بيروت ـ سليم ياغي
استمرت الاحتجاجات في بيروت وعدة مناطق لبنانية أخرى مساء الجمعة، رغم الاشتباكات التي وقعت عصرًا مع مناصرين لـ"حزب الله"، وأكد المحتجون أنهم لن ينسحبوا من الشوارع قبل سقوط الحكومة، مؤكدين أن كلام أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، والاشتباكات التي تبعته لا تخيفهم.
ودعا المتظاهرون لتظاهرات حاشدة السبت أطلقوا عليها "سبت الساحات"، كما أفادت وسائل إعلام لبنانية بوقوع اشتباكات بين أنصار حزب الله ومتظاهرين في البقاع ليلًا، كما انتشرت فيديوهات ساخرة للبنانيين حملت عنوان "أنا ممول الثورة"، للرد على نصر الله.
وجاءت هذه الفيديوهات كإشارة للطبيعة العفوية للحراك الذي يشهده لبنان، وللتأكيد على عدم وقوف جهات خارجية وراء تحرك المواطنين، وبالتوازي مع الفيديوهات، انتشر وسم "هاشتاغ" بعنوان "#أنا_ممول_الثورة"، والذي عبّر فيه اللبنانيون عن رأيهم بخطاب نصر الله، مع رد على كلامه.
وانسحب مناصرو حزب الله من ساحات الاعتصام في بيروت، اليوم الجمعة، بعد كلمة نصرالله، إلا أنهم سيّروا مواكب في مناطق سيطرة الميليشيا، كما أثاروا أعمال شغب في المدخل المؤدي لساحة الاعتصام الرئيسية في وسط بيروت.
وفي وقت سابق من اليوم كان قد وقع اشتباك في ساحة الاعتصام الرئيسية في بيروت بين متظاهرين وموالين لحزب الله، تبعته اشتباكات بين الأمن اللبناني وعناصر حزب الله.
وأفادت تقارير صجافية باختراق عدد من أنصار حزب الله للمحتجين مرددين شعارات موالية لنصرالله، وبوقوع اشتباك بينهم وبين محتجين في ساحة رياض الصلح ببيروت. وتدخلت قوة من مكافحة الشغب لتفريق الطرفين. كما قامت قوات مكافحة الشغب بإقفال مداخل ساحة الشهداء في وسط بيروت.
واشتبك الأمن اللبناني مع مؤيدين لحزب الله في وسط بيروت، واعتقل عددًا من مثيري التوتر، وسط استفزاز بعض العناصر للقوى الأمنية والمتظاهرين. وتشير الأنباء إلى وقوع إصابات في هذه الاشتباكات.
في سياق متصل، اعتدى موالون لحزب الله على وسائل الإعلام في ساحة الاعتصام في وسط بيروت.
وكان عدد من اللبنانيين توافدوا، اليوم الجمعة، إلى مختلف ساحات الاحتجاج عبر البلاد لليوم التاسع على التوالي.
ونصب مئات المحتجين اللبنانيين الخيام وأعاقوا حركة المرور في الطرق الرئيسية، وناموا في الساحات العامة لفرض حملة العصيان المدني ومواصلة الضغط على الحكومة للتنحي، كما ظلت البنوك والجامعات والمدارس مغلقة اليوم الجمعة، وهو بالعادة يوم عمل في لبنان.
واليوم أيضًا، أغلق متظاهرون لفترة وجيزة الطريق السريع الذي يربط مدينة صيدا الجنوبية ببيروت، وأحرقوا إطارات وعرقلوا حركة المرور. وفيما بعد، أزال الجيش الإطارات وأعاد فتح هذه الطريق.
خيم المحتجين الذين باتوا ليلتهم في ساحة الاعتصام قبالة السراي الحكومي في بيروت
كما أقام متظاهرون خيامًا على الطريق السريع الرئيسي الذي يربط شرق بيروت بغربها، ولا يسمح إلا بمرور سيارات الإسعاف والمركبات العسكرية. كما اعتصم آخرون على المدخل الشرقي لبيروت.
وفي بيان لها اليوم، حذّرت قيادة الجيش اللبناني من الممارسات المسيئة والمخالفة للقانون من قبل المعتصمين، كما اعتبرت أن حرية التعبير والتظاهر مصانة دستوريًا لكنها دعت إلى "احترام حرية التنقل".
وخلال الـ8 أيام الماضية، انتشرت احتجاجات اللبنانيين من الشمال إلى الجنوب مرورًا ببيروت. وعلى الرغم من وعود الحكومة ورئيس الجمهورية بالإصلاح، يواصل المحتجون حراكهم، قائلين إن المسؤولين الحاليين في البلاد فاسدون ويجب أن يرحلوا.
