لندن ـ كارين إليان
لم تنطبق حسابات "البيدر" على حسابات لجنة التحكيم في الدورة السابعة والستين من مهرجان "كان" السينمائي، إلا فيما يخص جائزتين أو 3 أساسيَّة منها طبعاً "السعفة الذهبية" التي وكما توقعنا منذ مشاهدة الفيلم في الأيام الأولى للمهرجان أدركنا دون التباس أنها ستذهب إلى التركي نوري بلجي جيلان عن تحفته الجديدة "السبات الشتوي". قبل ذلك كان هذا المبدع الذي أعلن سروره بجائزة تنالها سينماه التركية وهي تحتفل هذا العام بمئويتها وأهدى نجاحه إلى شبيبة بلاده، كان اقترب من الجائزة السينمائية الأسمى 3 مرات في 3 أفلام سابقة ولكن من دون جدوى. هذه المرة فعلها وكان التصفيق كبيرا بقدر ما كان الفيلم "كبيار".
ولم يكن جيلان وحده الفائز. ففي "كان" هناك دائمًا فائزون آخرون. بعضهم كان من ضمن المتوقع، لكن البعض الآخر أتى مفاجئًا. من ضمن المتوقع كان طبعًا فوز بطل فيلم "مستر تورنر" لمايك لي بجائزة التمثيل الرجالي، وكانت جائزة مستحقة بقوة. فالحال أنّ الممثل الكبير تيموثي سبال، الذي يتعاون مع "سينما مايك لي" منذ ثلث قرن، قدم في أدائه دور الرسام الانطباعي الإنكليزي ويليام نورنر تمثيلاً يليق بكبار الفنانين الذين قدمهم المسرح الإنكليزي إلى العالم. في المقابل وعلى رغم أن فيلم دافيد كروننبرغ الجديد "خارطة إلى النجوم" لم يعجب كثرا، فإن نجمته جوليان مور كانت من الإقناع في دور النجمة المتهاوية فيه إلى درجة نيلها جائزة أفضل تمثيل نسائي.
أما جائزة أفضل سيناريو فقد نالها الروسي آندري زفياغنتسيف، عن فيلمه الجديد "ليفياتين" الذي شكل عرضه آخر أيام المهرجان واحدة من لحظاته القوية. وذهبت جائزة الإخراج إلى مخرج فيلم "فوكسكاتشر" الذي كان له أنصاره الأقوياء منذ عرض، متوقعين منذ البداية لمخرجه بينيت ميلر، الذي قدم قبل أعوام تحفة عن الكاتب الراحل ترومان كابوتي، ألا يخرج من دون جائزة ما.
وهنا أخيرًا إذا غضضنا الطرف عن جائزة "الكاميرا الذهبية"، التي أعطيت لفيلم "بارتي غيرل" الذي لم ينل إعجابًا منذ عرضه، تبقى أمامنا جائزتان، إحداهما "الجائزة الكبرى"، وهي ثاني الجوائز من ناحية الأهمية بعد "السعفة"، وأعطيت إلى فيلم "لا ميرافيليوزا" للإيطالية آليس رورواخر، فتسلمتها شاكرة من يدي النجمة الأسطورية صوفيا لورين التي تحدثت بأسى وحنين عن مارتشيلو ماستوياني، "الذي يطل علينا بمكر من ملصق المهرجان". أما الجائزة الأخيرة وكانت الأطرف فهي جائزة التحكيم الخاصة التي كمنت طرافتها في كونها أعطيت مناصفة للفيلمين الأكثر تجريبية في المسابقة. فيلمين يفصل بين عمري مخرجيهما 60 عامًا. فقد أعطيت الجائزة إلى جان لوك غودار عن "وداعا للغة" وكزافييه نولان عن "مامي"، وهما بدورهما فيلمان عُرضا في الأيام الأخيرة.