غزة ـ ناصر الأسعد
أكد مسؤولون ودبلوماسيون في الأمم المتحدة، أن “هناك ضرورة لمواصلة دعم تفويض” وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى الـ(أونروا)، غداة استقالة مفوضها العام بيار كراينبول بالتزامن مع صدور نتائج التحقيقات في الادعاءات عن سوء إدارة في واحدة من الوكالات الأكبر والأقدم في المنظمة الدولية.
وأفاد الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، بأن المفوض العام لـ”أونروا” بيار كراينبول، أبلغ الأمين العام أنطونيو غوتيريش، بأنه “يقدم استقالته” على أن تكون هذه الاستقالة “سارية المفعول على الفور”.
وأضاف أن “الأمين العام شكر لكراينبول التزامه وتفانيه المستمر لـ(أونروا) وللاجئين الفلسطينيين”، مكررُا “تقديره لـ(أونروا) لعملها الممتاز، وهو أمر ضروري لرفاهة اللاجئين الفلسطينيين”. وأشار إلى أنه “في هذا الوقت، من الأهمية بمكان أن تظل الدول الأعضاء والشركاء الآخرون ملتزمين بـ(أونروا) والخدمات التي تقدمها”، مؤكدُا أيضُا أنه “من الأهمية بمكان أن يدعم المجتمع الدولي العمل الحاسم الذي تؤديه الوكالة في مجالات الصحة والتعليم والمساعدة الإنسانية، والتي تشكل مصدرُا للاستقرار في منطقة مضطربة”.
وعلمت “الشرق الأوسط” من دبلوماسيين، أن كبيرة الموظفين لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة ماريا لويزا ريبييرو فيوتي عقدت اجتماعُا موسعُا مساء الثلاثاء شارك فيه عدد كبير من ممثلي الدول المانحة للـ”أونروا”، وأطلعتهم على النتائج الأولية للتحقيقات التي يجريها مكتب الأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية. ووصف دبلوماسي الاجتماع بأنه “كان جيدُا للغاية”، موضحُا أنه “تبين أن لا فساد ماليُا ولا سوء استخدام لأموال الوكالة من قريب أو بعيد”، على رغم “المآخذ السلوكية الإدارية لدى كراينبول”.
وبعد أشهر من التحقيقات في شأن الادعاءات عن سوء إدارة وتصرف من كبير موظفي الـ”أونروا”، أفاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان، أمس (الأربعاء)، بأنه تلقى تقريرُا حول “التحقيق الذي يجريه مكتب خدمات الرقابة الداخلية فيما يتعلق بادعاءات ضد كراينبول”، قائلُا إن “النتائج الأولية (...) تستبعد الاحتيال أو اختلاس الأموال التشغيلية من المفوض العام”.
لكنه أكد أن “هناك قضايا إدارية تحتاج إلى معالجة”، من دون أن يوضح طبيعة هذه القضايا. وأعلن غوتيريش، أنه بناءً عليه “قرر منح المفوض العام إجازة إدارية ريثما تتضح هذه المسائل أكثر”. وإذ ذاك “يمكن اتخاذ قرار نهائي، ويمكن اتخاذ أي إجراء مناسب”. وقال إنه عيّن البريطاني كريستيان سوندرز ليكون مسؤولُا عن الـ”أونروا” في الفترة الفاصلة، اعتبارُا من 6 نوفمبر (تشرين الثاني)، مضيفُا أن “سوندرز سيقود تنفيذ خطة إدارية لتقوية الوكالة، وتحديدُا في مجالات الرقابة والمساءلة”.
وعبر غوتيريش عن تقديره للـ”أونروا”، واصفُا عملها بأنه “ممتاز ومتفانٍ” من أجل معيشة اللاجئين الفلسطينيين. وحض الدول الأعضاء والشركاء الآخرين على “متابعة التزام الـ(أونروا) وخدماتها”، مشددُا على أنه “من الأهمية بمكان أن يدعم المجتمع الدولي العمل الحاسم الذي تقوم به الوكالة في مجالات الصحة والتعليم والمساعدة الإنسانية، والتي تشكل مصدرُا للاستقرار في منطقة مضطربة”.
