برلين ـ جورج كرم
يجسّد مفهوم "المنزل الذكي" قمّة الرّاحة والرفاهيّة التي سينعم بها الإنسان المعاصر في المستقبل القريب، حيث يمكن للمستخدم، عبر تطبيقات على الهواتف الذكيّة، أو الحواسب اللّوحية، التحكم مثلاً في إضاءة المنزل، والتدفئة، بضغطة واحدة، إلا أنَّ هذه الرفاهية محفوفة ببعض المخاطر، لاسيما بشأن خصوصيّة البيانات.وأوضح الخبير التقني الألماني توبياس أرنس أنَّ "مفهوم المنزل الذكيّ يتيح للمرء إمكان إتمام العديد من المهام، بضغطة واحدة، مثل خفض شدّة الإضاءة، وإسدال الستائر، وتشغيل السينما المنزلية، كما يمكن أيضاً التحكم في بعض الأجهزة الكهربائية، مثل التلفاز، عبر الهواتف الذكية، والحواسب اللوحية".
وتوقّع أرنس أن "تشهد خدمات المنزل الذكي انتشاراً أوسع في العام المقبل 2015، وأنَّ عدد الأجهزة المتصلة ببعضها عن طريق الشبكات سيصل إلى ما يقرب من نحو 50 مليار وحدة، مع حلول عام 2020 عبر العالم".وأشار إلى أنّه "من النماذج الموجودة بالفعل، والتي أثبتت نجاحاً في هذا المجال، المقابس، والمصابيح المزوّدة بشبكة (WLAN) اللّاسلكية، والتي يمكن برمجتها والتحكم فيها عبر شبكة الإنترنت، حيث يتم تركيب هذه المقابس اللاسلكية في المقابس العادية، ويتم ربطها مع جهاز راوتر خاص بالشبكة المنزلية".وأضاف "يمكن التحكّم في جميع الأجهزة المتّصلة بهذه المقابيس، وتشغيلها وإيقافها عبر برامج تصفح الإنترنت، أو بعض التطبيقات المخصصة للهواتف الذكية أو الحواسب اللوحية".
وبشأن مصابيح "LED"، المزودة بشبكة "WLAN" اللاسلكية، بيّن الخبير التقني أنها "تتيح للمستخدم إمكانات ضبط أكثر تطوراً، منها تشغيلها وإطفائها وفق جداول زمنية معينة، وضبط شدّة ولون الإضاءة، وضبط المصابيح على إضاءة مخصصة للقراءة، تناسب الغرفة والمستخدم على نحو دقيق، ويتم كل ذلك عبر تطبيقات في الهاتف الذكي".وليست الرّاحة والرفاهية هي الميزة الوحيدة لمثل هذه الأنظمة الذكية، حيث أنّها تسهم أيضاً في خفض تكاليف استهلاك الطاقة، والحفاظ على البيئة، فبعض الأنظمة مثلاً تعمل على إيقاف نظام التدفئة بمجرد مغادرة آخر فرد للمنزل.
ويمكن إيقاف نظام التدفئة تماماً عند ترك المنزل لفترات طويلة، مثل الانطلاق في الرحلات أو العطلات، وذلك بهدف توفير الطاقة والنفقات، وقبل العودة إلى المنزل بقليل يمكن لأجهزة التبريد أو التدفئة أن تقوم بأداء عملها، بحيث يصل المستخدم إلى بيته وينعم بدرجة الحرارة التي يرغبها على الفور.وأبرز الخبراء الألمان أنَّ بعض مقابس "WLAN" اللّاسلكية تكون مزودة بشريحة لاحتساب مقدار التيار الكهربائي المستهلك، وبذلك يستطيع المستخدم من حين إلى آخر معرفة أكثر هذه المقابس استهلاكاً للتيار، واستبدالها إذا لزم الأمر، لافتين إلى أنَّ "بعض عدّادات الاستهلاك الذكية (Smart Meter) تقوم بقياس استهلاك الكهرباء، وإرسال هذه البيانات إلى شركة الإمداد بالتيّار الكهربائي، وبذلك يمكن تشغيل بعض الأجهزة الكهربائية في وقت انخفاض التعريفة، وخارج أوقات الذروة، كأن يتم مثلاً تشغيل الغسالة الأوتوماتيكية في الفترات اللّيلية فقط".
ومن ناحية أخرى، تُبدي الخبيرة لدى الاتحاد الألماني لمراكز حماية المستهلك يوهانا كاردل تخوّفها من انتهاك المنازل الذكيّة لخصوصية البيانات، حيث يمكن للشركات المقدمة لمثل هذه الأنظمة إنشاء ملف خاص بالمستخدم، يتضمن مواعيد تواجده في البيت، ومتى يقوم بفتح ثلاجته، وعاداته الغذائيّةوحذّرت كاردل من اقتناء الأجهزة المجانيّة، أو منخفضة التكاليف، لأنَّ مثل هذه الشركات سوف تحصل على أموالها عبر وسيلة أخرى، ألا وهي جمع بيانات المستخدم لأغراض الدعاية الموجّهة.