الرئيسية » عالم الاقتصاد والمال
البنك المركزي الأوروبي يخفض معدلات الفائدة

برلين ـ جورج كرم

تعاني دول منطقة اليورو كافة باستثناء ألمانيا من قسوة إجراءات التقشف، ولا عجب في ذلك إذا ما علمنا أن معدلات البطالة فيها قد وصلت إلى مستويات تنذر بكوارث، الأمر الذي يدفع بالخبراء إلى التساؤل عما إذا كانت هناك فرصة للقيام بإجراء يدعم الاقتصاد الأوروبي. ويشير خبراء الاقتصاد في هذا السياق إلى وجهة النظر التي ترى أن سياسة التقشف في القطاع العام من شأنها أن تزيد من نفقات القطاع الخاص على نحو يفوق معدلات الخفض التي يقوم بها القطاع العام، وهذا في حد ذاته سيعمل على دعم وتحسين الاقتصاد.
ويرى أنصار وجهة النظر هذه أن هذا يحدث تلقائيًا لأن انخفاض معدلات الاقتراض العام يؤدي إلى خفض معدلات الفائدة. إلا أن بعض خبراء الاقتصاد يعتبرون ذلك كلامًا فارغًا ولا قيمة له ، لا سيما وأن معدلات الفائدة على المدى القصير تتحدد على يد السلطات عند المستوى والمعدل الذي تراه مناسبًا، أما معدلات الفائدة على المدى البعيد فهي تتحدد من خلال رغبة السوق في السيطرة على معدلات الدين. إلا أن ذلك أبعد ما يكون من آلية قاسة أو صارمة فعلى مدار السنوات الأخيرة ارتبط أقل عائد للسندات في العالم بأعلى معدل للديون، كما تبين في قمة الـ جي 7 الاقتصادية التي عقدت في اليابان.
ومع ذلك فهناك ثلاث قنوات غير آلية يمكن لسياسة التقشف من خلالها أن تدعم الطلب، وتتمثل الأولى في السماح للسياسة النقدية من خلال سياسية مالية أكثر تشددًا بتوسيع مجال النشاط الاقتصادي عن طريق معدلات فائدة أقل أو عن طريق قيام البنوك المركزية بتقديم تسهيلات نقدية نوعية.
أما الثانية فتتمثل في ان خفض معدلات الفائدة وعائدات السندات يمكن أن يضعف من سعر الصرف.
أما الثالثة فتتمثل في أنه حالة تخوف التاجر والمستهلك من ضرائب مستقبلية أو مخاطر التضخم أو الانهيار المالي كرد فعل للتخفيضات المالية ، فإن ذلك سوف ينعكس في صورة مزيد من التفاؤل وزيادة النفقات.
وفي منطقة اليورو، فإن المجال أمام هذه القنوات الثلاث مغلق. لقد قام البنك المركزي الأوروبي في الأسبوع الماضي بخفض معدلات الفائدة، إلا أنه ونظرًا إلى أن معدلات الفائدة في سوق المال كانت قريبة بالفعل من الصفر، فإن خطوة البنك المركزي تحمل أهمية رمزية. وفي كل الأحوال فإن معدلات الفائدة المنخفضة، في ظل تراجع الموازنة ، لا ينطوي إلى على فوائد هامشية.
وفي غضون ذلك، وفي ظل ضغوط خبراء النقد الألمان ، فإن البنك المركزي الأوروبي لا يزال يرفض التفكير في قيام البنوك المركزية بتقديم  ما يسمى في عالم الاقتصاد بتسهيلات نقدية نوعية من خلال بيع وشراء السندات الحكومية للتأثير على معدلات الفائدة. لا سيما وأن دول الأزمة في منطقة اليورو غير قادرة على استغلال سعر صرفها لتحسين قدرتها التنافسية. والواقع أن منطقة اليورو ككل لا تملك خطة لدفع اليورو نحو خفض في سعر الصرف العملة.
وفي ما يتعلق بالقناة الثالثة، فإن رد فعل تجار ومستهلكي منطقة اليورو تجاه مزيد من التقشف يتمثل على ما يبدو في زوال الثقة وعدم الإنفاق على طريق عالم الاقتصاد البريطاني جون كينيز ، بما يعنى أن الحكومات سوف تضطر مزيد من الاقتراض. ولا بد من التنويه هنا إلى خطورة زيادة الاقتراض من أجل تخفيق عبء الدين لأنه فعالية هذه السياسية لا تناسب سوى الاقتصادات الكبرى.
إن ما يقلل من درجة توسع الاقتصاد كرد فعل لزيادة في الإنفاق هو مدى ما يسمى بتسرب الطلب الذي ينشأ عن الورادات في معظم البلدان مع العلم بأن توقف الواردات أمر وارد.
ولو حدث وأن خففت حكومات اليورو من سياساتها المالية فإن خسارة كل بلد في شكل تسرب الطلب في الخارج سوف يعوضها تسرب الطلب من بقية البلدان الأعضاء في منطقة اليورو، الأمر الذي يسفر عن دعم لإجمالي الناتج المحلي وبالتالي انخفاض معدل الدين.
والدولة الأقوى القادرة على تخفيف سياستها المالية هي ألمانيا، ومع ذلك فإنها تعارض التوسع المالي لسواء لنفسها أو لغيرها من دول اليورو. وبدلاً من ذلك قامت أخيرًا بمزيد من التشديد المالي بهدف تشجيع الآخرين على محاكاتها. إن ألمانيا لا تؤمن بمبدأ كينيز ودائما ما تعتقد بأن إدارة الاقتصاد القومي بالطريقة نفسها التي يتم بها التعامل مع موازنة البيت العادية. وهي تخشى سياسات اللين لأنها يمكن في نظرها أن تسفر عن انهيار مالي.
وفي تلك الأثناء يدور النقاش حاليًا بشأن الكثير من أشكال الوحدة المالية والمصرفية ، وفي حالة فشل ذلك خفض معدل الدين الحكومي فإن ألمانيا قد تتوقف عن المشاركة بنصيب مناسب في صفقات الانقاذ.
وفضلا عن ذلك فإن بعض صناع القرار في ألمانيا يعتقدون بأن البيئة الحالية القاسية تمارس ضغوطها من أجل ترشيد الإنفاق الحكومي والإصلاحات الهيكلية وعلى المدى البعيد، كما يعتقدون ان ذلك يستحق معانات ارتفاع معدلات البطالة لسنوات قليلة.
وهي تترك بذلك بقية الدول صاحبة الأزمة تعيش أمل ارتفاع إجمالي الناتج المحلي وخفض معدلات البطالة وزيادة العائدات الضريبية، وبالتالي انخفاض معدلات الدين مقارنة بإجمالي الناتج المحلي. وقد يتحقق هذا الأمل، ولكن وحتى الآن لا توجد مؤشرات تبشر بذلك . بل على العكس فإن المؤشرات الأخيرة تدل على أن منطقة اليورو ما زالت تعيش حالة الانكماش الاقتصادي.
ويمكن القول إن الأزمة الأوروبية أبعد من تكون من الحل وأن أزمة اليورو تزداد تفاقمًا.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

