الرئيسية » عالم الاقتصاد والمال
أدوية مزورة ومهربة بسوق الفلاح في وجدة

وجدة- كمال لمريني

اتّخذت مجموعة من الشباب مدخل "سوق الفلاح" في وجدة مكانا للتربص بالمرضى والمواطنين الراغبين في اقتناء الأدوية المهربة عن طريق الحدود المغربية الجزائرية المغلقة منذ صيف عام1994، حيث برر المواطنين سبب إقبالهم على الأدوية المهربة  بانخفاض ثمنها، أو جودتها العالية حيث أن الجزائر تستورد حاجياتها من الأدوية من فرنسا.

وتحولت مسألة بيع الأدوية على الرصيف إلى ظاهرة خطيرة تهدد صحة وسلامة المواطن، سيما وأن هذا الأخير يستبعد أن تكون الأدوية مزورة أو منتهية الصلاحية كما لا يعير أدنى اهتمام لظروف النقل والتخزين والعرض ويجعل مسألة الثمن فوق كل اعتبار، ويلاحظ أن مروجو الأدوية الجزائرية، حفظوا أسماءها عن ظهر قلب، حيث انه بمجرد أن ينطق الزبون بطلبه، حتى وإن لم يتذكر اسم الدواء فيكفي أن يخبر البائع بنوع المرض وهو يقوم باللازم، يركض إلى حيث يخبأ "السلعة"، و يختفي لبضع دقائق ثم يعود حاملا طلب الزبون يستلم المقابل ويقصد وافدا جديدًا وهكذا طوال اليوم.
 
قبل بضع اعوام،  كانت الأدوية المهربة، والتي تشحن مع العديد من السلع والمواد الخطيرة وتنقل بواسطة الحمير والبغال، في ظروف لا تحترم أدنى الشروط الصحية المعمول بها من حيث التخزين والتبريد، تعرض في الهواء الطلق عل الأرصفة أمام مرأى الجميع، مثلها مثل أي بضاعة رخيصة، معرّضة لارتفاع وانخفاض الحرارة وتناثر الغبار... أدوية خاصة بمرضى السكري وأخرى بمرضى القلب والقصور الكلوي والربو وقرحة المعدة بالإضافة إلى أنواع من الشراب الخاص بالأطفال(Sirops) واللبوسات (Suppositoires) وهرمونات CH وFSH... وخيوط الاستعمالات الطبية وغيرها.
 
وحسب دراسة لغرفة التجارة والصناعة والخدمات في وجدة، كان السوق يزخر بلائحة غنية من 79 مرجعًا لمختلف الأدوية المهربة، 58 منها من الجزائر بنسبة 73.4% و14 من فرنسا بنسبة 17.7% و7 من مليلية المحتلة بنسبة 8.9%، حيث أن 85.7% من مواد هذا القطاع من أصل فرنسي تليها مواد اسبانية بنسبة 7.8% وأخرى من أصول مختلفة كنيجيريا وألمانيا والجزائر.
 
وتتراوح نسب هامش الربح بالنسبة للمواطن عند اقتنائه للأدوية المهربة ما بين 20% و80%، فبالنسبة لدواء "بلافيكس" مثلا يباع في الصيدلية بـ834 درهمًا بينما يباع المهرب بأقل من 300 درهمًا، أما دواء "بروزاك" الجزائري فيباع بـ100 درهم مقابل 213 درهم الثمن الرسمي المغربي، أما أدوية مرضى الربو "فانطولين" و"سيريتيد" الجزائريين فيباعان على التوالي بـ20 درهما و200 درهم مقابل 56-30 درهما و490 درهما بالصيدليات المغربية.
 
ووجد المواطن الوجدي ضالته في هذه الأدوية لأنها أرخص بكثير من الأدوية المغربية، دون مبالاة إن كانت خاضعة للمقاييس الصحية من حيث طريقة التركيب والمواد المستعملة وتاريخ إنتاجها وتاريخ انتهاء الصلاحية، والذي غالبا ما يكون مزورا، والخطير في الأمر أن التزوير يشمل أيضا المحتوى، وهذا ما تم اكتشافه في العديد من الحالات بعد وقوع مشاكل صحية لمواطنين بفعل استعمالهم لأدوية ومواد تجميل مهربة، كما هو الحال بالنسبة لبعض النساء اللواتي استعملن مرهما مقاوما لأشعة الشمس Ecran Total من ماركة مشهورة يباع في الصيدليات بـ190 درهما بينما لا يتعدى ثمنه بسوق الفلاح 60 درهما، وكانت نتيجة استعماله الإصابة بحروق على مستوى الوجه، وبعد إجراء البحث تم الكشف بأن العلبة هي نفسها أما المحتوى فلم يكن سوى خليط من مادة "الديليون" ونيفيا.
 
وسبق لللنقابة الجهوية لصيادلة المغرب في وجدة، ان حذرت  في أكثر من مرة من خطر بيع واستهلاك الأدوية المهربة وخصوصا تلك الموجهة لمرضى القلب والشرايين والقصور الكلوي، كما قامت بحملات تحسيسية ولقاءات تواصلية من أجل الكشف عن المخاطر التي تهدد صحة المواطن نتيجة تناوله لبعض الأدوية المهربة، وتم التأكيد خلال هذه الحملات على كون جل الأدوية المهربة مزورة، بدليل أن ما بين 7 و12% من الأدوية في العالم هي أدوية مزورة.
 
واصبحت مدينة وجدة تشكل بوابة لتسريب الأدوية المهربة نحو المدن الأخرى، ومازالت الجزائر إلى اليوم تمثل المصدر الأول لتهريبها نحو الأسواق المغربية بنسبة تراوح 60%، بالإضافة إلى مليليلة المحتلة والتي تعتبر نقطة مهمة في خريطة التزوير، هذا زيادة على بعض الأدوية المغيرة التي يتم جلبها من قبل بعض المغاربة المقيمين بالخارج.
 
