجح كثيرا أن نرى الحكومة بحلول العام 2020 تتفاوض على قروض، أي أن تختار الاستدانة لتعويض نضوب احتياطي العملات.
وعلى الصعيد السياسي، تجد الحكومة نفسها مضطرة إلى مواصلة النفقات العامة بأي ثمن حتى لا تغرق الجزائر في أزمة اجتماعية ستكون لها عواقب وتأثيرات أكبر من مطالب الحراك الشعبي.أقرت الحكومة الجديدة خطة عمل تتمحور على إنعاش الاقتصاد. ألا يخشى على العكس أن يؤدي ذلك إلى إضعاف النسيج الاجتماعي وتشديد الحراك؟"مخطط عمل الحكومة" ينطلق من ضرورة "إصلاح الحياة العامة" كشرط مسبق للإصلاحات الاقتصادية والتجدد الاقتصادي. والشعور بأن الحياة العامة يشوبها الفساد وعدم الكفاءة قديم، وقد نددت به كل التيارات السياسية منذ الثمانينيات.
المشكلة الرئيسية للاقتصاد الجزائري تكمن في أنه يعتمد بشكل كبير جدا على السوق النفطية. وعند نشوب أي أزمة تطرح مسألة الإصلاحات الضرورية لهذا الاقتصاد الريعي، لكن في كل مرة يرتفع فيها سعر برميل النفط تفضل السلطات إعادة التوزيع على الاستثمار والتنويع.تنويع الاقتصاد وخفض حصة المحروقات من إجمالي الناتج المحلي وتحسين جاذبية الجزائر، مسائل ينبغي معالجتها. وتحتاج إصلاحات كهذه إلى الوقت، وإلى ثقة المجتمع.لكن الحكومة اليوم لا تتمتع بأي منهما. وعليها إعادة بناء الحياة السياسية بشكل عاجل وتطبيق خطة عملها والأمل بارتفاع سعر النفط!
قد يهمك ايضا:
تمويل "صندوق الكوارث" يثير غضب أصحاب المركبات في المملكة
وزير الدولة يبدي دهشته من تأجيل البرلمان المغربي مناقشة القانون الجنائي