واشنطن - المغرب اليوم
آلام الساق شائعة بشكل يفوق المتوقع. ومن بين جميع آلام الجسم، فإن نسبة الشكوى من آلام الأطراف السفلية تشكل أكثر من 36 في المائة. وذلك وفق آخر تقرير (يوليو/ تموز 2021) للمركز الوطني للإحصاءات الصحية بالولايات المتحدة (NCHS)، المبني على «بيانات المسح الصحي الوطني (National Health Interview Survey)».
وآلام الساق هي الثانية بعد آلام الظهر، التي تشكل نسبة 39 في المائة، بينما يشكل الصداع نسبة 22 في المائة، وآلام البطن والحوض نسبة 10 في المائة.
اضطرابات العضلات والشرايين
وتفيد الكلية الأميركية لجراحي القدم والكاحل (ACFAS)، قائلة: «ألم الساق يمكن أن ينتج عن عدد من الأسباب المختلفة. إنه ليس شيئاً يجب تجاهله. يجب مراجعة جراح القدم والكاحل لإجراء الفحص؛ لتحديد ما إذا كان السبب مشكلة صحية خطيرة، أو إصابة، أو مجرد استخدام مفرط. وهو الذي سيحدد سبب آلام الساق العلاج المناسب».
صحيح أن غالبية حالات ألم الساق ناجمة عن التمزق أو كثرة الاستخدام، أو التعرض للإصابات في العظام أو العضلات أو الأربطة أو الأوتار أو الجلد أو غيرها من الأنسجة الضامة في منطقة الساق، إلا أن ثمة «أسباباً أخرى» لألم الساق تحتاج إلى مراجعة الطبيب، وإليك أهم 5 منها:
> اضطرابات العضلات. التشنج، أو التقلّص العضلي (Muscle Cramp)، في الساق هو انقباض لا إرادي ومفاجئ لإحدى العضلات أو أكثر، ما قد يُوقظ المرء من نومه أو يفقده القدرة على المشي أو الوقوف؛ نتيجة التيبس العضلي المؤلم بشدة. وعادةً ما تكون تشنجات عضلات الساق مؤقتة، ولكنها قد تسبب ألماً وانزعاجاً شديدين.
> تشنج مؤقت. وعلى الرغم من أن تشنجات العضلات غير ضارة بصفة عامة، فإنها قد تجعل من المستحيل استخدام العضلة المصابة بشكل مؤقت. ومع وجود ضعف في العضلات بالأصل، قد يحصل ذلك مع ممارسة التمارين والنشاط البدني المطول (خصوصاً عند عدم إجراء تمارين تمدد العضلات قبلها) أو العمل الشاق الجسدي لفترات طويلة، خصوصاً في الطقس الحار؛ ما يؤدي إلى فقدان الجسم السوائل، والكهارل (البوتاسيوم والكالسيوم وغيرهما) من خلال التعرق. كما قد تتسبب به حالات مرضية معينة، مثل كسل أو فرط نشاط الغدة الدرقية، ومرض السكري، وضعف الكلى، وفقر الدم. وأيضاً تناول بعض الأدوية، مثل بعض أدوية علاج ارتفاع ضغط الدم، وبعض أدوية علاج ارتفاع الكولسترول، وبعض مُدرات البول، وبعض أنواع حبوب منع الحمل التي تؤخذ عن طريق الفم.
> تشنجات الساق الليلية (Nocturnal Leg Cramps)، وهي نوع آخر من التقلصات أو التشنجات، غير إرادية ومؤلمة في عضلات الساقين، وتحدث عادةً عندما يكون المرء في الفراش. وعادةً ما تؤثر تشنجات الساق الليلية على عضلات ربلتي الساقين. وحينها قد يفيد مد وإطالة العضلات التي تعاني التقلصات، في تخفيف الألم. وأحياناً يحدث خلط بين «متلازمة تململ الساقين (Restless Legs Syndrome)» و«تشنجات الساق الليلية»، ولكنها حالة منفصلة. وبشكل عام، الألم ليس سمة رئيسية لمتلازمة تململ الساق.
