واشنطن - رولا عيسى
توصَّل باحثون إلى أنّ بعض الأشخاص الذين يدخنون للمرة الأولى يصبحون أكثر عرضة لإدمان التدخين عن غيرهم بسبب تأثير "النيكوتين" عليهم، مشيرين إلى أنّ مدى تجنب أو اختيار التعرض لهذه المادة تحديدًا يرتبط بالجينات.
وكشف الباحثون في دراسة علمية حديثة أنّ هذه النتائج ربما تمهد الطريق من أجل التوصل إلى علاج مستقبلى لإدمان "النيكوتين" وهو أمر مهم نظرًا إلى زيادة شعبية السجائر الإلكترونية في الآونة الأخيرة.
وظل العلماء فى حيرة لمدة سنوات بسبب إدمان الكثير من الأشخاص للسجائر فى حين أن بعضهم يصرح أنهم لم يحبوا "النيكوتين" عند التدخين للمرة الأولى.
وبيّن الأستاذ في كلية الطب في جامعة جونز هوبكنز، رولاند غريفيث، "من وجهة نظر المدمنين يعتبر النيكوتين من المواد المخدرة غير العادية، وعندما تعرض الناس إليه للمرة الأولى كان معظمهم لا يحبونه، فهو مخدر مختلف عن العقاقير الأخرى التي تسبب الإدمان والتي يستمتع معظم الناس بتجربتها للمرة الأولى ويقولون إنهم يمكن أن يجربونها مرة أخرى".
وأضاف غريفيث "تشير النتائج إلى أن بعض الناس يقعون في فئة متجنبي النيكوتين وبعضهم يقعون في فئة من يختارونه، وربما يكون هناك جينات وراثية تجعل الناس يقعون في واحدة من الفئتين".
ولفت رولاند غريفيث إلى أنه أجرى دراسة على 18 شخصًا من غير المدخنين وجرى تقسيمهم إلى مجموعتين وأعطى مجموعة أقراصًا تحتوي على جرعة مخفضة من النيكوتين، وأعطى الأخرى حبوب منع حمل وهمية، وأعطيت إحدى مجموعات الأدوية الرمز A والمجموعة الأخرى الرمز B، وكانت جرعة النيكوتين بالكاد تفوق ما يحتاجه الشخص لملاحظة آثاره عليه مثل الاسترخاء والتركيز بشكل أفضل وتغير المزاج.
وأجريت الدراسة بحيث لا يعرف المشاركون إن كانوا من المجموعة التي حصلت على النيكوتين أو الدواء الوهمي، وأخبروا أن الأقراص تحتوي على مجموعة من المواد مثل الكافيين أوالسكر أوالبابونغ أوالكافا أوالثيروبرومين أو النيكوتين، وجرى خلط الأقراص على مدار أيام الدراسة.
وسُئل المشاركون فى الدراسة عن الأعراض الخاصة بالاسترخاء وتغير مستوى الطاقة والتركيز والشعور بدوار خفيف والخمول والتوتر بعد تناول كل قرص من الأدوية، وأعطى المشاركون فى الدراسة الحبوب ذاتها لمدة 10 أيام متتالية ولكن من دون وضع أي رموز عليها.
وطلب من المشاركين تمييز أي قرص كان رمزه A وأيهما كان B، وفي حال فشل المشارك في التمييز بين الحبوب يتم زيادة جرعة النيكوتين قليلا، وعندما يستطيع المشارك التمييز بين الحبوب يحق له اختيار أي منهما ويطلب منه شرح أسباب اختياره.
وكانت النتيجة هي اختيار 9 من 18 مشاركًا حبوب النيكوتين، معللين ذلك بأنها تحسن التركيز والبقظة والتحفيز والطاقة والمزاج، بينهما اختار الآخرون حبوب منع الحمل الوهمية معللين ذلك بأن حبوب النيكوتين جلعتهم يشعرون بالدوخة والمرض قليلا.
ويعتقد غريفيث أن هذه أول دراسة تظهر احتمالية الإقبال على استخدام النيكوتين والتي تعتبر أولى مراحل الإدمان مع أشخاص لم يدخنوا من قبل، وأوضح أن هذه الدراسة ستفيد الأبحاث المستقبلية عند تقسيم الناس إلى مُقبلين أو متجنبين للنيكوتين، كما تساهم الدراسة في وضع أسس اكتشاف ما إذا كانت هناك أي عوامل وراثية أو غيرها تجعل الناس أكثر عرضة لإدمان "النيكوتين".
وتابع "أتمنى أن تساعد هذه النتائج في الوصول إلى علاج مستقبلي لمنع إدمان النيكوتين أو علاجه وهو موضوع مهم فى إطار زيادة استخدام السجائر الإلكترونية".