القاهرة ـ محمد الدوي
عادت المخرجة المصريّة إيناس الدغيدي، إلى جمهور معرض الكتاب، للمرة الأولى منذ خمس سنوات، في الندوة التي انعقدت تحت عنوان "بين الفن والسياسة"، الثلاثاء، وأدارتها الناقدة ماجدة موريس.
وأعربت الدغيدي، عن سعادتها بالعودة إلى لقاء جمهور المعرض، وقالت "إن عدم مشاركتها في المعرض خلال السنوات
الأخيرة، لأنها كانت تُقابل بعنف شديد من جانب بعض التيارات الدينيّة وغيرها التي كانت تُصرّ على إفساد ندوتها، وأنها تتبنّى أفكارًا وقناعات مُحدّدة، ولا تفرض على أحد أفكارها"، مشيرة إلى أن "الفكر الحرّ و إطلاق الحريّات لابد وأن يكون هو طريق التيارات كافة في المجتمع، وأن ما يحدث في مصر الآن يسير في هذا الاتجاه".
وأضافت المخرجة المصريّة، أن "مصر في الفترة الأخيرة كانت في كابوس، وعندما جاء (الإخوان) إلى الحكم لم أُصدم، ورأيتُ أن يأخذوا فرصتهم في الحكم، خصوصًا أن قطاعًا كبيرًا من الشعب المصريّ كان يؤيدهم، ولكن كانت النتائج سيئة، ورأينا مهزلة على المستويات كافة، مجلس الشعب ورئاسة الجمهورية، وكلنا قلنا ليست هذه هي مصر بثقافتها وفكرها وفنّها، وهو ما جعل الناس تفهم وترى الأمور على حقيقتها، وخرج الناس في 30 حزيران/يونيو للتعبير عن هذا الغضب من ممارسات (الإخوان) التي شوّهت وجه مصر، والمتعمق في طبيعة الشعب المصريّ سيُدرك بسهولة أننا نحب بلدنا ربما بعنصرية، وجميعنا مرتبطين بهذا الوطن بشكل لن تجده في أي مكان آخر في العالم، ولذلك عندما يأتي من يشوّه هذا الوطن أو يناله بسوء، ستكون عاقبته ما حدث، ولكن نحن أفضل الآن، صحيح أن هناك مُنغّصات وصعوبات قائمة، ولكن المستقبل سيكون أفضل في ظل عودة الوعي للمصريين، ,بعد عودة الوعي، لابد وأن يأتي دور العمل الجاد والتضامن بين فئات الشعب كافة والوحدة والعمل الجماعيّ، لكي ننهض من كبوتنا، ونخرج من حالة الركود التي سيطرت على مصر طوال السنوات الأخيرة، وأي رئيس جمهورية سيأتي لن يستطيع عمل أي شئ إلا بإيمان الشعب بالعمل، وبذل الجهد المطلوب ليتكاتف مع الرئيس، فكلمة السر في نهضة أي شعب هي النظام أو الإدارة، فعندما ينتظم دولاب العمل في نظام صحيح، ستقفز مصر إلى الأمام بسرعة رهيبة، خذ مثلاً بلد مثل فرنسا، أنا عشت كثيرًا في هذا البلد، ورأيت كم هو الشعب الفرنسيّ قليل العمل، ولا يعمل سوى 6 ساعات في اليوم، ويُطالب بوقت للغذاء، ومن أكثر الشعوب تمرّدًا وثورة، كل شهر تقريبًا لابد أن تجد إضرابًا في قطاع من قطاعات الدولة، ورغم ذلك فرنسا من الدول المُتقدّمة، وعندما سألت عن السر و تفسير هذا التناقض، جاءت الإجابة واضحة إنه النظام، فكل فرد من أفراد الشعب الفرنسيّ يعرف دوره و يسعى إلى تنفيذه حتى ربما من دون أن يدري، فليس عندهم وزير يأتي فيلغي قرارات سلفه، أو رئيس وزراء يُعطّل المشاريع التي بدأها سلفه ليبدأ هو غيرها، هناك خطة موضوعة يسير عليها الجميع، ولا يستطيع أحد مهما كان أن يُعدّل في الخطة، إلإ إذا كان هناك خلل حقيقيّ، فلابد أن نتعلم أن السر الحقيقي وراء تقدم الشعوب هو (السيستم)، أو الإدارة والتخطيط السليم للمستقبل، والحافز على تنفيذ هذه الخطة والتفاف الجميع لكي يعملوا معًا من أجل وطنهم".
وردًا على سؤالٍ بشأن الظلم الواقع على صعيد مصر في المجالات كافة، بما فيها الفن والإبداع، أفادت إيناس أن "الصعيد مظلوم بالفعل، والسبب يرجع إلى المركزيّة الشديدة وطغيان العاصمة وبعض المحافظات الأخرى مثل محافظة الإسكندرية التي تأتى بعد القاهرة في الرعاية، وأنه على غير المتوقع تأتي الآن المواهب الحقيقيّة من الأقاليم، ربما لأنها لم تتلوث بعشوائيّة القاهرة، حتى على مستوى البيئة الصحيّة".
وعن ترشّح وزير الدفاع المشير عبدالفتاح السيسي للرئاسة، قالت الدغيدي، "مصر تحتاج إلى زعيم قويّ يستطيع إدارة البلاد في هذه الفترة الصعبة والحرجة من تاريخها، وأنها لا ترى أية قيادة مناسبة لإدارة مصر خلال الفترة الحالية إلا المشير السيسي، مع كل احترامها للمرشحين السابقين الذين أدّوا دورهم، لكن عليهم أن يُفسحوا الساحة لمن هو قادر على العمل ويلتف حوله الشعب".
وبشأن سؤال عن دول "الربيع العربي" وكيفية تجسيد ثورتهم في عمل فنيّ، أوضحت المخرجة، أنها لا ترى ما شهده العالم العربي من ثورات في الربيع، إنما هو الشتاء الذي جاء بناء على تخطيط دوليّ، وهو ما سيظهر بكل وضوح خلال الفترة المقبلة، و لذلك لا يستطيع الفنان أن يبني وجهة نظر سليمة لما حدث في ثورات (الشتاء العربيّ)، إلا بعد تكشّف قدر كبير من حقائقها، وبعدها يستطيع أن يُجسّدها سينمائيًا وروائيًّا".
وتحدّثت إيناس عن أحوال السينما وسيطرة أفلام السبكي على الساحة، فقالت "يُحسب للسبكي أنه منتج يُضحي في ظل أوضاع سوق السينما السيئة، ويُصرّ على نجاحها، و النوعية التي يُقدمها موجودة في بلاد العالم كافة، ولكن غياب السينما الجادة هو ما يظهر الشكل العام للسينما بهذا السوء، ولابد أن نؤكد أن نهوض الفن وارتقاء الذوق العام يتطلب في المقام الأول نهضة البلاد وتقدّمها، ثم بعد ذلك سيرتقي الفن تلقائيًّا".