الجزائر ـ سميرة عوام
تمكّنت الفنانة ليديا لعريني من التميّز على مسرح "عزالدين مجوبي" في مدينة عنابة الجزائرية، في عرضها الشرفي لمونودراما "واش نسميه"، نص زهير حجيري وإخراج ليديا لعريني، وإنتاج تعاونية لعريني للفنون الدرامية.وقدّم العرض محطات مهمة في قالب هزلي، للشخصية التي تقمصتها الممثلة ليديا، والتي تمكنت من خلال محطات كثيرة أن تنقل معاناة المرأة الجزائرية، والتي يفوتها قطار الزواج، حيث تتعثر حياتها لمرات عديدة، نظرًا لتقاليد المجتمع البالية، ونظرة الرجل لها، والذي يحاول دائما استغلالها من الجانب الجنسي.وتعيش بطلة "واش نسميه" (رحمة) حياة مختلفة، بعد أن تتزوج في سن الأربعين، حيث تنجب طفلاً ميتًا، ويتحول كسراب يطارد البطلة، فتبقى في انتظار عودته، ليملأ عليها فراغها، ويضمد جروحها، لدرجة أنها تفكر في إعطائه اسمًا يميزه على بقية أقرانه، فتقف عند أسماء خالد، ويوسف، وفكاك روحو.تتجرع الأم ذكريات الماضي، حيث تعبث بأشياء ابنها، وترتبها بين الفينة والأخرى، وتصنع من مهد الطفل فضاء للحوار، لتروي قصتها كاملة، منذ طفولتها، التي تعتبر بالنسبة لها الفترة الذهبية، لأنها عاشت فيها مدلّلة، باعتبارها الوحيدة لدى أمها، والتي تحلم أن تكبر الطفلة، وتصبح طبيبة، لكن الأحلام أحيانًا لا تتحقق، والدليل على ذلك أنَّ الحياة لم تقدّم لها إلا الآلام والدموع.
وتقمصت ليديا لعريني شخصيات عدة في قالب هزلي، حيث أخذت الجمهور العنابي في محطات متنوعة، بداية من شخصية الخضار، والذي يأتي للحارة بغية مغازلة رحمة، والتودّد لها، لكن البطلة ترفضه، لأنه في درجة بياع البطاطا، ثم تتنقل الفنانة إلى شخصية مدير العيادة، وهو مسؤول دولة، يستغل الموظفات في أغراضه الشهوانية، حيث يهدّدهنَّ بتوقيفهنَّ عن العمل، لكن رحمة تلقنه درسًا لن ينساه.وتعود رحمة بالجمهور إلى مرحلة أخرى من حياة أيّة فتاة تأخر زواجها، حيث تتردّد على الشوافة، والتي تستغل ضعفها، لتسلبها المال، وتعِدها بتزويجها، وهي في الأربعين تتزوج من ملاكم، أحلامه تراوده في خياله، لكن لا يتحقق منها شيء، ثم تعود لمهد ابنها، وتحاوره، وتهمس له، لتخبره أنَّ العجوز أم الخير، وهي طبيبة أعشاب، كانت وراء إنجابه، وبين الحسرة والآلام وذكريات الماضي يبقى الطفل سرابًا يلاحق رحمة، إلى آخر مشهد من المونودرام، حيث تحلم بتزويج ابنها، وعلى أنغام "البندير" و"الرحابة"، وأغاني "الشاوية"، تصنع رحمة عرسًا في خيالها، حيث يتفاعل الجمهور معها، وتتعالى التصفيقات في القاعة.
وأعطت السينوغرافيا لهذا المونودرام لمسة خاصة، تزاوجت مع قوة شخصية الممثلة ليديا، والتي كرمت بالمناسبة الفنان الراحل أحمد وهبي، حيث يبدأ العرض وينتهي على وقع أغنيته الشهيرة "عشق الزين"، كما أضافت قطع الأثاث والمهد وبعض الألبسة الأخرى لمسة فعلية لهذا المونودرام، والذي سيكون في جولة فنية خلال الأيام المقبلة، في مختلف المحافظات الجزائرية.