لندن ـ سامر شهاب
كشفت دراسات عدة، أن ممارسة التمارين الرياضية الشاقة يُضعف الرغبة في تناول الطعام بشكل أكثر من ممارسة التدريبات بشكل خفيف، فيما أشارت دراسات علمية أخرى إلى أن ممارسة التمرينات الرياضية قد تكون لها فوائد فريدة من نوعها.
وتحظى التمرينات القصيرة والمكثفة، والتي عادةً تتضمن فواصل زمنية مع تدريبات شاقة يتخللها فترات راحة قصيرة، بشعبية كبيرة في الآونة الأخيرة،
سواء استمرت الجلسات لمدة أربع دقائق أوسبع دقائق أو أطول قليلاً، ووجدت الدراسات أن هذا النوع من التدريب المكثف، مهما كان مختصرًا، عادةً ما يُحسّن اللياقة البدنية وبعض العلامات الصحية، بما في ذلك ضغط الدم والحساسية للأنسولين، بفعالية أكثر من الجلسات التدريبية ذات التمارين المعتدلة، وما لم يكن واضحًا، هو ما إذا كانت فترة التدريب يمكن أن تساعد أيضًا في السيطرة والتحكم في الوزن أم لا.
وقام الباحثون في جامعة ويسترن الأسترالية في مدينة بيرث ومؤسسات أخرى، بمقارنة آثار ونتائج ممارسة التمارين السهلة مقابل التمارين المرهقة على الرغبة اللاحقة للأشخاص في تناول الطعام، وذلك في دراسة نُشرت على الإنترنت في حزيران/يونيو الماضي في "الجريدة الدولية للبدانة".
وتابع الباحثون 17 شخصًا يعانون من زيادة الوزن، ولكنهم شباب أصحّاء في العشرينات والثلاثينات من عمرهم، وطُلب منهم أن يتواجدوا في مختبر علم وظائف الأعضاء التابع للجامعة على مدار أربعة أيام منفصلة، وكانت إحدى الجلسات هي الاستراحة أثناء القراءة أو الاستراحة لمدة 30 دقيقة، وفي يوم آخر من الجلسات، قام الأشخاص باستقلال دراجة التمارين، وقاموا بالتمرين عليها بشكل مستمر لمدة 30 دقيقة، بوتيرة معتدلة (أي ما يعادل 65 في المائة من قدرتهم الإنتاجية المحددة سلفًا)، وكانت الجلسة الثالثة الأكثر طلبًا، مع استكمال الرجال التمرينات لمدة 30 دقيقة، وركوب الدراجة أولاً لمدة دقيقة واحدة بنسبة 100 ??في المائة من قدرتهم على التحمّل، ثم التدريب بشكل خفيف لمدة 4 دقائق، أما الجلسة الأخيرة فكانت الأصعب، حيث قام الرجال بالتبديل بقوة على الدراجة خلال 15 ثانية بنسبة 170 في المائة من قدرتهم على التحمّل العادي، ثم قاموا بالتبديل بالكاد بنسبة 30 في المائة من طاقتهم القصوى لمدة دقيقة، مع تسلسل كامل متكررة على مدى 30 دقيقة.
وقام العلماء، قبل وبعد ممارسة الرياضة والراحة، بسحب الدم من الرجال، للتحقق من مستويات مختلفة للمواد المعروفة بتأثيرها على الشهية، وزوّدوا المتطوعين بسائل إفطار موحد في نهاية كل دورة تصل مدتها 30 دقيقة، وبعد 70 دقيقة، سمحوا للرجال بالاسترخاء على مائدة يوجد بها سائل ذات طعم جميل، حيث أراد الباحثون تجنب الروائح الغنية أو جوانب أخرى من المواد الغذائية التي قد تؤثر على رغبة الرجال في تناول الطعام.
و اتضح للباحثين، أن السائل جذاب جدًا للاعبين بعد الراحة، أو بعد التبديل على الدراجة باعتدال، وقاموا بملأ الأطباق الخاصة بهم، لكن شهيتهم انخفضت بشكل ملحوظ خلال التدريبات، وعلى وجه الخصوص من قِبل التمرينات الشاقة التي تستغرق 15 ثانية، وبعد تلك الدورة التدريبية، تناول الرجال الوجبة، وقاموا باستهلاك كمية أقل بكثير من تلك الكمية التي تناولوها بعد الإستراحة أو التدريب بشكل معتدل، كما أظهروا وجود مستويات أقل بكثير من هرمون "غريلين"، وهو الهرمون الذي يُعرف بتحفيز الشهية، بالإضافة إلى مستويات مرتفعة من كلا من اللاكتات في الدم، و نسبة السكر في الدم، والتي أظهرت أنها لديها القدرة على التخفيف والتقليل من باعث تناول الطعام، بعد التمرينات الأكثر نشاطًا وقوة عن التدريبات الأخرى.
وأفادت مذكرات الغذاء التي قام الرجال بكتابتها، أن التأثير المُكبت للشهية بعد التدريبات المكثفة والشديدة، تستمر حتى اليوم التالي، فهم يستهلكون سعرات حرارية أقل خلال الـ 24 ساعة اللاحقة من التمرينات القوية، والتي تستمر 15 ثانية عن أي من التدريبات الأخرى، وتأتي هذه النتائج موازية لدراسة حديثة أخرى عن العلاقة بين شدة وقوة التمرين والشهية، التي نُشرت العام الماضي في مجلة " journal PLoS One"، حيث طلب من الفتيان في سن المراهقة، الذين يعانون من السمنة المفرطة، قضاء 24 ساعة داخل غرفة أيضية مغلقة، والتي تقيس باستمرار استهلاك الطاقة والانتاج، وقام الأولاد بعمل ثلاثة زيارات، والاستراحة مرة واحدة طوال مدة إقامتهم، وفي المناسبتين الأخريين قاموا بالتمرين على دراجة ثابتة، بوتيرة معتدلة أو شديدة للغاية، حتى أحرقوا قرابة 330 سعرًا حراريًا، وبعد ذلك، سُمح لهم بتناول كل ما اختاروه من بوفيه متنوع، ولكونهم صبية مراهقين، اختاروا الكثير من الطعام، أكثر من استبدال إنتاج الطاقة في كل مرة، ولكن بعد دورة مكثفة من التمرين، كانوا يأكلون بشكل أقل بكثير من الجميع، حيث استهلكوا سعرات حرارية أقل بنسبة 10 في المائة بعد استراحتهم أو التبديل على الدراجة بشكل معتدل .
وقال الباحث في جامعة أستراليا الغربية ارون سيم، والذي قاد الدراسة بشأن البالغين وممارسة التمارين الرياضية، إن النتيجة من كل من هذه الدراسات، هو أن ممارسة التمرينات الرياضية بقوة يؤدي إلى كبت قصير الأجل للشهية وتناول الأطعمة.
ويبدو أن هذا الاستنتاج يحمل أخبارًا سارة للأشخاص الذين يأملون بممارسة الرياضة لخفض محيط الخصر، لكن السيد سيم يُحذر من أن الدراسات المتاحة حتى الآن، بما في ذلك التي أُجريت في بلده، هي دراسات على المدى القصير جدًا، وتغطي دورة واحدة فقط من الخيارات المختلفة لممارسة الرياضة، ومن المهم أيضًا أن نلاحظ أن كلاً من هذه الدراسات تشارك المتطوعين الذكور الشباب إلى حد ما، وجميعهم لديهم زيادة في الوزن، ولم يتم التعرف ما إذا كانت النتائج تنطبق أيضًا على النساء والرجال وكبار السن الذين يتمتعون بوزن طبيعي.