القاهرة - شيماء مكاوي
كشف الفنان القدير أحمد فرحات الشهير بـ"الطفل المعجزة"، عن ذكرياته مع فناني الزمن الجميل أمثال عبد الحليم حافظ وإسماعيل يس وعبد المنعم إبراهيم وهند رستم وبرلنتي عبد الحميد.
وأفصح فرحات في حوار مع "المغرب اليوم"، عن بدياته مع الفن، مؤكدا أنها كانت بعيدة عن الكوميديا، قائلًا: "أنا كنت طفلًا لم أحلم يوما بأن أدخل الفن، فأنا عائلتي كانت بسيطة للغاية تتكون من ثلاثة أولاد وثلاث فتيات وأنا كنت أصغرهم، آخر العنقود".
وأضاف: "كنت أشترك ضمن نشاطات المدرسة في المسرح وفي إحدى العروض المسرحية أحد أولياء الأمور قال لوالدي إن المخرج صلاح أبو سيف يبحث عن طفل بمواصفات ابنك بالضبط، وبالفعل ذهبنا إليه وكان يحضر لفيلم "مجرم في إجازة" بمشاركة العديد من الفنانين العظماء أمثال عماد حمدي وصباح وفريد شوقي وسميحة أيوب وعلى الرغم من أن الدور كان صغيرا إلا أنه كان هاما ضمن أحداث العمل فقد كنت طفلا يتيما وفي النهاية أموت ضمن الأحداث".
وتابع: "شاركت بعده في فيلم "شمس لا تغيب" بطولة الفنانة زبيدة ثروت والتي تعلقت بي كطفل بالعمل وكنت أحتضر ولهذا شعرت بالحزن الشديد مما جعلها تصدم بصخرة وتصاب بالعمى"، أما عن كيفية انتقاله إلى الكوميديا فيقول: "المخرج عز الدين ذو الفقار هو الذي اكتشف هذا بي وقال لي: أنا عندما أشاهدك في الأدوار التراجيدية أنا بضحك فلابد أن تدخل عالم الكوميديا".
وزاد: "رشحني ذو الفقار للاشتراك في فيلم "شارع الحب" بطولة العندليب عبد الحليم حافظ وقال لي ستظهر في مشهد واحد وهو رقصة على أغنية "قولولو" وهو ما أزعجني في البداية وقال لي: أحمد يا حبيبي هذه الرقصة ستظل عالقة في ذهن المشاهدين مدى الحياة، وبالفعل مرت 55 عاما على هذه الرقصة ولا تزال عالقة في أذهان الناس"، وعن أول أجر حصل عليه، قال: "أول أجر كان 10 جنيهات، وكان هذا هو نفس مرتب والدي في الشهر".
وعن ذكرياته مع الفنان الراحل إسماعيل يس يقول: "إسماعيل يس تنطبق عليه عبارة "السهل الممتنع" مثلت معه ثلاثة أفلام وهي إسماعيل يس في السجن، وشهر عسل لا بصل، وفيلم غرام في السيرك؛ كان إنسانا بسيطا للغاية وكان يطيع المخرج الذي يعمل معه ويعامل جميع المحيطين به بكل احترام وود وعلى الرغم من أنه كان فنانا كبيرا ومشهورا إلا أنه لم يشترط وجود حجرة يجهز بها تكون متكاملة، فلم أشاهد قط أحدا في أخلاق وسماحة إسماعيل يس".
واستدرك: "كان له فضل كبير عليّ، فقد كنت أمثل معه أول فيلم وهو "إسماعيل يس في السجن" وكنت أقول المشهد بشكل لا يعجبه فيقوم هو بعمل المشهد بطريقة خاطئة حتى يدفع المخرج للتوقف عن التصوير ليعيد المشهد مرة أخرى ويجلس معي في حجرته ويقول لي ما هو رأيك لو نقول العبارة الخاصة بك بهذه الطريقة ولكن لم يقل لي يوما بطريقة الأمر وكأنه يأخذ رأيي في تغيير المشهد، لذا شعرت أنه علمني كثيرا واستفدت منه كثيرا".
وأضاف عن أول لقاء جمعه مع العندليب الراحل عبد الحليم حافظ: "في حجرة الماكيير كان يجلس هو ليعمل الماكياج الخاص به وكان يجلس معي وقتها في نفس الحجرة مساعد المخرج الذي سألني: من تحب أكثر عبد الحليم حافظ أم فريد الأطرش؟، فأجبته: بحب فريد الأطرش وكنت وقتها لم أشاهد من يجلس في نفس الحجرة معي ولم أخذ في اعتباري أن من يجلس هو عبد الحليم حافظ، لكنني رأيت شابا بجواري ينظر لي وفوجئت بأنه عبد الحليم حافظ ونظر إلي بابتسامة وسألني: أحمد لماذا تحب الأستاذ فريد الأطرش أكثر مني؟، فقلت له وأنا خائف: أصل أستاذ فريد الأطرش يغني ويلحن لنفسه وأنت تغني فقط، فضحك وتقبل الأمر بصدر رحب وتعامل معي أثناء التصوير بحب شديد".
