برلين ـ المغرب اليوم
عبر المستشار الألماني أولاف شولتز، الأربعاء، عن ثقته في إنقاذ حزبه اليساري الوسطي المتعثر، معلناً ترشحه لولاية ثانية كزعيم لألمانيا في انتخابات متوقعة العام المقبل، رافضاً دعوات اتباع مسار الرئيس الأميركي جو بايدن وإفساح المجال لشخص آخر.وانطلق ائتلاف شولتز الحاكم، الذي تولى الحكم في نهاية عام 2021، بخطة لتحديث ألمانيا، لكنه اكتسب سمعة سلبية بأن مكوناته على خلاف مستمر ويعاني صعوبات في التواصل. وشهدت الأحزاب الثلاثة المشكلة للتحالف، انخفاضاً في معدلات دعمها، حسبما أفادت وكالة "أسوشيتد برس".
وخلال انتخابات البرلمان الأوروبي الشهر الماضي، احتل الديمقراطيون الاجتماعيون بزعامة شولتز المركز الثالث بعد أن حصل على نسبة 13.9% فقط من الأصوات، وهو أسوأ أداء لهم بعد الحرب العالمية الثانية في انتخابات وطنية. وهذا أقل بكثير من نسبة التأييد البالغة 25.7% التي فازوا بها بصعوبة في الانتخابات الوطنية الأخيرة في ألمانيا في عام 2021.
وقال شولتز في مؤتمره الصحافي السنوي الصيفي إن انخفاض الدعم هو "حافز" للقيام بعمل أفضل، و"من الواضح لي أنه يجب علينا إقناع الناس بأفعالنا.. وبوضوح".
وتحتل أكبر قوة معارضة في البلاد وهي تحالف بين الاتحاد الديمقراطي المسيحي CDU (حزب المستشارة الالمانية السابقة أنجيلا ميركل)، وحزبه الشقيق البافاري CSU، المركز الأول حالياً في استطلاعات الرأي بحوالي 31%، بينما يحتل حزب البديل من أجل ألمانيا، اليميني المتطرف، المركز الثاني بحوالي 17%، مما يترك أحزاب الائتلاف الحاكم في مراتب متأخرة.
وفي استطلاع حديث أجراه معهد "ألينزباخ" بين صناع القرار والمديرين التنفيذيين في البلاد، كان فريدريش ميرز من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، والذي من المتوقع أن يصبح الخصم الرئيسي لشولتز العام المقبل، الشخصية المفضلة لتولي منصب مستشار ألمانيا المقبل بنسبة 64% من المشاركين.
وتمثل هذه النسبة زيادة بـ 17 نقطة مئوية، مقارنة بالعام الماضي. ومن ناحية أخرى، لم يؤيد شولز سوى 33% من المشاركين في الاستطلاع.
وأدى الصراع الداخلي المستمر في الائتلاف منذ تشكيل الحكومة بعد انتخابات ألمانيا في عام 2021، حول كل شيء من الغزو الروسي لأوكرانيا، والعجز في الميزانية، إلى زعزعة استقرار التحالف وتأخير عملية اتخاذ مواقف واضحة.
وقال شولتز للصحافيين في برلين: "بحلول الوقت الذي تُعقد فيه انتخابات البرلمان الألماني (البوندستاج)، سنكون قد قلبنا الأمور". وكانت الحكومة الألمانية قد اختارت في وقت سابق تاريخ 28 سبتمبر 2025 موعداً للانتخابات الوطنية المقبلة، وسيصبح هذا التاريخ رسمياً بمجرد توقيع رئيس البلاد على الإجراء.
صعود اليمين المتطرف
ولكن هذا الحماس يبدو غير متوافق مع الواقع الجديد الذي كرسته نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو. فقد وجه الناخبون في ألمانيا ضربة ساحقة للائتلاف الحاكم، تقول مجلة "بوليتيكو".
وتعرض الائتلاف الحاكم في ألمانيا بزعامة شولتز، لهزيمة قاسية في الانتخابات الأوروبية، إذ جاءت الأحزاب الثلاثة في حكومته خلف المحافظين واليمين المتطرف.
وحصل الحزب الديمقراطي الاشتراكي، بزعامة شولتز، على أسوأ نتيجة له في التاريخ بنسبة 14%، فيما حل حزب البديل من أجل ألمانيا، اليميني المتطرف، في المركز الثاني بعد حصوله على ما بين 16 و16.5%، فيما حصلت كتلة "الاتحاد المسيحي" التي تضم حزب "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" و"الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري" المحافظ، على 29.5%، وفقاً لاستطلاعين نشرتهما الشبكتين الوطنيتين ARD و ZDF.
