لندن ـ سليم كرم
اكتشف فريق من العلماء أخيرا طريقة للقضاء على مجموعة من البكتيريا كانت ستؤدي بالمضادات الحيوية أن تصبح غير مجدية في علاج الأمراض، فقد شكلت الإشريكية القولونية، التي وصفها المسؤولون الأميركيون بمجال الصحة بأنها بكتيريا "كابوس"، تهديدا ملحا للصحة العالمية، إذ كانت لها درجة عالية جدا من المقاومة ويمكن أن تنتشر بسرعة.
وفي الوقت الحالي قد قام في الباحثون بقيادة جامعة بافالو بصنع ثلاثة مضادات حيوية يمكنها معا استئصال الجينات بالإشريكية القولونية، مكر-1 وندم-5، التي رفعت من مناعة البكتيريا في السابق، وكان مسؤولو الصحة قلقون من الجين مكر-1، الذي يحمله جزء كثير التنقل من الحمض النووي، مما يزيد من إمكان أن تصبح العدوى غير قابلة للعلاج.
واكتشف العلماء أن اندماج مجموعة من أزتريونام، أميكاسين والبوليمكسينB، وتلك المضادات الحيوية هي الملاذ الأخير، كان قادرا على قتل الجينات مكر-1 و ندم-5 في غضون 24 ساعة، في حين منع إعادة النمو أيضا، وبذلك العصر الذهبي للمضادات الحيوية لم ينته بعد. قبل ثمانية عشر شهرا، ظهر البديل مكر-1 في بكتيريا الإشريكية القولونية من خنازير في الصين، ومنذ ذلك الحين وُجدت في حيوانات المزرعة وفي الناس في نحو 20 بلدا، بما في ذلك الصين وألمانيا وإيطاليا منذ عام 2016 وانتشرت في جميع أنحاء العالم بمعدل ينذر بالخطر، يمكن أن تنتقل البكتيريا عن طريق البراز وضعف النظافة، مما يشير إلى انتشار أوسع بكثير من الحالات الموثقة حتى الآن على الأرجح ، وفقا لخبراء الأمراض المعدية.
وقال المؤلف الرئيسي زاكر يبولمان، وهو أستاذ مساعد في جامعة إلينوي في كلية شيكاغو للصيدلة: "إن تهديد البكتيريا التي تقاوم المضادات الحيوية بما في ذلك الإشريكية القولونية التي تحمل مكر-1، أمر مثير للقلق"، "نحن نعتقد أن ظهور مكر-1 و ندم-5 في المرضى قد يكون نذيرًا لما سيأتي"، وقال: "العصر الذهبي للمضادات الحيوية لم ينته بعد، لكننا أردنا مساعدة الأطباء على الاستعداد العلاجي لحدوث هذه السلالات".
وقد أفادت التقارير بوجود أقل من اثنى عشرة حالة من حالات الإشريكية القولونية التي تحمل مكر-1 في الولايات المتحدة الأميركية، ومع ذلك، مع وجود حالات إضافية أُبلغ عنها في جميع أنحاء العالم، تركت حصانة البكتيريا للمضادات الحيوية المتاحة المجتمع الطبي عرضة لانتشار واسع من العدوى." ويقول أستاذ مشارك في كلية الصيدلة و العلوم الصيدلانية " سياد بريان تسوجي": "كان علينا أن نعمل بسرعة"، "لهذا السبب تمثل سلالات مكر-1 و ندم-5 تهديدا ملحا، إذ لديها درجة عالية من المقاومة، جنبا إلى جنب مع إمكانية الانتشار السريع داخل المجتمع"،
"كان علينا أن نعمل بسرعة والتفكير خارج المألوف، ووراء تركيبات المضادات الحيوية التقليدية". وعلى الرغم من العثور على الجينين على بلازميدات منفصلة، إلا إنه من الشائع لبلازميد واحد أن يحمل جينات المقاومة لأدوية متعددة، فيضيف: "هذه هي أول دراسة تقترح حلول علاجية باستخدام ثلاثة أدوية معا ضد مكر-1 و ندم-5"، ويقول الباحثون إن النتائج ستساعد في إعداد الأطباء لحدوث هذه العوامل الممرضة في المستقبل.
لم تعمل سوى التركيبة الثلاثية، وقد أدت الزيادة السريعة في البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية إلى إحياء أهمية البوليمكسينات، وهي فئة من المضادات الحيوية تكون فعالة ولكنها تستخدم كملجأ أخير بسبب الأضرار التي يمكن أن تسببها للكلى، ولتجنب وصف جرعات عالية من البوليمكسينات ولتعويض نقاط ضعف المضادات الحيوية، قرر الباحثون التحول إلى استراتيجيات جديدة فيما يخص الجرعات وتجربة مجموعات مضادات حيوية متعددة.
بعد إجراء الدراسات على عشرات المجموعات من أكثر من 15 المضادات الحيوية المقترنة مع بوليميكسين B، اكتشف الباحثون اثنين من العلاجات الفعالة، الأولى هي تركيبات من البوليمكسين B مع إما أزتريونام أو أميكاسين، وأسفرت تلك التركيبة عن اختفاء الجرثومة بحيث لا يمكن الكشف عنها بعد 24 ساعة، والثانية هي مزيج الثلاثي من أوفاستريونام، أميكاسين والبوليمكسين B، وتمكن هذا المزيج فقط من القضاء على الإشريكية القولونية القولونية، ومنع إعادة نموها.
فيقول دكتور بولمان :"كنا نعرف أن البوليمكسينات وحدها لا يمكن أن حقق نتيجة، فقط الأدوية الثلاثة مجتمعة تمكنت من العمل بالتآزر لقمع البكتيريا وقتلها"، "لقد تغلبنا على البكتيريا عن طريق دفعها إلى أقصى حد ممكن مع أحد المواد التي كانت مقاومة لها، في الوقت نفسه الذي تتأثر باثنين من المضادات الحيوية الأخرى". ويمكن أن يوفر هذا الاكتشاف الواعد علاجًا قابلًا للتطبيق ضد سلالات مكر-1 و ندم-5.