وأردف: "كنت دائما آخذ رأيه في أعمالي فأخذت رأيه في تجسيد شخصية "ليشع" اليهدوي في فيلم "آخر شقاوة" وقال لي: أنا عاوز الناس تكرهك وتحس أن أنت جشع وطماع، فأخذت رأيه أيضا في اشتراكي في فيلم "ابن كيلوباترا" وشجعني كثيرا".
وأشار إلى أن "هناك موقف آخر أتذكره معه وهو أثناء اشتراكي في فيلم "معبودة الجماهير" فقد كان يجلس مع المخرج الكبير حلمي رفلة ومنتج العمل وكانا يتناقشان معه ويقنعانه بأنه لابد أن يغني كثيرا في العمل وهو رافض تماما كثرة الأغاني، وكنت أنا أجلس بمفردي وقلت له ممكن أقول شيئا فقال لي طبعا يا أحمد، فقلت له: حضرتك ممثل رائع الناس تذهب إلى أفلامك لكي يستمعون إليك ولأغانيك أكثر من التمثيل، واقتنع بفكرتي وقال لهم: أحمد فرحات هو الذي أقنعني أكثر منكم".
وعما إذا كان عبد الحليم حافظ مغرورا كما يتردد فيقول: "لا نهائيا فقد كان متواضعا كثيرا ولكن عصبيته أحيانا كانت نتيجة مرضه الشديد، متطرقًا إلى أن فيلم "سر طاقية الإخفاء كان للمنتج رمسيس نجيب والمخرج العبقري نيازي مصطفى، وعلى الرغم من أنه كانت به الكثير من الخدع البصرية إلا أنه لم يكلف إنتاجه أموالا طائلة لأنه اعتمد على فنانين صف ثان، فالفيلم كان بطولة عبد المنعم إبراهيم والفنانة زهرة العلا وبرلنتي عبد الحميد وتوفيق الدقن وإحسان عبد القدوس الذي قام بدور والدي أنا وعبد المنعم إبراهيم والفيلم نجح بالإخراج المميز والخدع البصرية بالإضافة للقصة المميزة والأدوار التي قدمناها".
وعن كواليس العمل، تابع: "كنا نتأخر كثيرا حتى نصور مشهد حتى أننا كنا نشعر بالضيق وقتها ولكن الذي كان يخرجنا من هذه الحالة هو الفنان الكوميديان عبد المنعم إبراهيم فبمجرد وصوله تسود حالة من الضحك والمرح، حيث أن له مدرسة كوميدية خاصة ومن الأسرار التي لا يعرفها أحد عنه أنه الفنان الكوميديان الوحيد الذي كان يبتسم ويضحك في الأعمال وفي حياته هو نفس شخصيته".
وأبرز فرحات أن "الفنان الكوميدي عموما يخرج كامل طاقته خلال التمثيل وفي حياته تجديه جاد للغاية قليل الابتسام والضحك إلا أنه وبشهادة أبنته سميه أنه كان يتمتع بنفس شخصيته في منزله ومع أولاده أيضا"، أما عن فيلم " إشاعة حب" فيقول: "كان المخرج فطين عبد الوهاب يريد أن يكون المشهد الخاص بي عبارة عن تقديم للفنانة هند رستم فأخرج من الستارة لأقول: سيداتي سادتي الآن مع هند رستم، فقلت له: أليس المفروض أن الفنانة هند رستم تقدم حفل أضواء المدينة ضمن أحداث العمل، فقال لي: نعم، فقلت له: ما رأيك أن أقول نكته خفيفة، وقمت بتأليف هذه النكتة وهي: ما الفرق بين القضاء والقدر والمصيبة، فالقضاء والقدر أن حماتي تقع في البحر وتموت والمصيبة أنها تطلع ثاني، ووقتها لم أكن مستعدًا تماما لتأليف تلك النكتة، ولكن الفنانة الكبيرة هند رستم قالت له إنني سأقدم أحمد فرحات بطريقة مختلفة فسأقدمه على أنه شخص كبير وفنان قدير ثم يظهر أحمد فرحات بحجمه الصغير وبالفعل هذا المشهد نجح كثيرا".
ولفت إلى أن "المشهد الثاني مع عمر الشريف عندما أجري عليه وأقول له " بابا .. بابا" ويقولي لي " بابا مين ياواد " وأقول له بطريقة مضحكة " بابا أنت يا حبيبي"، وهذا المشهد بعد الانتهاء منه صفق لي الفنان الكبير " يوسف وهبة " وقال لي " أنت فنان عظيم".
ويتحدث فرحات عن ذكرياته مع الفنانة برلنتي عبد الحميد، قائلا: "كانت في كواليس العمل الخاص بفيلم سر طاقية الإخفاء وتجلسني على قدميها وتأكلني الشيكولاته والبندق بيديها وكانت تحبني كثيرا".
وعن أسباب توقفه لفترة طويلة، أضاف: "توقفت بعد النكسة حيث لم يعد هناك فن في مصر فقررت أن أكمل دراستي حتى التحقت بهندسة التقنيات، وبعدها رشحت للعمل في الرئاسة كنت رئيس الاتصالات في قصر القبة، وبعدها عرضت علي أدوار لم تتناسب معي تماما ومع تاريخي وأنا بي صفة أنني لا يمكن أن أجري على منتج وأقول له أنا عاوز أمثل فأنا أنتظر من يرشحني والآن أنا أشترك في أكثر من عمل سيكون مفاجأة لجمهوري وعودة فنية قوية".