القاهرة - المغرب اليوم
كان المشوار الفني للمخرج الراحل سمير سيف غير مقصورًا على الأعمال السينمائية فقط، فقد كان من أهم وأشهر مخرجي الدراما المسيحية التي تتناول قصصًا وسيرًا وأحداثًا مسيحية تُقدم داخل أسوار الكنيسة وعلى شاشات الميديا المسيحية فقط، حيث كان من أوائل المخرجين الذين قدموا سير قديسين مسيحيين من خلال مجموعة من النجوم مثال لطفي لبيب، هاني رمزي، يوسف داود وغيرهم، ودفعته هذه الأعمال الدينية، حسبما سبق. وصرح، بأن تخرج هذه الأعمال من حيز الميديا المسيحية إلى حيز العرض العام وبالأخص العرض السينمائي لبعض الأعمال التي تتناول القيم الأخلاقية والإنسانية بشكل عام وسير بعض القديسين المصريين الذين يعتبرون إرثا تاريخيا لكل مصري وليس الأقباط فقط، وشاءت الأقدار أن ينجح الراحل سمير سيف في تحقيق حلمه قبل رحيله من خلال فيلم «أوغسطينوس..ابن دموعها» الذي أخرجه وكان آخر أعماله التي قدمها في مشواره الفني، وهو العمل الذى استطاع سيف أن يخرج به من أسوار الكنيسة إلى دور العرض والمشاركة في المهرجانات السينمائية العامة، خاصةً لما يتناوله الفيلم من سيرة القديس أوغسطينوس الذى يعتبر أحد أهم الفلاسفة الجزائريين قبل أن يُصبح أشهر القديسين بالنسبة للمسيحيين، حيث أخرج سمير سيف العمل الذي قام ببطولته الممثل التونسي أحمد أمين بن سعد والنجمة التونسية عائشة بن أحمد، وإنتاج تونسي جزائري فرنسي مشترك، وتم تصويره في العديد من البلدان العربية والمواقع الحقيقية التي عاش فيها الفيلسوف «أوغسطينوس» في منطقة الشمال الأفريقي، وهو ما فتح الباب أمام العمل للمشاركة في العديد من المهرجانات ومنها مهرجان صفاقس، مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي في دورته الثالثة والثلاثين، مهرجان قرطاج، إلى جانب عرضه بالمركز الثقافي الكاثوليكي وإقامة عرض خاص بمسرح الجمهورية وعرض خاص بالكاتدرائية المرقسية بحضور البابا تواضروس الثالث.
تدور أحداث الفيلم حول حياة الفيلسوف «أوغسطينوس» الذي ينحدر من أصول أمازيغية، وولد في القرن الرابع الميلادي عام «٣٥٤» في منطقة طاغست «سوق هوس» بالجزائر حاليا، التي كانت تقع تحت سيطرة الحكم الروماني حينئذ، ثم انتقل إلى قرطاج لإتمام دراسة الفلسفة وعلم البيان، وعلم الإقناع والخطابة، التى عمل بتدريسها فيما بعد بمدينتى طاغست وقرطاج، لينتقل بعدها للتدريس في جامعة ميلانو، بعد أن اختاره الوالي الروماني لهذه المهمة عام ٣٨٤، ليتحول أثناء فترة تدريسه بها من الإيمان بالديانة المانوية «الزنادقة»، نسبة إلى «ماني» الذي حاول الجمع بين الديانات المسيحية والبوذية والزرادشتية، إلى محارب لها مؤمن بمذهب الأفلاطونية المحدثة، ومنه للمسيحية بعد الإبحار في العديد من المذاهب الدينية والفلسفية، التى حاول من خلالها البحث عن معنى للحياة، ولُقب هذا الفيلسوف بـ«ابن الدموع أو ابن دموعها» نسبة إلى أمه التى ظلت تبكى عليه لسنوات طويلة نظرا لاعتناقه الديانة المانوية الوثنية. يذكر أن المخرج والسيناريست سامح سامى استغرق ستة أشهر في كتابة العمل، كما استغرق تصويره نحو عاما ونصف لما تطلبه السيناريو والتصوير من معاينات للمواقع الحقيقية وجمع المعلومات من معظم البلدان التي ذهب إليها الفيلسوف القديس أوغسطينوس.
قد يهمك ايضا :