الرباط _ الدار البيضاء اليوم
منح المغرب الأولوية للصحة والتعليم، في مشروع موازنة عام 2021، وأعلن عن تخصيص 5500 منصب مالي لقطاع الصحة، و17 ألف منصب في قطاع التعليم، مع تعميم التأمين الإجباري على المرض، وإقرار التعويضات العائلية لكل الأسر، ومراجعة الإطار القانوني الذي سيسمح بإنشاء تأمين إجباري جديد من المرض لفائدة الفئات الأكثر احتياجا، وتسريع التغطية الصحية للعمال المستقلين والمزاولين للمهن الحرة وغير الأجراء.
وتُقدر التكلفة الإجمالية لتفعيل نظام التأمين الصحي الإجباري بالمغرب ابتداء من العام المقبل وعلى مدى سنتين بـ13.5 مليار درهم (1.5 مليار دولار).
ولأن التأمين الصحي لا يشمل كافة مواطني البلاد، أعطى العاهل المغربي الملك محمد السادس أوامره، في وقت سابق، من أجل إيجاد كل الحلول الممكنة كي تشمل التغطية الصحية كافة المغاربة، بغض النظر عن فئتهم.
ومن المتوقع أن يُدرج 22 مليون مغربي إضافي في التأمين الصحي الإجباري في غضون سنتين، وذلك بعد أن أصبح تعميم الضمان الصحي المرتقب بدءًا من السنة المقبلة، أولوية مطلقة وتحدياً استثنائياً، حسب تصريح لوزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون.
وأكد خالد لحلو، المدير العام للوكالة الوطنية للتأمين الصحي، أن المغرب يطمح إلى تعميم التغطية الصحية (التأمين الصحي) بحلول سنة 2025، موضحا أن تحقيق هذا الهدف يستوجب وضع جدول زمني.
وأوضح أن الهدف أن يشمل التأمين المواطنين بجميع فئاتهم، وذلك عن طريق نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض "لامو" الخاص بالفئات النشيطة (العاملة)، ونظام المساعدة الطبية "راميد" الخاص بالفئات غير النشيطة (غير العاملة).
ويحكي عبد الله الحضري، وهو عامل مستقل، له متجر خاص في المدينة القديمة للعاصمة الرباط، عن معاناته مع مرضه المزمن، وقال لـ "سكاي نيوز عربية": "أعاني منذ سنوات من مرض السكري وارتفاع الضغط، وهي أمراض مزمنة تتطلب مراقبة طبية مستمرة، حيث أزور الطبيب وأقوم بالكثير من التحاليل الصحية كل أربعة أشهر. بفضل مساعدة أبنائي وعملي كان بإمكاني تغطية تكاليف مرضي بنفسي".
ثم أضاف عبد الله "لكن مع أزمة كورونا وتوقفي عن العمل لمدة طويلة، وفقدان أحد أبنائي لعمله، تأزم الوضع خاصة أنني لا أتوفر على تأمين صحي يكفل لي العلاج بشكل مريح".
وأضاف هذا التاجر أنه استبشر خيرا كغيره من التجار والمهنيين بالإعلان عن التأمين الإجباري الصحي الذي سيشمل المواطنين المغاربة بمختلف فئاتهم وطبقاتهم، مشيرا إلى أنهم تكتلوا في إطار مهني للتجار وقدموا مطالبهم للجهات المسؤولة، وهم ينتظرون أن يتم التخفيف من معاناتهم وأسرهم مع المرض، لأنه يستنزف جميع المدخرات عندما يصيب أحد منهم.
وعلى المنوال نفسه، قالت أمل الصنهاجي، وهي صاحبة صالون للتجميل، إنها لم تستفد في حياتها من أي تأمين صحي، ومن يعملن معها مسجلات لدى صندوق الضمان الاجتماعي، ويستفدن من التأمين الإجباري عن المرض (لامو)، أما هي وعائلتها فلا مجال لذلك، وذلك بسبب تعقيدات كثيرة تأمل أن تجد طريقها إلى الحل، حتى لا تظل الصحة بمثابة هاجس.
وأوضحت أمل أنها لجأت منذ سنوات لخدمات شركة خاصة للتأمين الصحي، عبر اشتراك شهري، ولكن مع الظروف الحالية وأزمة كورونا وتوقفها عن العمل لمدة طويلة، تخلت عن هذا النوع من الادخار، وقالت: "عانيت كثيرا بسبب إصابة والدتي بوباء كورونا، وحاولت معالجتها في مصحة خاصة، لكن ارتفاع التكلفة جعلني ألجأ إلى المستشفى الحكومي، الذي تكفل بها على غرار جميع مرضى كوفيد 19، ولكن لأنها كانت مصابة بضيق التنفس من قبل، فإن الوباء لم يمهلها، وتوفيت بعد شهر من المعاناة مع هذا الفيروس اللعين".
وحتى الأطباء في القطاع الخاص لم يسلموا من مشكلة التأمين الصحي، فقد وجدت عائلات بعض من رحل منهم بسبب هذا الوباء، نفسها دون تأمين صحي، وذلك بسبب عدم تفعيل القانون المتعلق بالتأمين الصحي الخاص بالعاملين في القطاع الحر، الذي أقر منذ عام 2008.
ودفع هذا الأمر بالتجمع النقابي الوطني للأطباء الأخصائيين بالقطاع الحر، إلى المطالبة بضرورة العمل على تطبيق هذا القانون، وتحفيز موظفي الصحة، ودعم مجهوداتهم في هذا المجال الذي يعرف نقصا مهولا بالمغرب.
وينبه الناشطون في القطاع الصحي بالمغرب إلى ضعف في نظام الرعاية الصحية، بينما يشيرون إلى اختلالات ونقائص في المنظومة الصحية بشكل عام، وهذه الأخيرة برزت بشكل كبير هذه السنة مع جائحة كورونا.
وتتمثل هذه الاختلالات كما ذكر رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحياة، علي لطفي، في "ضعف الميزانية المرصودة لقطاع الصحة"، وضعف الموارد البشرية من أطباء وممرضين، لأن 28 ألف طبيب هم الذين يعملون بالمغرب، بينما اختار15 ألف منهم العمل خارج المغرب.
ويقول لطفي "هذا هدر كبير للكفاءات المغربية، ناهيكم عن ضعف البنية التحتية للقطاع الصحي وغياب التجهيزات الطبية والعدالة الصحية في الاستفادة من العلاج والأدوية، فالفوارق بين الحواضر والبوادي شاسعة".
وأوضح هذا النقابي الناشط في القطاع الصحي أن هناك مشاكل كبيرة في التدبير والخدمات المقدمة في المستشفيات العمومية، فضلا عن مبالغة كبيرة في تكلفة العلاج في المصحات الخاصة، وهو ما يستدعي برأيه إصلاحا جوهريا للمنظومة والرعاية الصحية بالمغرب.
قد يهمك ايضا
قبل الاتحاد الأوروبي تعرف على الدول التي بدأت التلقيح ضد كوفيد-19