الرئيسية » التحقيقات السياحية

الرباط - المغرب اليوم

بأسوار عالية متآكلة انهار معظمها فيما بقي الآخر صامدا أمام عوامل الزمن، تقوم قصبة سلوان في وسط الجماعة التابعة للنفوذ الترابي لإقليم الناظور، منذ أزيد من 4 قرون بعد أن شيدها السلطان العلوي المولى إسماعيل لأغراض سياسية في منطقة الريف الشرقي.

وعلى الرغم من الإرث الحضاري الذي تحظى به هذه المعلمة التاريخية، فإنها لم تستطع لفت اهتمام الجهات المسؤولة، في الوقت الحالي، لترميمها وإصلاح أسوارها، لتظل عرضة للإهمال والتهميش، وتتحول إلى منطقة شبه مخربة تأوي المشردين والكلاب الضالة وإلى فضاء لرمي الأزبال والنفايات.

أحداث تاريخية
مرت قصبة سلوان بمحطات تاريخية بارزة، إذ شكلت حصنا منيعا ضد الغزوات الاستعمارية في موقع إستراتيجي على بعد حوالي 16 كيلومترا عن مركز مدينة الناظور؛ ما جعل دورها مهما في فترات الاضطرابات السياسية في المنطقة.

يقول جمال بوطيبي، الباحث في تاريخ الريف، إن “قصبة سلوان من أهم المعالم التاريخية والأثرية التي يزخر بها إقليم الناظور إلى جانب قصة جنادة بفرخانة وقصبة زايو وقلعة “ثزوضا” المصنفة أخيرا ضمن المآثر التاريخية من قبل وزارة الثقافة. ويعود تاريخ قصبة سلوان إلى حقبة حكم السلطان العلوي مولاي إسماعيل الذي شيدها سنة 1676م”.

وجاء تشييد القصبة بأمر من السلطان، يضيف المتحدث، من أجل بسط هيمنته على قبائل بني يزناسن الواقعة على الجهة الشرقية بجوار إقليم الناظور، كما تذكر بعض المصادر التاريخية؛ ليستمر دورها المهم كحصن عسكري متين في الفترات اللاحقة.

ويردف بوطيبي: “عرفت القصبة عمليات ترميم قديمة عديدة؛ أهمها في عهد السلطان سيدي محمد بن عبد الرحمان سنة 1771، وتم ترميم القصبة أيضا سنة 1859 تزامنا مع إرسال كارلوس الثالث فيالق الحماية الإسبانية من مليلية المحتلة إلى مدينة طنجة”.

القصبة في عهد بوحمارة
شهدت قصبة سلوان أحداثا تاريخية عديدة خلال حقبة الاستعمار الإسباني، الذي بسط نفوذه على منطقة الريف. وكان لهذه المعلمة التاريخية الصامدة موقع عسكري وإستراتيجي أساسي اتخذه بوحمارة كحصن لتنفيذ مشروع تمرده على السلطة.

وأفاد بوطيبي بأن “قصبة سلوان تحتفظ بذاكرة تاريخية ذات أحداث مثيرة؛ ففي سنة 1905 استولى بوحمارة على القصبة، ولم يغادرها إلا سنة 1908 بعد أن ثارت ضده قبائل قلعية بسبب القمع الذي مارسه ضدهم ليهرب إلى مدينة مليلية”.

وتورد بعض الروايات الشفهية، يردف بوطيبي، أن العنف والقمع اللذين مارسهما بوحمارة ضد قبائل قلعية المحيطة بقصبة سلوان، إلى جانب الاستيلاء على مخازنهم وجرائم القتل التي نفذها ضد معارضيه، تسبب كل ذلك في هيجان كبير لهذه القبائل ضده ليغادر القصبة بشكل نهائي إلى مليلية.

 

القصبة والمقاومة الجهادية
تمكن الاستعمار الإسباني من احتلال قصبة سلوان يوم 27 شتنبر 1909 بعد طول تربص ومناورات عسكرية مع الجهاديين القلعيين برئاسة زعيمهم الشريف محمد أمزيان، لتندلع معارك طويلة للمقاومة الجهادية مع الاستعمار من أجل استرجاعها.

