الرباط - المغرب اليوم
أعطت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، السيدة فاطمة الزهراء عمور، يوم الثلاتاء 30 غشت 2020 انطلاقة أشغال "خارطة الطريق الجديدة للسياحة" بالتعاون مع الفاعلين الرئيسيين ومهنيي القطاع السياحي. (الكونفدرالية الوطنية للسياحة و عدد من ممثلي الجمعيات والفيدراليات الأعضاء فيها).
وبعد أن أكدت السيدة الوزيرة على أهمية قطاع السياحة، قالت انه مطالب بلعب دور أقوى في الاتجاه الذي تم تسطيره في تقرير اللجنة الخاصة بإعداد النموذج التنموي الجديد. لذلك، فإن إعداد خارطة الطريق الإستراتيجية للقطاع بشكل جماعي يندرج في إطار رؤية مضاعفة عدد السياح الذين يزورون بلادنا بحلول سنة 2030 ليصل إلى 26 مليون سائح ، ودلك بالارتكاز على ثلاثة محاور رئيسية، تتجلى في تعزيز النقل الجوي من خلال الرفع من الطاقة الاستيعابية ومضاعفة الرحلات الجوية من وجهة إلى أخرى، و ملائمة العرض السياحي للطلب الوطني والدولي و تحفيز الاستثمار العمومي/ الخصوصي حول الروافع ذات الأولوية بما فيها الترفيه والتنشيط والسياحة الإيكولوجية.
أولى: الإستراتيجية الجديدة يجب أن تهدف إلى تحسين المؤشرات الأساسية للقطاع ودلك غبر الرفع من جودة المنتوج ( بما فيه محيطه العام) و تحفيز الاستثمار و الاهتمام الجدي بالسياحة الداخلية و مضاعفة طاقة النقل الجوي مع انخراط كل مهنيي القطاع في كل مراحل الإعداد والتتبع
إن استقطاب 26 مليون سائح في أفق 2030 ممكن جدا بالنضر للمؤهلات التي يتوفر عليها المغرب وكدا قربه من أكبر خزان مصدر للسياح وبالنضر كدلك للعلاقة المتميزة التي تربطه مع كبريات الدول المصدرة للسياح بالإضافة إلى الطفرة النوعية التي حققتها المملكة المغربية في تقوية البنى التحتية ووسائل النقل فضلا عن إعداد المغرب لميثاق جديد للاستثمار من شأنه أن يشكل حافزا لجلب استثمارات أجنبية ضخمة بالإضافة إلى تعبئة الادخار والاستثمار الداخلي.
إن الإستراتيجية الجديدة بالإضافة إلى طموح استقبال 26 مليون سائح في أفق 2030 يجب أن تعمل على استقطاب أكبر عدد من السياح الأجانب : 18 مليون من السياح الأجانب و 8 من مغاربة العالم مقابل 7 ملايين سائح أجنبي و حوالي 5,9 مليون من مغاربة العالم سنة 2019 ، كما يجب أن تسعى كذلك إلى تحسين مؤشرات أداء القطاع من حيت عدد ليالي المبيت التي يمكن أن تصل إلى 80 مليون ليلة سياحية( 48 مليون منها توفرها السياحة الدولية)، مقابل 25 مليون ليلة سياحية سنة 2019.كما يجب الرفع من حصة السياحة الداخلية لتصل إلى 32 مليون ليلة سياحية وهو ما يمثل 40 % من مجموع ليالي المبيت عوض 30% المسجلة سنة 2019.
