دمشق - نور خوّام
استولى مسلحون تابعون لتنظيم "داعش" المتطرف على قاعدة عسكرية بالقرب من مدينة تدمر، بعد يوم من إلحاق الهزيمة بالقوات الحكومية التي كانت متواجدة في المدينة التاريخية، ليفرض بذلك سيطرته الكاملة على الحدود العراقية السورية.
وأحكم تنظيم "داعش"، قبضته على مدينة تدمر التاريخية القديمة التي تعد أحد أبرز مواقع التراث العالمي لما تحتويه من آثار رائعة، فضلًا عن مساحات أخرى من الأراضي شرق سورية، في أعقاب الانتصار الحاسم على القوات الحكومية السورية بعد حصار للمدينة دام سبعة أيام.
ويأتي هذا الانتصار الكبير للتنظيم المتطرف في سورية بعد أقل من أسبوع على إزاحة قوات الأمن العراقية من مدينة الرمادي، حيث نشر التنظيم تسجيلًا مصورًا يظهر مقاتليه أثناء الاستيلاء على الذخيرة والأسلحة.
وظهر خلال أحد المقاطع متطرف يقول: "يمكنك الآن التوقف عن الحديث" موجهًا هذه الكلمات إلى الرئيس السوري بشار الأسد، وذلك بعد تمزيق صورة والده الرئيس السابق حافظ الأسد.
وأظهر تسجيل آخر، المدنيين وهم يقفون جنبًا إلى جنب مع المقاتلين المتطرفين في المدينة بالقرب من جثتين يعتقد بأنهم من الجنود الموالين للرئيس السوري بشار الأسد، بينما أخذ يردد المقاتلون هتافات "داعش" جاءت إلى هنا من أجل البقاء.
وأفادت مصادر مطلعة بأنَّ مقاتلي "داعش" يحتشدون الآن قرب تايفور وإحدى القواعد العسكرية الرئيسية في ريف حمص والتي تضم الكثير من الأسلحة التي تتبع القوات الجوية السورية، مشيرة إلى أنَّ التنظيم شنَّ هجومًا جديدًا في دير الزور بالقرب من المطار العسكري هناك في محاولة للاستيلاء عليه في الوقت الذي كان يقاتل فيه جنود الأسد المحاصرين جماعة "داعش" بضراوة إلا أن سقوط مدينة تدمر أدى إلى انحصار هذا القتال بشكل كبير.
كما سقطت الحدود السورية العراقية في يد "داعش" ما يجعل التنقل عبر الحدود أسهل بكثير من ذي قبل إلى جانب السيطرة على اثنين من أكبر حقول الغاز قرب مدينة تدمر والتي تعمل بدورها على تزويد محطات الطاقة غرب سورية, وبذلك يكون "داعش" قد سيطر على ما يزيد عن نصف الأراضي السورية، ما يمهد الطريق إلى معاقل قوات الرئيس الأسد في دمشق وريف حمص في وسط وغرب سوريا بعد قطع الإمدادات التي كانت تأتيهم عبر دير الزور شرق البلاد.
وأعلنت المفوضية العليا في الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أنَّ 11 ألفا من المدنيين قد نزحوا من تدمر إلى القرى المجاورة منذ بداية الهجوم الذي شنه "داعش"، مشيرة إلى أنَّ النازحين وصلوا منهكين وتبدو عليهم علامات الرعب وأعدادهم في ازدياد لعدم وجود شبكات كهرباء أو مياه تعمل في المدينة.
وأبدت المفوضية مخاوفها من أنَ ثلثي السكان ينوون البقاء في المدينة ما يثير القلق من حدوث عمليات انتقام من المقاتلين المتطرفين والتي بدأت بالفعل بحق أعضاء قبيلة الشيتات بتهمة القتال إلى جانب القوات الحكومية.
وصرَّحت المتحدثة باسم الأمم المتحدة رافينا شامداساني، بأنَّ القوات الحكومية منعت المدنيين من المغادرة قبل انسحابها من المدينة وسيطرة "داعش" عليها.
ويترقب العالم بأنظار ملؤها الريبة ما سيؤول لآثار مدينة تدمر التاريخية، حيث تزداد المخاوف حول مصيرها ومستقبل التراث الثقافي الذي تعرف به المدينة، التي تترقب المصير الذي آلت إليه بعض المواقع التاريخية مثل نينوى ونمرود والخضر التي دمرها "داعش".