الدار البيضاء - جميلة عمر
تمكّنت الفرقة الولائية للشرطة القضائية من فك لغز خيوط قضية السطو على العقارات الأجنبية والوصول من خلال تحرياتها إلى رئيس العصابة الذي تفاجأ المحققون عند الوصول إليه، فكانت إمرأة بسبعة وجوه محترفة في السطو والنصب والاحتيال.فبعد وفاة والدها سنة 1991باعت نصيبها من الميراث ولم تترك إلا قطعة أرضمساحتها 122 مترًا مربعًا في منطقة حي الأسرة بعين الشق ، وقررت فاطمة الهجرة إلى فرنسا ،وبعد مرور عشرين عامًا تشعر من طرف أحد أقاربها بضرورة العودة إلى المغرب من أجل رفع شكوى ضد أشخاص استولوا على أرضها وتم بناء منزل عليها من طابقين وسطح.هذا الخبر عجل في عودة فاطمة إلى المغرب، لتكتشف أن هذه البقعة التي تعود لها ملكيتها قد تم بناؤها فعلا من طرف إحدى شركات العقار،لتتقدم بشكوى إلى المصالح الأمنية، التي فتحت تحقيقًا على الفور في القضية، وذلك من خلال استدعاء صاحبي الشركة اللذين اشتريا القطعة الأرضية، بحيث أكدا على أنهما تمكنا من إتمام إجراءات شراء الأرض من امرأة ربطا بها الاتصال عن طريق وسطاء على أساس أنها هي صاحبة البقعة كما أنها تقدمت بكل الوثائق الإدارية التي تثبت هويتها وملكيتها للعقار.
من خلال تحرياتها تمكنت عناصر الأمن الموكل لها البحث في هذا الملف، تم التوصل إلى الوسطاء الثلاثة الذين توسطوا في عملية بيع العقار، فأجمعوا على أنهم هم بدورهم قابلوا المعنية بالأمر عن طريق شخص آخر قدم لهم نفسه على أنه وسيط وأن المعنية بالأمر ترغب في بيع بقعتها الأرضية المتواجدة في مجال اشتغالهم، فما كان منهم إلا أن ربطوا الاتصال بمالكي الشركة اللذين أبديا استعدادهما لشراء تلك البقعة. أما فيما يخص عملية البيع فقد أكد الجميع على أنها تمت عن طريق موثق، هذا الأخير وخلال الاستماع إليه أكد على أن عملية البيع تمت بطريقتها القانونية بكل المصالح الإدارية والعقارية التي تشرف على مثل هذه العمليات، وقد أدلت المعنية بالأمر بكل الوثائق الإدارية الخاصة بها من شهادة الملكية وبطاقة التعريف وغيرها
لم يكن من السهل الوصول إلى المتهم الرئيسي، وظل المحققون متشوقون لمعرفة هذا النصاب الكبير الذي تمكن من الاستيلاء على العقارات الأجنبية بطرق احتيالية حتى على القانون.انطلقت عملية البحث من جديد ،وهذه المرة اعتمد على الناحية العلمية، بحيث تم الحصول على نسخة من بطاقة تعريف المرأة التي قامت بعملية البيع فتبين على أنها تحمل المعطيات نفسها الشخصية الخاصة بمالكة البقعة الأصلية، غير أن الصورة الملصقة بها لا تعود لها مما يرجح فرضية تزوير هذه الوثيقة الإدارية، إضافة إلى حصول العناصر الأمنية على معطيات أخرى من المحافظة العقارية.ليتم تتبع هوية سيدة أخرى تسلمت فيما قبل وثيقة من المحافظة العقارية تثبت ملكية الأرض، وهو ما قاد العناصر الأمنية إلى مدينة أزمور، بحيث تبين على أنها متوفية منذ أكثر من سنتين، إلا أن ابنتها وأثناء عرض نسخة بطاقة التعريف البيومترية المزورة عليها صرحت على أن معطياتها صحيحة لكن الصورة الملصقة بها لا تعود لوالدتها، بل تعود لامرأة أخرى دلت العناصر الأمنية عليها، والتي تقطن بدورها بمنطقة أزمور.
لم يكن الفاعل رجلًا ولا شخصًا متمرسًا في النصب والاحتيال ، بل هي امرأة تنحدر من مدينة صغيرة نساؤها أميات تغلب عليهم الحشمة والحياء، امرأة قروية ستتمكن من السطو على ممتلكات عقارية أجنبية بمساندة مافيا العقارات ،التي حولتها من امرأة فقيرة لا تمتلك لقمة عيش إلى سيدة مجتمع.والفرقة الوطنية ، وبعد نصب كمين لهذه الأخيرة ، تم اعتقالها و إخضاعها للبحث ، لتفاجئ من جديد المحققين على أن رئيسة المافيا هي امرأة حديدية ، وهي من شجعتها على السطو على ممتلكات عقارية أجنبية مقابل مبالغ مالية مهمة. حيث أكدت المصرحة في محضر قانوني ، على أنها عملت عند رئيسة المافيا كخادمة ، وهي من شجعتها على الانضمام إلى عصابتها، حيث قدمت لها شخصين، وعرضت عليها العمل معهما على بيع بقعة أرض في مدينة الدار البيضاء مقابل مبلغ مهم، ستتسلم منه نصيبها. فتم الاتفاق وتكلف الشخصان الآخران بتزوير كل الوثائق اللازمة في عملية البيع، وتزوير بطاقتي تعريف وطنيتين بيومتريتين لهذا الغرض.ومن خلال ثلاثة عمليات تمكنت من شراء مسكنين بمنطقة أزمور أحدهما بثمن 60.000 درهم وقد كانت تشغله على سبيل الكراء والآخر بمبلغ 100.000 درهم فقامت بإصلاحات بلغت قيمتها 40.000 درهم.
واستمرار في البحث تمكنت العناصر الأمنية من الوصول إلى رئيسة المافيا كما تمكنت من اعتقال باقي عناصر الشبكة، حيث يجري حاليا البحث معهم بتهم تكوين عصابة إجرامية والتزوير واستعماله في محررات رسمية والنصب والسطو على عقار الغير وانتحال هوية.