لندن ـ ماريا طبراني
عندما يتعلق الأمر بالتخطيط لرحلة سياحية، يصعب إرضاء جميع أفراد الأسرة، فهناك من يريد التجول بين الكنائس والمزارات الأثرية ومنهم من يريد الشمس والبحر ورمال الشاطيء، ولعقد مصالحة بين جميع أفراد الأسرة من مريدي استنشاق عبق التاريخ واستشناق نسيم البحر يمكن التوجه إلى قبرص الشمالية التي
تحقق هذه المعادلة الصعبة.
ففي هذا الجزء من الجزيرة المنقسمة سياسياً، وهو الجزء الشمالي الذي تتحكم فيه تركيا، يمكن الحصول على وجبة سياحية دسمة، ولدواع سياسية، تتخذ الرحلة إلى قبرص الشمالية شكلًا دائرياً حيث يجب الهبوط على الأراضي التركية حتى يمكن الدخول إلى قبرص التركية، ويمكن السفر إلى اليونان ومنه إلى الجزء الجنوبي من قبرص وعبور الحدود.
ويمكن للسائح ببساطة أن يؤجر سيارة في قبرص الشمالية ويتوجه بها إلى كيرينيا تلك المدينة التاريخية الساحرة التي لعبت دورالمدخل الرئيس للحضارات التي توالت على الجزيرة، حيث دخل عبرها البيزنطيون، الفرنسيون، الرومان والعثمانيون، ولا يقتصر جمال كيرينيا على عبق التاريخ الذي يفوح من أسوارها حيث تسطع الشمس وينعكس ضوؤها على سطح الماء طوال أيام العام، وبالقرب من المرفأ حيث المنازل المبنية على الطراز الفينيسي، يمكن الاستمتاع بوجبات محلية بأسعار لا يمكن الحصول عليها في أي مكان آخر مع خدمات سياحية على أعلى المستويات.
ومع الجمال الفريد الذي تتمتع به كيرينيا، لا زالت لم تحقق الشعبية والشهرة التي تليق بهذا المستوى من الجمال، ولو كانت هذه المنطقة في قبرص الجنوبية، لكانت الآن أكثر المزارات السياحية الأكثر ازدحامًا على الإطلاق، ومع ذلك، من المرجح أن تبدأ شعبية المنطقة في الازدياد كلما نجح فوج سياحي من الوافدين إليها اكتشاف مواطن الجمال بها.
ولا زال الجزء الشمالي من الجزيرة القبرصية في طوره السياحي الأول حيث يعطي الوافدين إحساس الخمسينات من القرن العشرين حيث لم تتعرض المنطقة بعد لطفرة سياحية على صعيد الاستثمارات والأعمال، فكل ما يحيط بالسائحين من منشآت سياحية يبدو قديماً ويحتفظ برونقه القديم، ومع ذلك، بدأ الزحف الاستثماري على المنطقة ومن المتوقع أن تتحول المنطقة الشمالية التركية من قبرص إلى واحدة من أحدث الوجهات السياحية في العالم وأن ينعكس عليها التطور الموجود في قبرص الجنوبية.
بعد الانتهاء من المتعة الفريدة بالشمس والبحر، يتوجه السائحون إلى المزارات السياحية على رأسها قلعة سان هيلاريون الكائنة أعلى إحدى قمم، وهي القلعة المبنية من حجر الكلس والتي تبدو أعلى الجبال في قبرص الشمالية كمحارة مكسورة، كانت القلعة تستخدم لعقود طويلة مقرًأ لحكم الصليبيين.