الرباط ـ المغرب اليوم
حذّر عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، من مخاطر استغلال التكنولوجيا الحديثة في جرائم غسل الأموال، منبها إلى أن الاندماج المالي الذي يتم عن طريق التطور التكنولوجي تترتب عنه آثار عكسية نتيجة استغلال المنظمات الإجرامية للقنوات الرقمية.
الجواهري قال في الجلسة الافتتاحية لدورة تكوينية لفائدة القضاة، حول مكافحة جريمة غسل الأموال، تنظمها رئاسة النيابة العامة بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية، صباح الإثنين بالرباط، إن التطور التكنولوجي يتيح سرعة في حركية الأموال، ويوفر تحفيزات للاستثمار، غير أنه حذّر من استغلال هذه التقنيات “لأغراض إجرامية”.
وأوضح والي بنك المغرب أن “الأنظمة المالية والاقتصادية العالمية أصبحت تتقاطع بفضل التطور التكنولوجي، وما يتيحه من سرعة في حركية رؤوس الأموال”، وأن “التكنولوجيا والرقمنة صارتا تفرضان ذاتيهما بما توفرانه من محفزات الاستثمار، والرفع من المبادلات المالية والتجارية؛ إلا أنه ينبغي توخي الحيطة والحذر من استغلالهما لأغراض إجرامية، من قبل الشبكات المنظمة التي تحتكم باستمرار إلى أنماط وأساليب احتيالية جديدة”، وأضاف أن “الأساليب الاحتيالية التي تستغلها المنظمات الإجرامية النشيطة في مجال الجرائم المالية تقوم على استغلال التطور التكنولوجي لتهريب الأموال، لاجئة في ذلك إلى استغلال المنصات الرقمية المحاطة بالسرية لخلق نظام مالي افتراضي مواز، قائم بالأساس على العملات المشفّرة، تراد به محاكاة النظام المالي الرسمي”.ولتجاوز التحديات التي يطرحها استغلال الشبكات الإجرامية للتكنولوجيا الحديثة والرقمنة في جرائم غسل الأموال والجرائم المالية، قال الجواهري إن هذا “يقتضي التأطير القانوني الموحد للنظام المالي الافتراضي، وتحفيز استعمال التقنيات الحديثة في التحقيقات، لما توفره من أدلّة مادية، لاسيَما البصمة الرقمية الدائمة التي يصعبُ مسحها، وكذا تأهيل القدرات الفنية للموارد البشرية المكلفة بالتحقيق في هذه الجرائم”.
وقال المسؤول ذاته إن “المناخ الدولي مطبوع باستفحال الجريمة المنظمة العابرة للحدود التي يصب معظمها، بشكل مباشر أو غير مباشر، في خانة الجرائم المالية، التي تدر عائدات ذات قيمة مهمة”، مبرزا أن “هذه الجرائم أظهرت بشكل جلي محدودية وجدوى الآليات التقليدية المرصودة للتصدي لها”.ورغم التصديق على معاهدات دولية متعددة الأطراف، تتعلق بتبادل المعلومات لأهداف ضريبة، ومكافحة الفساد والجريمة المنظمة، ووجود اتفاقيات قضائية ثنائية حول المساعدة القضائية وتبادل المجرمين، فإن والي بنك المغرب يرى أن “الذكاء الإجرامي يبقى في تطور مستمر وسريع، محاولا تجاوز كل الجهود المبذولة”.
وأكد الجواهري أن الدورة التكوينية التي نظمتها رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، قصد تعزيز قدرات القضاة في مجال مكافحة جرائم غسل الأموال والجرائم المالية، “تكتسي أهمية بالغة، كونها تندرج في سياق وطني تطبعه تحديات تتعلق بمسار الإصلاح التشريعي والمؤسساتي الذي انخرط فيه المغرب في مكافحة الفساد والجرائم المالية بمختلف تجلياتها، وتحقيق أهداف الحكامة التي كرّسها الدستور”، وأضاف أن مثل هذه الدورات “من شأنها إعطاء مؤشرات جادة على تفعيل التنسيق الوطني بين مختلف الفاعلين المعنيين، وفق المعايير الدولية في هذا المجال، ما سيُسهم في التوقف عن إدراج المغرب في القوائم السلبية لمجموعة العمل المالي”.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
الاقتصاد المغربي يصارع المؤشرات الوبائية ويبصم على دينامية إيجابية واعدة