ولم يسجل "حزب الخضر"، شريك شولتز في الائتلاف الحكومي، سوى على 12 إلى 12.5%، بينما حصل "الحزب الديمقراطي الحر الليبرالي" على 5%.
وتوجه البرلمان الأوروبي نحو اليمين، يعني أن المجلس قد يكون أقل حماساً للسياسات الرامية إلى معالجة تغير المناخ، بينما سيكون حريصاً على التدابير الرامية للحد من الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي، وهو تكتل يضم 450 مليون مواطن.
ويصوت البرلمان الأوروبي على تشريعات مهمة للمواطنين والشركات في الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة.
هفوات التحالف الحاكم
وأقر شولتز بأن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، يحتاج إلى التواصل بشكل أكثر وضوحاً مع الناخبين بشأن إنجازاته التشريعية المختلفة، مثل زيادة الحد الأدنى للأجور، ودفع التخفيضات الضريبية لأصحاب الدخول المنخفضة والمتوسطة، وضمان المستوى الحالي لمعاش التقاعد الحكومي.
كما ألمح إلى نوع الحملة الانتخابية التي سيخوضها العام المقبل، مؤكدًا على التزام الحزب الاشتراكي الديمقراطي بتعزيز القوات المسلحة الألمانية وتحديث الاقتصاد، وخاصة من خلال تشجيع الاستثمار من قبل شركات التكنولوجيا الفائقة، وتسريع إجراءات التخطيط والحد من البيروقراطية.
كما ألقى رسالة قوية بشأن القانون والنظام، قائلاً إن حكومته ملتزمة بالحد من الهجرة غير الشرعية وترحيل أعداد أكبر من طالبي اللجوء الفاشلين والمجرمين الأجانب.
وحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز"، فقد وجدت حكومة شولتز نفسها في السلطة بعد أقل من ثلاثة أشهر من بداية الغزو الروسي لأوكرانيا. ومنذ ذلك الحين، كان عليها أن تكافح أزمة طاقة عميقة، فضلاً عن ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم. وكانت ألمانيا أسوأ اقتصاد رئيسي أداءً في العام الماضي، ويتوقع الوزراء نمواً بنسبة 0.3% فقط في عام 2024.
سيناريو بايدن
وأشار استطلاع رأي لأعضاء الحزب الديمقراطي الاجتماعي، المعروف اختصاراً بـ SPD، نُشر يوم الاثنين الماضي، إلى أن ثلثهم فقط يعتقدون أنه يجب أن يترشح لمنصب المستشار مرة أخرى في الانتخابات القادمة.
ورفض شولتز التعليق على الاستطلاع ورفض سؤالاً بشأن ما إذا كان قد يحذو حذو بايدن. وقال: "لا، الحزب الديمقراطي الاجتماعي هو حزب متحد للغاية؛ نحن جميعاً عازمون بشدة على خوض الحملة الانتخابية القادمة معاً والفوز بها، وأنا، بصفتي مستشاراً، سأترشح لمنصب المستشار مرة أخرى".
وكان شولتز صامتاً إلى حد كبير بشأن انتخابات الرئاسة الأميركية. وكانت آخر حكومة ألمانية، والتي كان شولتز نائباً للمستشار فيها، تتمتع بعلاقات متوترة أحياناً مع إدارة المرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب.
وقال: "سأعمل جيداً مع أي حكومة في الولايات المتحدة - هذه وظيفتي، وهذه هي وظيفة ألمانيا وأوروبا. نحن نعطي قيمة كبيرة للعلاقات عبر الأطلسي". وأضاف أن "هذه ليست مجرد مسألة معاملات تتعلق المصلحة"، بل هي مسألة قيم مشتركة مثل سيادة القانون والديمقراطية والحرية.
وعندما سُئل عن وجهة نظره في المرشحة الديمقراطية، نائبة الرئيس كامالا هاريس، قال شولتز إنه التقى بها في عدة مناسبات ويرى أنها "سياسية كفؤة وذات خبرة تعرف بالضبط ما تفعله ولديها أفكار واضحة للغاية حول دور بلدها".
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
شولتز يكشف أهداف ألمانيا واستفادتها من أزمة اليونان