في سياق متصل، أيدت البطريركية المارونية مطلب المتظاهرين بتشكيل حكومة مصغرة من خارج الأحزاب والتكتلات، وذكّرت أن "الشعب هو مصدر السلطات وفق الدستور". وأضافت: "ليعلم المسؤولون في الدولة أنهم مسؤولون عن الخسائر بملايين الدولارات".
نصرالله يتراجع عن تهديد الحراك
أما أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، فاعتبر في كلمة له اليوم أن "لبنان يمر بمرحلة حساسة وخطيرة"، مؤكدًا أن ورقة الإصلاحات التي اعتمدتها الحكومة "خطوة أولى لكنها لا تلبي الطموحات".
وأكد نصرالله أنه "يحترم" الحراك الشعبي، مدعيًا أنه لم يشارك بالحراك لإبعاد الصبغة السياسية والحزبية عنه. وقال نصرالله إنه لم يهدد المتظاهرين متراجعًا عما قاله سابقًا، معتبرًا أن "ما يجري يجب أن يُوظف لمصلحة البلاد".
ورأى نصرالله أن الحراك حقق إيجابيات في أيامه الأولى، حيث فرض على الحكومة إنجاز ميزانية خالية من العجز والضرائب. وانتقد نصرالله من "سخّف" ورقة الإصلاحات الحكومية، التي وصفها بـ"غير المسبوقة".
وأشاد نصرالله بخطاب رئيس الجمهورية ودعوته ناشطي الحراك للحوار، محذّرًا من الفراغ الذي ينادي به البعض. كما اعتبر نصرالله أن "البعض يحضر لحرب أهلية" في لبنان.
وتابع نصرالله: "الفراغ في لبنان قد يؤدي إلى فوضى وانهيار.. ومن مسؤولية حزب الله حماية لبنان في الداخل أيضًا".
ورفض نصرالله الدعوات لانتخابات مبكرة مبررًا ذلك بعدم وجود اتفاق على قانون انتخابي جديد. كما رفض إسقاط أو استقالة الحكومة.
كما رفض نصرالله استمرار قطع الطرقات، حيث اعتبر أن ما يفعله المعتصمون على الطرقات "إذلال" وابتزاز للمدنيين، إلا أنه اعترف أن "قطع الطرقات من أساليب الاحتجاج المدني".
في سياق متصل، نفى نصرالله أي اتهام بدفع الجيش اللبناني لمواجهة المتظاهرين، معتبرًا أنه "لا يجوز للجيش والقوى الأمنية مواجهة المتظاهرين".
كما اتهم نصرالله سفارات وشخصيات وقوى سياسية بتمويل وتحريك التظاهرات، معتبرًا أن الحراك لم يعد حركة شعبية وعفوية. وطالب نصرالله الحراك الشعبي بإعلان أسماء قادته.
ودعا نصرالله أنصاره إلى الانسحاب من ساحات الاعتصام. وبالفعل انسحب هؤلاء من ساحة الاحتجاج في بيروت وسط افتعالهم لمشاكل مع الأمن والمحتجين. وسيّر مناصرو حزب الله مسيرات مؤيدة له في الضاحية الجنوبية لبيروت ومدينتي صور والنبطية (جنوب لبنان).
كما تظاهر مناصرو حزب الله على "جسر الرينغ" المؤدي لساحة الاعتصام في رياض الصلح، وأشعلوا النيران هناك، بينما حاول الأمن تفريقهم.
يذكر أن أنصار ميليشيا حزب الله حاولوا أمس الخميس التشويش على المحتجين ولجأوا إلى أسلوب بث الشعارات الطائفية المؤيدة لخامنئي.
وأكدت مصادر وقوع العديد من الإصابات في صفوف المتظاهرين بعد عراك بالأيدي اتهمت عناصر من حزب الله بافتعاله، انفض بعد تدخل الأجهزة الأمنية.
وعلى الجانب الآخر، أعاد الجيش اللبناني، السبت، فتح عدد من الطرق التي عمد المتظاهرون في لبنان إلى إغلاقها، في إطار الاحتجاجات التي تجتاح لبنان منذ 10 أيام، بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية.
وأفادت تقارير في بيروت بأنه تمت إعادة فتح طريق الشيفروليه جنوبي بيروت، مشيرة إلى أن كافة الطرق في صيدا جنوبي البلاد لا تزال مقفلة، في وقت يتواصل الاعتصام في ساحة إيليا بالمدينة.
ويواصل المتظاهرون إغلاق الأوتوستراد الساحلي عند محلة جل الديب والزق بجبل لبنان.
وبحسب غرفة التحكم المروري، فإن طرقات أخرى مقطوعة في جبل لبنان والمتن الشمالي والنبطية وجونية.
وقد يهمك أيضاً :
قوي الأمن الداخلى تحاول إقناع المتظاهرين بفتح جسر الرينغ أمام حركة السير