ومن جهة أخرى يجب العمل على الرفع من نسبة ملأ الفنادق إلى 65 % عوض 48 % المسجلة سنة 2019 وكدا تمديد مدة الإقامة من ليلتين إلى 3 ليالي وهو ما سيرفع مداخيل العملة الصعبة لتتجاوز 200 مليار درهم في أفق 2030 بالإضافة إلى ارتفاع مستوى استهلاك السياحة الداخلية إلى ما يقارب 120 مليار درهم .وسيصاحب هدا التطور ارتفاع عدد المشتغلين بالقطاع إلى حوالي مليون عامل بصفة مباشرة وحوالي 4 ملايين بصفة غير مباشرة. وهو ما سيؤدي لا محالة إلى الرفع من نسبة مساهمة القطاع في الناتج الداخلي الخام من 2 إلى 3 نقاط إضافية.
ولبلوغ هاته الأهداف،( وبالإضافة للتوصيات التي أصدرتها لجنة النموذج التنموي وكدا رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول آفاق السياحة بالمغرب) يتوجب العمل على تدارك البطء المسجل في ميدان الاستثمار ودلك باستقطاب استثمارات ضخمة لإنجاز حوالي 100 ألف سرير سياحي إضافي ( 50 % منها موجهة للسياحة الداخلية داخل محطات يتم تشييدها على مستوى الجهات الإثنى عشر بالمملكة.كما يجب أن تشمل إجراءات التحفيز كل المهن السياحية المشار إليها في الاتفاق التطبيقي للبرنامج التعاقدي 2010 وهي وثيقة مرجعية حيت ثمت الإشارة إلى كل المهن الأساسية المرتبطة بالسياحة من الفنادق والمطاعم ( الفصل 20)، ووكالات الأسفار والمرشدين السياحيين ( الفصل 21) ،و النقل السياحي ووكالات تأجير السيارات ( الفصل 22) و تجار منتوجات الصناعة التقليدية ( الفصل 23).
لكن بلوغ هدا الهدف يبقى رهين بمجموعة من الشروط الأساسية الواجب تحقيقها وعلى رأسها الاستفادة من الرؤية المستنيرة والتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس المتضمنة في خطبه بخصوص إنجاز مشروع النموذج التنموي الجديد حيت ركز على ضرورة أن ترفع إلى جلالته الحقيقة ولو كانت قاسية او مؤلمة مع ضرورة التحلي بالحزم والإقدام والمسؤولية في تنفيذ التوصيات ولو كانت صعبة ومكلفة والعمل على بلورة منظور جديد، يستجيب لحاجيات المواطنين، وقادر على الحد من الفوارق والتفاوتات، وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية ومواكبة التطورات الوطنية والعالمية.
ثانيا : تقرير لجنة النموذج التنموي الجديد : بعد أزمة كوفيد-19: آفاق جديدة لقطاع السياحة
لقد أولى تقرير النموذج التنموي الجديد، أهمية خاصة للقطاع السياحي حيت دكر بمكانته من حيت المساهمة في الناتج الداخلي الخام ومداخيل العملة الصعبة وفرص التشغيل التي يوفرها. وبعد التطرق للأزمة التي عرفها القطاع جراء أزمة كوفيد والتطورات التي يعرفها القطاع على المستوى الدولي وكدا الاكراهات التي تعيشه السياحة المغربية، اقترح حلولا موزعة على 6 محاور تتعلق باستكمال عرض الإيواء بعرض تنشيط وتجارب متنوعة ذات جودة، في إطار مقاربة منظوماتية، وتعزيز السياحة الداخلية باتخاذ تدابير لدعم الطلب المحلي لتعزيز ولوج المواطنين المغاربة إلى عرض يتلاءم مع انتظاراتهم وقدرتهم الشرائية، ودعم روح المقاولة في مجال الخدمات السياحية وتعزيز الكفاءات حيت يتيح تطوير عرض التنشيط والخدمات السياحية إمكانيات مهمة لدعم روح المقاولة، خصوصا من أجل تطوير الشركات الصغرى والمتوسطة ذات النطاق المحلي، والتكيف مع أساليب التسويق الجديدة للعرض السياحي عن طريق دعم التحول الرقمي للقطاع عبر اتخاذ تدابير لتعزيز الإبتكار والتحول الرقمي لدعم صياغة عروض جديدة وإدماجها في قنوات التسويق لكسب حصص متزايدة من الطلب على الانترنيت، وتعزيز قدرات القطاع على التكيف والاستدامة للتصدي للأزمات المحتملة في المستقبل، حيت يجب العمل على تحسين نوعية التشغيل في هذا القطاع، وبالخصوص عن طريق توفير الحماية الاجتماعية لجميع العاملين في مجال السياحة، بما فيهم العمال الموسميين.