> اضطرابات الأوعية الدموية. التخثر في الأوردة العميقة DVT قد يتسبب بألم أو تقلصات مؤلمة في الساق، ويبدأ غالباً في ربلة الساق. وربما مع تغيُّر لون جلد الساق (كأن يصير أحمر أو أرجوانياً)، والشعور بسخونة في الساق المصابة.
> جلطة الأوردة العميقة. ويحدث تخثر الأوردة العميقة عند تكوّن جلطة دموية في واحد أو أكثر من الأوردة العميقة في الساق. وقد ينشأ إذا لم يتحرك المرء لفترة طويلة، مثل الجلوس المُطوّل عند السفر لمسافة طويلة، أو إذا لازم المرء الفراش لفترة طويلة بسبب جراحة أو مرض أو حادث. وهناك أيضاً حالات مرضية عدة ترفع من احتمالات حدوثها. والإشكالية أن تلك الخثرة الدموية قد تنتقل إلى الرئة، وتتسبب بجلطة الرئة (الانصمام الرئوي)، التي قد تهدد سلامة الحياة.
> الدوالي الوريدية Varicose Veins، وهي التواء وتضخم في شكل أنابيب أوردة الساقين. وقد يكون السبب الغالب في حدوثها طول مدة الوقوف والمشي، ما يزيد الضغط على أوردة الجزء السفلي من الجسم. وهي ليست مجرد مشكلة جمالية فقط في بروز تلك الأوردة المتضخمة على الجلد (الأوردة العنكبوتية)، بل قد تتسبب بألم وإزعاج شديدين. وقد يتضمن العلاج اتباع تدابير العناية الذاتية، أو تناول الأدوية، أو إجراءات علاجية لسد الأوردة أو استئصالها.
> مرض الشرايين المحيطية (PAD) يؤدي إلى نشوء تضيقات داخل مجرى الشرايين، ما يُقلل من تدفق الدم خلالها. وبالتالي حصول ألم في عضلات المناطق التي لا يصلها الدم والأكسجين الكافي (Claudication)، وقد يتسبب حينها بعرج مؤقت. ووجود مرض الشرايين المحيطية مؤشرٌ إلى تراكم الترسّبات الدهنية في الشرايين. ويسبب هذا ألم الساق عند المشي مع تقلصات مؤلمة في عضلات الساق، أثناء أو بعد المشي أو صعود الدرج. وكذلك ملاحظة برودة في أسفل الساق أو القدم، وخصوصاً عند مقارنتها بالساق أو القدم الأخرى. وكذلك خدر أو ضعف في الساق. وبالفحص الإكلينيكي، قد يلحظ الطبيب انعدام، أو ضعف النبض في شرايين الساقين أو القدمين. وربما بطء نمو أظافر القدمين، وتقرحات جلدية، وتساقط شعر الساقين.
التهابات الركبة والأوتار
> اضطرابات منطقة الركبة. إضافة إلى التراكيب المتعددة في مفصل الركبة نفسها، ثمة تراكيب أخرى مرتبطة بها، قد يكون أحدها هو السبب وراء ألم الساق.
> تمزق الأربطة. والرباط التصالبي الأمامي هو أحد الأربطة النسيجية القوية التي تربط عظمة الفخذ بعظمة قصبة الساق. وعند حصول إصابة (تمزق أو التواء) ACL Injury فيه، قد تتورم الركبة، ويصبح من المؤلم جداً تحمل الوزن. وكذلك قد ينشأ ألم في الساق.