عملة البتكوين تتخطى 80 ألف دولار للمرة الأولى في…
بنك المغرب يُفيد بأن احتياجات السيولة لدى البنوك بلغت…
البنوك المغربية تُواجه تحديات متزايدة مع الاتحاد الأوروبي لتشديد…
نشوة الانتخابات تضع إنفيديا على رأس الشركات الأكثر قيمة…
أسعار الذهب تتراجع عالميًا بعد فوز ترامب في الانتخابات…

اخر الاخبار

الحكومة المغربية تُعزز قطاع الدفاع الوطني بإعفاءات ضريبية جديدة
بوريطة يُؤكد أن وزارة الخارجية ساهمت في تطور التجارة…
اتهام موظف أميركي بتسريب خطط إسرائيل لضرب إيران
مجلس النواب المغربي يكشف عن أسماء البرلمانيين المتغيبين بدون…

فن وموسيقى

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يُكرّم "الفتى الوسيم" أحمد عز…
هيفاء وهبي تعود إلى دراما رمضان بعد غياب 6 سنوات وتنتظر…
المغربية بسمة بوسيل تُشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة التي تستعد…
كاظم الساهر يتألق في مهرجان الغناء بالفصحى ويقدم ليلة…

أخبار النجوم

محمود حميدة يكشف تفاصيل شخصية "ياسين" في مسلسل موعد…
إسعاد يونس تُعرب عن سعادتها البالغة بعودتها للمسرح
هاني سلامة وياسمين رئيس يجتمعان مجدداً بعد غياب 12…
محمد هنيدي يُعلن دخوله منافسات دراما رمضان 2025 بمسلسل…

رياضة

الهلال⁩ السعودي يتجاوز مانشستر يونايتد في تصنيف أندية العالم
إصابة في الرباط الصليبي تبعد إلياس أخوماش عن الملاعب…
المغربي ياسين بونو بين كبار اللعبة بمتحف أساطير كرة…
وليد الركراكي يخطط لثورة في تشكيلة المنتخب المغربي قبيل…

صحة وتغذية

نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية
الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء…
هل تختلف ساعات نوم الأطفال عند تغيير التوقيت بين…
أدوية علاج لمرض السكري قد تُقلل خطر الإصابة بحصوات…

الأخبار الأكثر قراءة

مطالب باستجواب وزيرة الانتقال الطاقي أمام البرلمان المغربي عن…
ارتفاع أسعار الدواجن يجر وزير الفلاحة المغربي للمساءلة البرلمانية
التوصل إلى اتفاق ينهي أزمة المصرف المركزي في ليبيا
والي بنك المغرب يرفض تحميل مسؤولية ارتفاع الكاش إلى…
الحكومة المغربية تُسهل شروط توريد زيت الزيتون لتجنب ارتفاع…