الرباط - المغرب اليوم
وجه شلاط بوعبيد، أستاذ مادة قانون الشغل بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط، انتقادات لاذعة إلى النقابات العمالية المغربية، مشيرا إلى أنّ تسييرها من قبل قياداتها "يتمّ بمزاجية وليس وفق القانون". كما أكد أنّ النقابات لا تقوم بعملها على النحو المطلوب من أجل انتزاع مكاسب قوية لفائدة العمّال.
وأوضح بوعبيد، في كلمة ضمن ورشة تشاورية نظمها مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية بكلية الحقوق بالرباط، أنّ تحديث العمل النقابي يقتضي أن تكون النقابة محترفة ومهيْكلة قانونيا، وأن تعمل وفق ضوابط تحددها مؤتمراتها، في إطار ديمقراطية داخلية، وشفافية مالية.
هذه الشروط، كما يرى أستاذ قانون الشغل، لا تتوفر في الكثير من النقابات العمالية المغربية، وهو ما يجعلها في وضعية هشّة، وغير قادرة على مواجهة الحكومة أو المشغّلين، مُعيبا على النقابات عدم قدرتها على الضغط على الحكومة لتطبيق مدونة الشغل، التي بدأ العمل بها منذ سنة 2003.
وتوجد في المغرب 34 نقابة عمالية، لكنّ هذا التعدد، كما يرى بوعبيد، ليس ذا جدوى كبيرة، في ظل ضعف الانخراط في العمل النقابي، الذي لا تتعدى نسبته 5 في المائة فقط، واصفا التعدد النقابي الموجود في الساحة بـأنه "تعدد مجاني ومُضحك في الوقت نفسه، وليس تعددا حقيقيا مبنيا على تصورات ومشاريع حقيقية".
وفسّر المتحدث ذاته بروز تنسيقيات ممثلة للموظفين والأجراء وغيرهم من الفئات الاجتماعية، بشكل مكثف خلال الآونة الأخيرة، بالأزمة التي يعاني منها العمل النقابي اليوم، مضيفا "اليوم هناك فرار من العمل النقابي، وينبغي على القادة النقابيين أن يمدّوا اليد لإخراج قانون النقابات من أجل تصحيح صورة العمل النقابي، ووضع حد للبلقنة التي يشهدها".
وأضاف "لا مَعنى لأنْ يغادر نقابي النقابة التي ينتمي إليها من أجل تأسيس نقابة أخرى"، مرجعا سبب الانشقاقات التي تعرفها النقابات إلى غياب الديمقراطية داخلها، وعدم استيعابها كل الآراء والأفكار والاقتراحات.
الاتهامات التي وجهها بوعبيد إلى النقابات العمالية لم ترُق للفاعلين النقابيين، الذين حضروا ورشة مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية، حيث نأى يوسف مكوري، الكاتب الجهوي للاتحاد المغربي للشغل، بجهة الرباط- سلا بالنقابات عن مسؤولية وضعها الحالي، محملا ذلك للدولة.
وقال الفاعل النقابي إن "الدولة مصرة على تفتيت الحركة النقابية بشكل لا يُتصور، ودفاعها، في المقابل، عن مصالح الباطرونا"، مشيرا إلى أنه "من المفروض أن تتمتع النقابات بالديمقراطية الداخلية وبالشفافية في تدبير أمورها المالية، وأن تتمتع بالاستقلالية، لكن القانون الذي تم وضعه لن يحقق هذه الأشياء".
وربط مكوري ازدهار الحرية النقابية بازدهار الحريات العامة ككل، متهما الحكومة والمؤسسة التشريعية بكونهما تميلان إلى الدفاع عن مصالح المشغّلين على حساب العمال، "لأنّ مصالح الفئات النافذة في الحكومة والبرلمان تتماهى مع مصالح الباطرونا، وهناك تحالُف موضوعي بين هذا الأطراف"، يضيف مكوري.
قد يهمك ايضا
اللائحة المشتركة تحسم فوز شكيب لعلج برئاسيات الباطرونا في المغرب
"الباطرونا" تطالب الحكومة المغربية بتسريع تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الدولة