وكانت الوكالة أفادت في بيان، بأن نتائج تحقيق مكتب خدمات الرقابة الداخلية “أظهرت بعض القضايا الإدارية التي تتعلق تحديدُا بالمفوض العام، وبالتالي قرر المفوض العام التنحي جانبُا إلى حين اكتمال العملية”. وأوضح أنه “على مدار الأشهر القليلة الماضية، بدأت الـ(أونروا) بمراجعة داخلية لوظائفها في مجالات الحوكمة والإدارة والمساءلة؛ وذلك من أجل ضمان أن تمارس عملها وفق أعلى معايير المهنية والشفافية والفاعلية”. واعترفت بأن المراجعة “كشفت عن عدد من المجالات التي تتطلب التعزيز، وبدأت الوكالة بالفعل باتخاذ إجراءات تصحيحية، وستعمل على القيام بالمزيد من المبادرات والتحسينات في الأشهر المقبلة”، مؤكدة أن “الـ(أونروا) ممتنة للدعم الحاسم للدول الأعضاء في الأمم المتحدة والشركاء الآخرين حول العالم، وهي ملتزمة ضمان أن أموال المانحين تستخدم بأفضل كيفية ممكنة من حيث الكفاءة والفاعلية لدعم مهمة الوكالة الحساسة”. ونقلت عن الأمين العام للأمم المتحدة دعوته المانحين وشركاء الـ”أونروا” إلى “تأمين الدفعات المالية الملحة لكى يتسنى للوكالة سد العجز المالي الكبير، وضمان أن تستمر في تقديم خدماتها الحيوية والفريدة لأكثر من 5.5 مليون من اللاجئين الفلسطينيين”.
وتقدم الـ”أونروا” خدمات في مجالات التعليم والصحة والإيواء والإغاثة لأكثر من خمسة ملايين لاجئ مسجلين في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، إضافة إلى اللاجئين في دول مجاورة مثل الأردن ولبنان وسوريا.
وأُبلغ كراينبول في مارس (آذار) الماضي، أن الأمانة العامة للأمم المتحدة تجري تحقيقُا “بناءً على ادعاءات وردت بحق موظفين في الـ(أونروا) تتعلق بأداء وظيفي غير مرضٍ”. ولم يتم الإعلان عن فحوى تلك الادعاءات.
وتواجه الـ”أونروا” مشكلات في الميزانية منذ العام الماضي إثر إعلان الولايات المتحدة، أكبر مانح للوكالة، أنها ستوقف المساعدات التي تدفعها والبالغة 360 مليون دولار سنويُا. وعلقت سويسرا وهولندا وبلجيكا بشكل منفصل الدفعات المالية لـ”أونروا” بسبب المشكلات الإدارية التي تخضع للتحقيق. وكانت الناطقة باسم الوكالة أعلنت أن “الـ(أونروا) لا تزال في حاجة إلى 89 مليون دولار لمواصلة عملياتها حتى نهاية هذا العام”.
وتعليقُا على هذه التطورات، قال المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، إن “التحقيقات أثبتت أنه لا يوجد سوء استخدام لأموال وكالة الـ(أونروا)”، داعيُا “الدول التي اتخذت مواقف احترازية إلى مواصلة دعمها المالي للوكالة”. وشكر للأمين العام غوتيريش “حرصه على استمرارية تفويض الـ(أونروا) التي تقدم لا غنى عنها للاجئين الفلسطينيين”، متوقعُا أن تمدد الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل نهاية الشهر الحالي تفويض الـ”أونروا” لثلاث سنوات إضافية.
وقال المندوب البلجيكي الدائم لدى الأمم المتحدة مارك بيكستين دو بايسويرف: “نحن ندعم الأمين العام في محاولته تحسين الوضع وتوضيحه لمعرفة ما حصل تحديدُا”، مضيفُا: “نحن بالطبع ندعم تمامُا تفويض الـ(أونروا). لكن إذا كان هناك سوء إدارة أو انتهاكات ارتكبت فيجب توضيح ذلك”.
وقد يهمك أيضاً :