طهران ـ مهدي موسوي
عوقبت امرأة إيرانية مسلمة بسبب ارتدائها لتنورة قصيرة وتقول أنها هوجمت بشدة بسبب مهنتها كمصممة لملابس السباحة.
وتوضح تالا راسي في حوارها مع "فيميل كيف" حُكم عليها بـ40 جلدة في موطنها طهران لحضورها حفل مختلط عندما كانت في السادسة عشر من عمرها ولكنها رفضت أن تؤثر عليها محنتها وبدلا من ذلك قررت تالا الانتقال إلى الولايات المتحدة الأميركية وعلى الرغم من أنها لا تتحدث الإنجليزية إلا أنها اتخذت من الموضة مهنة لها وأطلقت مجموعتها المتألفة من ملابس للسباحة وألفت كتابها الأول.
وفي عام 2013 وُضع اسم تالا في قائمة "نيوزويك" بأنها واحدة من أكثر النساء التي لا تخاف في العالم جنبًا إلى جنب في قائمة تضم كل من هيلاري كلينتون وأوبرا وينفري، وجعلت تالا هدفها بأن تطالب بحقوق النساء بارتداء ما يحلو لهن دون الخوف من حكم أو اضطهاد، وتبلغ تالا من العمر 35 عامًا وتروي أنها بينما كانت تستمتع بحفل في بيت صديقتها عام 1998 وتم اقتحام الحفل من قبل ميليشيا الباسيج وهي جماعة متشددة ويعتبرون أنفسهم مدافعين عن الإسلام.
وتقول إنهم عندما اقتحموا المكان "لم يجدوا أي نوع من المخدرات أو الكحول وأن كل ما وجدوه هو أشرطة VHS الأجنبية وقنوات فضائية وشرائط كاسيت لماريا كاري وأيس أوف بيس وملصقات 90210"، ومع ذلك فقد اعتبروا ذلك دليلًا كافيًا لأخذ مراهقين إلى مركز احتجاز فوزارا المعروف بصيته السيء في طهران وعلى الرغم من مناشدات الأهالي بتقديم رشوة للمسؤولين لتأمين الإفراج عنهم تقول تالا عن الساعات الأولى لحبسها "اعتبروني مذنبة ومجرمة وكافرة أيضًا" وتضيف "عوملنا كإرهابيين قُبض عليهم للتخطيط للإطاحة بالحكومة".
وتستطرد تالا في الحديث واصفة حبسها وتقول بأنه تم تقييد مجموعة من الشباب وطُلب منهم أن يصفوا بالضبط ما كانوا يرتدونه، وفي حالة تالا فقد كانت ترتدي تنورة قصيرة وبلوزة ضيقة وتضع طلاء أظافر وماكياج وهو أمر كان ممنوع منعًا باتًا في الأماكن العامة، فتقول تالا "لم تكن هذه المرة الأولى التي أضع فيها ماكياج وطلاء أظافر ولكنها المرة الأولى التي يتم اتهامي فيها بذلك".
وتذكرت تالا الليلة الأولى في السجن وقالت بأنها "شكت في إيمان الإنسانية" وذلك بعد سماعها لصراخ الفتيات في الزنزانات المجاورة اللاتي يتعرضن للعقاب أو التعذيب بسبب سوء سلوكهن، ولكن محنتها تختلف عن الآخرين فبعد خمسة أيام تم الحكم على تالا وصديقتها المراهقة بـــــ40 جلدة لكل واحدة من الفتيات و50 جلدة للأولاد، وبعد قيادتها إلى غرفة في "مبنى قاتم" بجانب صديقتها ندا التي وضعت على سرير وتم الاعتداء عليها بسوط من الجلد بما وصفته "مثل التعذيب" حتى أنها لم تعد قادرة على الصراخ، وبعد هذه الواقعة المتوحشة والتي لم تسمح للفتاة بالجلوس في وضع سليم لعدة أسابيع قررت عائلة تالا ترك إيران وتوجهوا في البداية إلى دبي ومنها إلى واشنطن العاصمة حيث تعترف تالا بأنها واجهت صدمة ثقافية هناك.
وتقول تالا "عندما انتقلت لم أتحدث الإنجليزية ولم يكن لدي أصدقاء" وتضيف "لم استطع الذهاب إلى أي مكان أو الحديث مع أحد وكنت ألوم عائلتي لإحضاري إلى هنا ولكن بمجرد أن أيقنت بأن أمامي فرص كثيرة قررت أن أتغير عندما بدأت الأمور أن تتحسن قليلًا" وبدأت تالا في تسجيل اسمها لتعلم اللغة وحصلت على وظيفة في بوتيك لتجهيزات العرائس والذي كانت تمتلكه إيرانية ومن هنا أعادت اكتشاف حبها لمجال الأزياء، وشرحت تالا "كبرت في إيران حيث المرأة مغطاة في الشارع ولم يكن هناك متاجر رئيسية ولا تعلمك المدرسة ما يتعلق بالموضة" وتضيف "كان هذا أمرًا تقليديًا بأن تصبح محامي أو طبيب أو عالم ولم أكن أعلم أن تصميم الأزياء سيكون اختياري، وعندما أتيت إلى الولايات المتحدة أدركت أنه يمكنني أن أصبح ما أريد فلم أعد مضطرة بعد لدراسة المحاماه" وتضيف تالا "أردت أن أفعل شيئًا لتمكين النساء وأن يعلنّ عن جمالهن دون خوف من حكم أو عقاب بسبب الزي".
ومنذ تلك اللحظة أطلقت تالا مجموعتها من ملابس السباحة "دار بي دار" والتي دعمت مسابقة ملكة جمال الكون في عام 2010 وتم بيعها في جميع أنحاء الولايات المتحدة ولكنها أيضًا واجهت هجومًا رغم نجاحها، وتقول تالا "قالوا كيف تجرؤين وتصممين ملابسًا للسباحة؟ وتقول تالا إن "الحرية ليست حول ما أرتديه وما لا أرتديه وإنما هي عن اختياري في أن أفعل ما أريد، فإذا أرات امرأة أن ترتدي البيكيني على الشاطئ بينما أرادت أخرى أن ترتدي البوركيني فمن حقهما أن يفعلا ما يريدان، إذا كان هذا اختيارك وهذا ما تريد فعله سيكون لديك مزيد من القوة لتفعله".
وبعد كل هذا تخشى تالا العودة إلى بلدها والتي كانت تطلق عليها موطنها في يوم من الأيام وتشرح ذلك قائلة "لا أدري ما إذا كان مرحبًا بي في ظل هذا الوضع السياسي" وأضافت "ولكن أصدقائي الذين يعيشون في إيران يقولون بأن الأوضاع قد تغيرت كثيرًا منذ أن تركناها، عنما كبرت هناك لم تكن هناك متاجر كبيرة أما الآن فهناك متجر لروبيرتو كفالي، لذا آمل بما أن الوضع أصبح أكثر تحررًا أن أعود إلى هناك يومًا ما".