يقول بوطيبي: “استطاع الإسبان الوصول إلى القصبة واحتلالها، بعد أن فشلت مقاومة الشريف محمد أمزيان في التصدي لزحف المستعمر. وكان احتلال القصبة خطرا محدقا بالمقاومة الجهادية في منطقة الريف، ليبادر رجال مقاومون من قبائل بني بويفرور وبني سيدال وبني بوغافر وبني شيكر… وغيرها من القبائل التي قدمت عددا كبيرا من الشهداء من أجل استرجاع القصبة في معارك شرسة”.

القصبة تحت وطأة الإهمال
تعاني القصبة لمدة طويلة من الزمن من إهمال وتهميش حوّلاها إلى ما يشبه بناية تاريخية مهجورة تكالبت عليها عوامل طبيعية وبشرية، لتصبح عرضة للاندثار خارج دائرة اهتمام المسؤولين.

يقول محمد الشركي، فاعل جمعوي وأحد ساكنة المنطقة، إن “قصبة سلوان من أهم المآثر التاريخية القائمة إلى حد الآن بمنطقة الريف الشرقي صامدة تقاوم تقلبات الزمن، وتعاني في الوقت نفسه من الإهمال الذي حولها إلى خراب ومأوى المتشردين والمتسكعين والكلاب الضالة”.

ويضيف المتحدث قائلا: “يقوم السوق الأسبوعي لجماعة سلوان كل يوم سبت بمحاذاة القصبة؛ ما يجعلها عرضة لطرح الأزبال والنفايات ومخلفات البضائع والخضر والأسماك. كما تحولت القصبة إلى شبه مرحاض عمومي للمتسوقين والمارة الذين يلجؤون إلى قضاء حاجاتهم أسفل أسوار القصبة، حتى تحول هذا الكنز التاريخي إلى بناية مهجورة ومهملة بدون قيمة لدى عموم الناس”.

“أسوار القصبة تتساقط تباعا، يردف الشركي في حديثه إلى وسائل إعلامية، ولم تمر سوى شهور قليلة على مصرع متشرد كان محتميا بالقصبة، خلال تساقطات مطرية مهمة عرفتها المنطقة، لينهار على رأسه على حين غرة جزء من حائط متآكل فأودى بحياته على الفور. بعد الحادثة، أصبح العامة على وعي بأن حياتهم مهددة في أية لحظة خلال وجودهم قريبا من أسوار القصبة”.

 

مطالب ووعود
تأسست جمعية القصبة والمحافظة على البيئة سنة 2016 بجماعة سلوان أساسا من أجل الاهتمام والتعريف بالقصبة التاريخية والدفاع عنها وحمايتها على كافة المستويات. وقد انبثقت فكرة تأسيس هذه الجمعية بعد الوقوف على مدى تعرض القصبة للتلف بتآكل أسوارها وتساقطها وتحولها إلى خراب بفعل الإهمال الذي عانت منه طويلا، لتعمل على وضع مطالب العناية بالقصبة على طاولة المسؤولين.

يقول شكري الغازي، رئيس الجمعية: “قمنا بأدوار كبيرة ومهمة على مستوى العناية بالمعلمة التاريخية وحمايتها من التلف والمحافظة على محيطها البيئي، في انتظار التفاتة الجهات المسؤولة من أجل تأهيلها وترميمها.

وأضاف: “وفي هذا الصدد، راسلت الجمعية كلا من وزارة الثقافة ووزارة الداخلية ومجلس جهة الشرق وعامل إقليم الناظور ورئيس المجلس الإقليمي، كما عقدت جلسات مع برلمانيي الإقليم من أجل التحسيس بمدى أهمية القصبة الإسماعيلية ووضع مشروع تحويل القصبة إلى وجهة سياحية؛ وذلك بتحويلها إلى متحف يضم مرافق أخرى، كالمسرح الروماني ومكتبة عمومية ومرسم”.