كما أن تنويع الوجهات السياحية وتثمين المناطق سيساعدان على التخفيف من المخاطر الكامنة في التمركز الهائل مع الحفاظ على الموارد وذلك بتخفيف الضغط على بعض الوجهات الرئيسية، وأخيرا اعتماد مقاربة عرضانية وتعزيز التنسيق من خلال الإمكانات الكبيرة التي توفرها السياحة للتعاون مع قطاعات أخرى، وتعتمد جاذبيتها إلى حد كبير على عوامل خارجية بالنسبة لهذا القطاع من قبيل النقل الجوي وسهولة عبور الحدود، وظروف الأمن المحلية ونظافة المدن والسلوك اتجاه السياح.
كما أوضح التقرير أنه سيكون من الأهمية بمكان تعزيز التنسيق بين مختلف المتدخلين والعمل بطريقة منهجية على جميع العوامل التي تدخل في نطاق تنمية القطاع، حيت اقترح التقرير إنشاء فريق عمل تابع لرئاسة الحكومة لضمان قيادة فعالة للقطاع السياحي على الصعيد الوطني، يكون له تفويض تام لتحديث القطاع وتنميته، وفي الوقت نفسه، سيتعين بذل جهود تنسيقية على الصعيد المحلي لدعم الفاعلين المحليين وتشجيع بزوغ منظومات سياحية جديدة.
المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي: السياحة رافعة للتنمية المستدامة
أصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي تقريرا إعتبر السياحة كرافعة للتنمية المستدامة من أجل إستراتيجية وطنية جديدة للقطاع، والذي تضمن تشخيصا لواقع القطاع بالمملكة، حيت أشار إلى الجهود المبدولة مند الاستقلال من أجل توفير البنيات التحتية والتجهيزات اللازمة وإرساء إطار قانوني ومؤسساتي خاص بهذا القطاع الحيوي وهو ما أدى إلى تحسين أداء قطاع السياحة بشكل ملموس حيت أصبحت المملكة أول وجهة سياحية في إفريقيا
وأوضح التقرير ، أنه بالرغم مما تم إنجازه، فإن الإمكانات التي تزخر بها المملكة في هذا المجال لا تزال غير مستغلة بالقدر الكافي، حيث لازال قطاع السياحة على المستوى الهيكلي، يعاني من العديد من الاكراهات التنظيمية تتعلق على وجه الخصوص بتداخل الأدوار والاختصاصات بين الفاعلين المعنيين في القطاع العام والخاص، كما يواجه القطاع صعوبات في الحصول على التمويل، وخصاصا من حيت الموارد البشرية المؤهلة ومحدودية العروض المقدمة في مجالي الترفيه والتنشيط السياحي، علاوة على ذلك، يتسم القطاع بتركيز ثلاثي للنشاط السياحي، بحسب بلد القدوم وحسب المدن والوجهات، وحسب المواسم. كما تطرق إلى القصور الرئيسية التي تطبع النموذج السياحي المغربي خلال العشرين سنة الماضية والاختلالات الهيكلية التي يعاني منها ومن أهمها الصعوبات التي تواجهها الاستراتيجيات وتحول دون تحقيق الأهداف المسطرة.