> التهاب الجراب (Knee Bursitis) حالة مؤلمة تؤثر على الأكياس الصغيرة المملوءة بالسوائل (الأجربة)، التي تحمي العظام والأوتار والعضلات القريبة من مفصل الركبة. وعادةً ما يحدث التهاب الجراب نتيجة الأداء الحركي المتكرر للركبة. ويعاني مفصل الركبة حينها من الشعور بالألم أو التصلب، ويزداد الألم في الركبة والساق عند تحريك المفصل أو الضغط عليه، ويبدو متورماً ومحمراً. وعادةً ما يشمل العلاج استراحة مفصل الركبة وحمايته من التعرض إلى صدمات أخرى. وفي معظم الحالات، يختفي ألم التهاب الجراب خلال بضعة أسابيع مع العلاج المناسب، ولكن قد يتكرر التهاب الجراب مرة أخرى.
> إصابة كيسة بيكر (Baker Cyst) التي تحتوي سائل تزليق، يساعد الساق على التأرجح بأريحية، كما أنه يقلل من الاحتكاك بين الأجزاء المتحركة في مفصل الركبة. ولكن عندما تنتج الركبة كمية كبيرة من السائل (نتيجة التهاب أو إصابة في مفصل الركبة)، يتراكم ذلك السائل في مؤخرة الركبة (الجِرابُ المَأْبِضِيّ)، متسبباً في الإصابة بـ«كيسَة بيكر». وينتج عن ذلك نشوء نتوء وشعور بالضيق خلف الركبة، مع ألم في الساق. وقد يزداد الألم سوءاً عند ثني الركبة.
> الالتهاب المفصلي العظمي (Osteoarthritis)، المعروف بـ«روماتزم الركبة»، يعتبر أكثر أنواع التهاب المفاصل شيوعاً، حيث يصيب ملايين الأشخاص حول العالم. ويحدث فيه تآكل تدريجي في النسيج الغضروفي الواقي، الموجود عند نهايات العظام الملتقية في منطقة مفصل الركبة. ويرافق ذلك ألم في المفصل أثناء الحركة، أو عند الضغط عليه أو بالقرب منه برفق، وقد لا يتمكن المريض من تحريك المفصل حركة كاملة. وألم الساق كثيراً ما يرافق ألم المفصل، خاصة عند المشي والحركة، أو بعدها.
> التهاب الوتر الرضفي. والوتر الرضفي يربط الركبة بعظمة الساق من الأمام. والتهاب هذا الوتر (Patellar Tendinitis) يتسبب بألم في تلك المنطقة عند بدء ممارسة نشاط بدني أو بعد التدريب المكثف، وقد ينتقل الألم إلى أسفل الساق.
> التهاب وتر أخيل. وتر أخيل (وتر العرقوب) يربط عضلات الربلة في الجزء الخلفي من أسفل الساق بعظمة الكعب في القدم. والتهاب وتر أخيل (Achilles Tendinitis) هو إصابة ناجمة عن الاستخدام المفرط لهذا الوتر، أي الضغط المتكرر أو الشديد عليه. وهو شائع لدى الأشخاص الذين يمارسون الأنشطة الرياضية بشكل متقطّع، أي فقط مرة في الأسبوع، أو لدى العدائين الذين يزيدون فجأة من شدة أو مدة جريهم. والحالات الأكثر شدة من التهاب وتر أخيل قد تشمل تمزقاً في الوتر، وهو ما يتطلب علاجاً جراحياً.
وألم التهاب وتر العرقوب قد يكون خفيفاً في الجانب الخلفي للساق أو أعلى الكعب. وقد يكون الشعور بالألم أكثر شدة. وكثيراً ما يشعر المُصاب بألم أو تيبس في الصباح بشكل خاص، ثم يخف ويتحسن خلال الساعات التالية بممارسة الأنشطة الخفيفة. ولكن إذا كان الألم مستمراً حول وتر العرقوب، أو كانت الإعاقة شديدة، فتجدر مراجعة الطبيب. وتحدث التهابات وتر أخيل كثيراً بين الرجال.