وبعد هذه الجهود، يردف الغازي، تلقت الجمعية جوابا سابقا من وزير الثقافة والاتصال مفاده: “أحيطكم علما أن المديرية الجهوية لوزارة الثقافة والاتصال – قطاع الثقافة – بجهة الشرق قامت بإعداد دراسة تشخيصية حول وضعية وحالة تدهور قصبة سلوان وكذا تحديد التدخلات الاستعجالية لإنقاذ القصبة وإعادة تأهيلها لما تمثله من قيمة أثرية وتاريخية”.

“إلى حد الآن، تلقينا وعودا بتسجيل المعلمة ضمن التراث الوطني ووعودا ببرمجتها قصد ترميمها مستقبلا، وقد مضى أكثر من سنتين وما زلنا في انتظار الوفاء بهذه الوعود”، يختم الغازي حديثه إلى وسائل إعلامية.

قد يهمك ايضاً :

الوكالة الدولية "أسوشياتيد بريس" تنجز روبورتاجا خاصا عن انتعاشة القطاع السياحي في مراكش

تدشين أكبر مركب سياحي وترفيهي في جهة الرباط- سلا- القنيطرة

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

مطارات المملكة المغربية تستقبل كأس العالم لكرة القدم 2030…
رحلات جوية إلى مطارات المغرب تشهد اضطراباً بتغيير وجهاتها…
أبرز النشاطات التي يمكن الاستمتاع بها في بوسطن بميزانية…
التقدم والاشتراكية يستدعي وزيرة السياحة المغربية للبرلمان بسبب فوضى…
استكشف الطبيعة والمناظر الخلابة في إيبيزا الإسبانية "جزيرة الحفلات"

اخر الاخبار

الملك محمد السادس يُهنئ مارك روته بمناسبة توليه منصب…
نزار بركة يكشف عن لائحة أعضاء اللجنة التنفيذية الجديدة…
سفير بكين في الرباط يؤكد أن الصين تعي أهمية…
هولندا تُجدد تشبثها الراسخ بالشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي…

فن وموسيقى

مصطفى شعبان يُعيد تعاونه مع نجوم "المعلم" ويقدم "حكيم…
شيرين عبدالوهاب تساند بيروت على طريقتها وتعيد نشر أغنيتها…
يحيى الفخراني يُعيد تقديم مسرحية "الملك لير" للمرة الثالثة…
منال بنشليخة تحتل الترند المغربي بثلاث أغاني من ألبوم "قلب…

أخبار النجوم

ياسمين رئيس تكشف عن شخصيتها في فيلم «الفستان الأبيض»
أحمد مكي يخوض تجربة جديدة في رمضان
ماجدة الرومي تُعلق على الهجوم الذي يتعرض عليه جنوب…
ماغي بوغصن تُطلق مبادرة لدعم النازحين في لبنان

رياضة

وليد الركراكي يكشف أسباب عدم استدعاء حكيم زياش إلى…
الإعلان عن قوائم المرشحين لجوائز الأفضل في آسيا 2023
الفيفا يكشف عن الملاعب المستضيفة لكأس العالم للأندية 2025
المغربي ياسين بونو ضمن قائمة أغلى 10 حراس مرمى…

صحة وتغذية

نزيف الأنف لدى الأطفال قد يكون من أعراض سرطان…
العنب الغامق يُطيل متوسط عمر الإنسان ويمنع تطور الأورام…
الكشف عن نظام "مايند" الغذائي لحل مشاكل التركيز والذاكرة…
ممارسة الرياضة في عطلات نهاية الأسبوع بُقلل خطر الإصابة…

الأخبار الأكثر قراءة

بيان رسمي عقب بلبلة في مطار بيروت يؤكد أنه…
كشف حقيقة العثور على صراصير بعنبر أمتعة طائرة تابعة…
سنغافورة تعتبر واحدة من أفضل الوجهات السياحية في آسيا…
إلغاء 36 رحلة جوية في أحد مطارات اليابان بسبب…
كوريا الشمالية تُعلن إستئناف الرحلات السياحية بعد حظر دام…