فعلى مستوى الأهداف الكمية، أبرز تنفيذ استراتيجية التنمية السياحية "رؤية 2010 " نتائج جيدة نسبيا بالنظر إلى المؤشرات التي وضعها القطاع الحكومي الوصي، حيث تحقق هدف استقبال حوالي 10 ملايين سائح عبر المراكز الحدودية من خلال فتح المجال الجوي (الأجواء المفتوحة)، الا أنه لاحظ بالمقابل ، انه من بين 6 محطات الشاطئية التي كان من المفروض إنجازها في إطار المخطط الأزرق 2010 ، لم يتم إنجاز سوى محطتي السعيدية بإقليم بركان بسعة 4475 سرير و محطة مازاكان بإقليم الجديدة بسعة 1000 سرير في حين أن الأهداف المسطرة كانت 16.905 سرير بالنسبة للسعيدية و 3700 سرير بالنسبة لمازاكان.كما أن المحطات الشاطئية الأخرى لم ترى النور آنداك وهي محطة خميس الساحل بالعرائش ومحطة موكادور بالصويرة ومحطة تغازوت بأكادير ومحطة الشاطئ الأبيض بكلميم وبهدا فإن إنجاز المخطط الأزرق 2010 لم يحقق سوى 5475 سرير وهو ما يمثل 7،8 في المائة فقط من الأهداف المسطرة والتي كانت في حدود 69.990 سرير برسم رؤية 2010.
وبخصوص رؤية 2020 ، أشار التقرير إلى أن النتائج المحصل عليها تظل غير كافية، لان هدف تعبئة 150 مليار درهم من الإستثمارات قصد توزيعها على مختلف الوجهات لم يتحقق بعد و أشار الى أنه من أصل 64 مليار درهم، تمت تعبئة 37,7 مليار درهم فقط من طرف القطاع الخاص. (منها 22 في المائة من طرف مستثمرين أجانب، وتستأثر جهتا مراكش-آسفي والدار البيضاء- سطات، ب 32 في المائة و23 في المائة على التوالي من الاستثمار المعبأً فقط). وحسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات، فإن المغرب لم يوفر، سنة 2017، سوى 1576 سريرا فقط من الهدف العام المحدد في 58.540 سريرا سياحيا للمنتجعات الستة المشار إليها، أي بمعدل إنجازّ بنسبة 2,7 في المائة فقط. وأوضح التقرير المذكور، أنه بالنسبة للمخطط الأزرق، الذي بلغت استثماراته 15 مليار درهم على مدى خمسة عشر عاما، فإن النتائج أيضا لا تزال دون مستوى الانتظارات. كما كشف التقرير الاقتصادي والمالي المصاحب لقانون المالية (2020 ) عن وجود تفاوت ملحوظّ بين الطموحات الأولية لرؤية 2020 والنتائج المحققة، وذلك على مستوى محدودية العرض الفندقي والحكامة على الصعيد الترابي بالأساس، واستمرار انتشار القطاع غير المنظم الذي يؤثر على جودة العرض السياحي الوطني.
وقد خلص تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى إصدار توصيات من أجل إرساء سياحة مستدامة تكفل تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على الصمود في مواجهة المخاطر الاقتصادية والمالية والبيئية والصحية، وإدماج الساكنة المحلية، لاسيما النساء والشباب في دينامية خلق الثروة والعمل اللائق، وتحسين التموقع السياحي للجهات والوجهات على الصعيدين الوطني والدولي.