واكد رئيس النقابة الجهوية لصيادلة المغرب في وجدة،  الدكتور ادريس بوشنتوف، على أن المشكل المادي الذي كان يدفع المواطن إلى اقتناء الأدوية المهربة أصبح متجاوزا بفعل انخراط المغرب في ديناميكية جديدة والمتمثلة في التغطية الصحية، حتى وإن لم تشمل جميع المواطنين، فقد أصبحت ملموسة وليست نظرية، بالإضافة إلى أن الأدوية أصبحت متوفرة بجودة وأثمنة في متناول الجميع بفضل الأدوية المستنسخة المنتجة محليا، وإذا ما استمر المغرب في هذه السياسة فسيتم القضاء نهائيا على الأدوية المهربة. هذا دون إغفال الحملات التحسيسية وتدخل السلطات الأمنية لزجر المهربين والبائعين والتعامل مع هذه الظاهرة بحزم وجدية لأنها ليست تهريبا عاديا بل تهريب يمس صحة المواطنين –يقول الدكتور بوشنتوف.
 
وبشان انعكاس هذه الظاهرة على صيدليات المدينة، أفاد الدكتور بوشنتوف بأن قطاع الصيدلة يعرف الكثير من المشاكل بغض النظر عن اكتساح الأدوية المهربة لمدينة وجدة "فالصيدلي لديه 6500 مرجع بينما ما يباع بسوق الفلاح لا يتعدى 10 مراجع، وبالتالي فإن الحديث الصيدلي عن ظاهرة الأدوية المهربة يبقى حديثا إنسانيا يتعلق بصحة المواطن أكثر مما هو حديث اقتصادي"، وفيما يتعلق بتدفق الأقراص المهلوسة "القرقوبي" من البلد الجار إلى مدينة وجدة  أكد الدكتور ادريس بوشنتوف بأن مصدرها لا يمكن أن يكون صيدليات الجزائر، لأن هذه الأخيرة تخضع لنفس الإلزامات ونفس المنظومة فيما يتعلق بهذا الدواء والذي لا يباع إلا بوصفة خاصة من الطبيب، وأضاف رئيس النقابة الجهوية بأن هناك "إرادة سياسية من أجل تخريب النسيج الاجتماعي المغربي خاصة وأن ظاهرة القرقوبي غير شائعة في الوسط الاجتماعي الجزائري".
 
ويرى الدكتور ادريس بوشنتوف ضرورة إعطاء أهمية كبرى لموضوع انتشار "القرقوبي" سيما وأن 35% من السجناء بالسجن المحلي في وجدة لا تخلو محاضرهم من وجود هذه المادة، و"ضرورة سن قانون، لم لا، على غرار قانون الإرهاب وإنزال أقصى العقوبات على مهربي هذه السموم، لأنهم ليسوا مهربين عاديين للبنزين أو المواد الغذائية بل مجرمين يساهمون في تخريب النسيج الاجتماعي لبلدنا".

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

رئيس الحكومة المغربية يتسلم التقرير السنوي لهيئة مراقبة التأمينات…
اللجنة الوطنية للاستثمارات برئاسة أخنوش تُصادق على 56 مشروعاً…
مجلس النواب المغربي يُصادق على مشروع قانون يتعلق بإصلاح…
أبرز 7 دول عربية إنفاقاً على مشروعات البنية التحتية…
وزير الصناعة المغربي يكشف عن قيام وزارته بمراقبة الصفقات…

اخر الاخبار

حزب التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة المغربية بالكشف عن مَبالغُ…
إشادة فلسطينية بالدعم المغربي المستمر لصمود الشعب الفلسطيني وثباته
الملك محمد السادس يُؤكد على عمق العلاقات الأخوية بين…
وزير الداخلية المغربي يؤكد الاهتمام الذي يوليه الملك محمد…

فن وموسيقى

سلاف فواخرجي تفوز بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان أيام قرطاج…
كاظم الساهر يسّتعد للعودة للغناء في المغرب بعد غيابه…
المغربي حاتم عمور يستنكر عدم حصوله عن أي جائزة…
منى زكي تؤكد أنها تتأنى دائما في اختياراتها لأعمالها…

أخبار النجوم

الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني
تامر حسني يشوق جمهوره لدويتو مع رامي صبري
أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
أحمد السقا يكشف عن مفاجأة حول ترشحه لبطولة فيلم…

رياضة

المغربي أشرف حكيمي ضمن أفضل 100 لاعب لسنة 2024
نجم منتخب البرازيل وريال مدريد فينيسيوس جونيور يفوز بجائزة…
ليفربول يتواصل مع نجم برشلونة رافينيا لاستبداله بصلاح
يوسف النصيري يواصل تألقه رفقة فريقه فنربخشة في الدوري…

صحة وتغذية

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
وزارة الصحة المغربية تكشف نتائج التحقيق في وفيات بالمركز…
اختبار عقاراً جديداً يُعيد نمو الأسنان المفقودة

الأخبار الأكثر قراءة

لقجع يُؤكد أن أسعار أدوية في المغرب تضاعف نظيرتها…
عملة البتكوين تتخطى 80 ألف دولار للمرة الأولى في…
بنك المغرب يُفيد بأن احتياجات السيولة لدى البنوك بلغت…
البنوك المغربية تُواجه تحديات متزايدة مع الاتحاد الأوروبي لتشديد…
نشوة الانتخابات تضع إنفيديا على رأس الشركات الأكثر قيمة…