كما قد يتسبب القوس المسطح في القدم، في حدوث إجهاد شديد لوتر العرقوب. ويمكن أيضاً أن تتسبب السِّمنة وعضلات الربلة المشدودة في زيادة إجهاد هذا الوتر. كما قد يتسبب به ارتداء أحذية غير ملائمة للجري، وخصوصاً في الأجواء الباردة، أو الجري على الأراضي الجبلية وغير المستوية، ومع عدم أخذ الوقت الكافي لتمارين إطالة عضلات الربلة ووتر العرقوب قبل التمرين وبعد التمرين للحفاظ على المرونة.
وتذكر المصادر الطبية أن الأشخاص الذين يعانون الصدفية أو ارتفاع ضغط الدم هم الأكثر عرضةً للإصابة بالتهابات وتر أخيل.
ووفق ما ينصح به الطبيب، فقد يُفيد تناول الأدوية المُسكّنة للألم، أو وضع قطع من الثلج على الوتر المصاب لمدة 15 دقيقة، ثم إبعاد قطع الثلج. وقد تساعد اللفافات أو الأربطة الضاغطة المرنة في تخفيف التورم وتقليل حركة الوتر. وكذلك رفع القدم المصابة فوق مستوى القلب أثناء النوم. وقد يحتاج المصاب إلى تجنب ممارسة التمارين الرياضية لعدة أيام، أو استبدال أنشطة لا تُجهد وتر العرقوب مثل السباحة، بها. كما يمكن لحشو كعب الحذاء (الذي يرفع الكعب خفيفاً) أن يقلل الضغط على الوتر، ويعمل كوسادة؛ للحد من قدر القوة الضاغطة على وتر العرقوب.
اضطرابات الأعصاب
> الاضطرابات العصبية. ثمة مجموعة من الاضطرابات العصبية التي تتسبب بألم في الساق. ولكن أهمها «العرج العصبي المنشأ» و«الاعتلال العصبي السكري».
> العرج العصبي (Neurogenic claudication) يحدث عندما تنضغط الأعصاب التي تذهب إلى الساقين، نتيجة تضيق العمود الفقري، أي عندما تكون المساحة داخل العمود الفقري صغيرة جداً، ما يسبب ضغطاً على الحبل النخاعي والأعصاب التي تمر عبر العمود الفقري. ويحدث التضيُّق الشوكي في الغالب في أسفل الظهر. والسبب الأكثر شيوعاً للإصابة بالتضيق الشوكي هو تغيرات التآكل والاهتراء في العمود الفقري، والمُرتبطة بالتهاب المفاصل، مما يؤثر على قدرة الأعصاب في منطقة العمود الفقري، على التواصل مع أسفل الساقين. وعرق النسا (Sciatica) هو أحد الأمثلة على العرج العصبي. وبالإضافة إلى آلام ربلة الساق عند الراحة، قد يكون ثمة ألم أو عرج أثناء المشي، أو ألم بعد الوقوف لفترات طويلة، أو ألم يحدث أيضاً في الفخذين أو أسفل الظهر أو الأرداف. ويُلاحظ أن الألم قد يتحسن عندما ينحني الشخص إلى الأمام عند الخصر.
> الاعتلال العصبي السكري (Diabetic Neuropathy) هو أحد أنواع تلف الأعصاب، الذي يُمكن أن يُصاحب مرض السكري نتيجة عدم انضباط ارتفاع مستوى سكر الدم. وغالباً ما يتسبب الاعتلال العصبي السكري في تلف أعصاب الساقين والقدمين. وتشمل أعراض الاعتلال العصبي ألماً وخَدَراً في الساقين والقدمين. وغالباً تستطيع الوقاية من الاعتلال العصبي السكري أو إبطاء تقدُّمه، عن طريق التحكم في مستوى سكر الدم، بانتظام واتّباع نمط حياة صحي.
قد يهمك أيضاً :