ومن أجل تجسيد هذا الطموح على أرض الواقع، من خلال ترصيد المبادرات التي تم إتخاذها من أجل النهوض بالسياحة الوطنية والاستفادة من الدروس المستخلصة من التجارب الدولية، يقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي جملة من التوصيات تتمحور حول ستة محاور رئيسية و22 إجراء من خلال إرساء حكامة مندمجة وفعالة في جميع مراحل عملية بلورة وتنفيذ وتتبع الإستراتيجيات المتعلقة بقطاع السياحة على الصعيدين الوطني والترابي تعتبر شرطا أساسيا، كما تشمل المحاور الأخرى تطوير سياحة مستدامة ومسؤولة تكون غايتها تحقيق منافع اقتصادية واجتماعية وبيئية، وتعزيز قدرة القطاع على الصمود في مواجهة المخاطر البيئية والصحية، وتشجيع الأنشطة والمرافق السياحية الموجهة للسياحة الداخلية، من خلال استثمارات عمومية / خاصة والدعم المالي والتحفيز الجبائي، والترويج لوجهات ومنتجات سياحية مستدامة، من خلال استثمار مختلف دعامات التواصل والربط والرقمنة، وتأهيل الرأسمال البشري، من خلال تمكينه من مواكبة التوجهات والتطورات العالمية للقطاع والسعي إلى تحقيق التميز، والتأكيد على أن التوطين الترابي يبقى هو الإطار الملاءم لتفعيل الاستراتيجيات، بما يكفل التنسيق على المستويين الوطني والجهوي.
وبعد توقفه عند السياحة المستدامة والمسؤولة، التي تعتبر مصدرا أساسيا للنهوض بتنافسية
الجهات والوجهات السياحية، أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بتقييم المشاريع الاستثمارية، مع مراعاة تأثيرها على جودة حياة الساكنة المحلية وعلى البيئة، وتشجيع اعتماد لواء أو علامة على غرار "المفتاح الأخضر" الذي وضعته مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، وتعزيز إحداث مرافق مستدامة، والنهوض بوسائل النقل العمومي (التنقل المشترك في سيارة واحدة، الحافلات الهجينة، الدراجات الهوائية، وخدمات التنقل المرن، وغير ذلك) مع ضمان إمكانية الولوج بالنسبة للأشخاص في وضعية إعاقة، وتعزيز الاقتصاد الدائري باعتباره أحد وسائل تنزيل الهدف رقم 12 من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بضمان أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة، وذلك من أجل المساهمة في تعزيز قدرات صمود قطاع السياحة والمجتمع المغربي ككل، والمساهمة من خلال النظام الجبائي في النهوض بالاستثمارات المستدامة والمنتجة والمحدثة لفرص الشغل والمحفزة لخلق القيمة في المجالات الترابية التي تحتضن هذه الاستثمارات.
وأشار إلى أن هذه التوصيات المقترحة، تستند على تقرير المجلس الذي يحمل عنوان "من أجل نظام جبائي يشكل دعامة أساسية لبناء النموذج التنموي الجديد"، الذي يؤكد على ضرورة تبسيط الجبايات المحلية وضمان التقائيتها مع الجبايات الوطنية من أجل الرفع من جاذبية المجالات الترابية وتيسير النظام الجبائي بالنسبة للفاعلين والمستثمرين، وملائمة النظام الجبائي مع حاجيات المقاولات السياحية الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، وذلك حسب موقع المشروع وطبيعته، ووضع معايير تنظيمية تستجيب لمتطلبات المنافسة مع الأسواق الخارجية، من خلال الاعتماد على اليقظة الإستراتيجية والإبتكار التكنولوجي، واعتماد مقاربة سياحة 365 يوما وموجهة نحو معايير أداء نوعية، كالمداخيل من العملة الصعبة ومتوسط مدة الإقامة، من خلال الاهتمام بالسياحة الثقافية، التي تكتسي أهمية بالغة من أجل تطوير الأسواق التقليدية واستقطاب أسواق جديدة (السوقان الصينية والروسية وغيرهما)، والسياحة الإيكولوجية، والسياحة القروية، وسياحة الاستكشاف، والتي يمكن ملائمة عرضها حسب المواسم ووفق خصوصيات كل منطقة، بالإضافة الى السياحة العلاجية وسياحة الرفاه وكذا السياحة المستجيبة لحاجيات المسنين والمتقاعدين بالنسبة لفترات الإقامة الطويلة، حيث ينبغي تطوير هذه الفروع بالنظر إلى القرب الجغرافي للمغرب من القارة الأوروبية.
وبالنظر الى الأهمية التي أصبح يحتلها المجال الرقمي، باعتباره المدخل الأساسي للوصول إلى المنتجات السياحية، دعا التقرير إلى اقتراح منظومة مغربية للحجز والأداء لتجنب خروج العملات الصعبة وتلقي العمولات من لدن فاعلين خارج المغرب، وتطوير آلية التواصل الرقمي الرسمية، والانتقال نحو تسليط الضوء على حفز انتظارات الزبون، وتطوير المنصات الرقمية لجعلها رافعة لتعزيز إشعاع بلادنا بشكل عام وبعض مدن المملكة وجهاتها على وجه الخصوص، وتجميع الفاعلين المغاربة في مجال الإيواء، من أجل إجراء مفاوضات مشتركة مع الشركات الرقمية العملاقة، والإرتقاء بالعرض السياحي المتعلق ب"المغرب" و"المدن" و"الجهات"، ووضع آلية لليقظة وتتبع التفاعل مع العرض المغربي عبر شبكة الأنترنيت من أجل تحليل العروض بما يمكن من التحسين المستمر لصورة المغرب والمنتجات الوطني على المستوى الدولي.
وبخصوص السياحة الوطنية، أكد التقرير على ضرورة تعزيز أداء السياحة الداخلية، من خلال اقتراح عروض مستدامة جديدة تكون أكثر جاذبية وتنافسية لفائدة السياحة الوطنية، وقادرة على إنعاش القطاع، واقتراح منتجات خاصة بالسياحة الوطنية بمختلف فروعها، على أن تتلاءم هذه المنتجات مع القدرة الشرائية للسائح المغربي، وتشجيع السياحة الاجتماعية والتضامنية وتطوير المآوي الموجهة للشباب، وتحسين أداء مراكز الاصطياف، وابتكار عرض مناسب للمغاربة المقيمين بالخارج، مع الأخذ بعين الاعتبار أسلوبهم في العيش وأنماط استهلاكهم في مجال الأنشطة الترفيهية والرياضية، واقتراح حملات ترويجية مخصصة للنهوض بالسياحة الوطنية والمحلية وملائمة لخصوصيات المستهلك الوطني، مع تخفيض الأسعار (تذاكر الطائرة، وأسعار الفنادق، والمطاعم، والأنشطة الترفيهية، وغيرها، لاسيما لفائدة الشباب والأشخاص في وضعية إعاقة.
وأشار إلى أن تحيين خريطة التشغيل في القطاع السياحي تتطلب إعادة النظر في منظومة التكوين المهني، من خلال تثمين التخصصات المستهدفة والهندسة السياحية وعدم الاقتصار على تخصص الفندقة، حيث ينبغي أن يرتكز هذا التكوين على الجوانب التقنية للمهن السياحية وكذا على اللغات الأجنبية واستقبال السياح والارتقاء بالمهارات الشخصية وتكنولوجيات الإعلام والاتصال ومهارات التكيف داخل الوسط السوسيو-مهني، واعتماد مقاربة دامجة بتعاون مع جميع المتدخلين في القطاع، للاستجابة للحاجيات في مجال التربية والتعليم وتعزيز الكفاءات بشأن رهانات السياحة المستدامة، وجعل البحث العلمي محورا رئيسيا على المستوى الجهوي بين المقاولات والجامعات والمهنيين.
وخلص رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى إرساء الالتقائية بين الإستراتيجيات الوطنية المتعلقة بقطاعات السياحة والثقافة والصناعة التقليدية والشباب والرياضة والتنمية المستدامة وغيرها، والحرص على توطينها على المستوى الترابي، ودعم تنفيذ الإستراتيجيات الجهوية للسياحة المستدامة، من خلال مواكبة المجالس الجهوية في إعداد ووضع مشاريع في هذا المجال ضمن برامج التنمية الجهوية.
قد يهمك أيضا
انتقادات لغلاء أسعار الفنادق والإقامات السياحية خلال الصيف في المغرب