الجزائر - ربيعة خريس
أفصح تقرير صادر عن منتدى رؤساء المؤسسات النقدية والمالية، بشأن أكبر المؤسسات المستثمرة عن تراجع كبير في الموارد المالية لصندوق ضبط الإيرادات، قدر بحوالي 42,4 مليار دولار أي نسبة فاقت 85 في المائة.
وتؤكد الأرقام التي كشف عنها تقرير الضائقة المالية الصعبة، التي تمر بها الجزائر وتسارع وتيرة تآكل المخزون من الاحتياطات المالية، بسبب استمرار انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية، فمن بين أهم الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تراجع صندوق ضبط الإيرادات، إلى أكثر من 85 في المائة انخفاض أسعار الغاز والبترول، التي تمثل 95 في المائة، من قيمة الصادرات الجزائرية، مؤدية إلى تراجع بـ 90 في المائة من أصول الصندوق منذ نهاية 2014، فصندوق ضبط الإيرادات كان له دور كبير في امتصاص العجز منذ منتصف سنة 2006، فبعد الأزمة المالية التي ضربت البلاد عام 2014، وازدادت حدتها مع نهاية 2015 اضطرت الحكومة الجزائرية إلى الاستنجاد بموارد هذا الصندوق، واقتطعت ما يقارب 3400 مليار دينار أو ما يعادل 32 مليار دولار خلال الفترة الممتدة ما بين 2014 و2016.
وأنشأت الجزائر صندوق ضبط الإيرادات عام 2008، فهو عبارة عن صندوق خاص ينتمي إلى الحسابات الخاصة للخزينة العمومية، تعتمد عليه الحكومة الجزائرية في شقين رئيسيين هما أولا باب الإيرادات، فوائض القيمة الجبائية الناتجة عن مستوى أعلى لأسعار المحروقات عن تلك المتوقعة ضمن قانون المالية، كل الإيرادات الأخرى المتعلقة بسير الصندوق"، أما الثاني فهو باب النفقات، ضبط نفقات وتوازن الميزانية المحددة عن طريق قانون المالية السنوي والحد من المديونية العمومية، تخفيض الدين العمومي".
ويرى خبراء ومتتبعون للشأن الاقتصادي أن الحكومة الجزائرية بدأت تخسر هامش المناورة الذي تملك لمواجهة الأزمة، ويقول الخبير الاقتصادي الجزائري كمال رزيق، في تصريحات إلى "العرب اليوم"، أن صندوق ضبط الإيرادات يمثل بالنسبة للجزائر هامش مناورة إلا أنه وبالنظر إلى التراجع الحاد في الموارد المالية لهذا الصندوق يبدو أن الجزائر ستخسره، مشيرًا إلى أنه لن يدوم طويلا، فهذا الصندوق لم يعد يحوي سوى على إيرادات بسيطة في ظل استمرار انهيار أسعار النفط، في وقت تواصل الحكومة الجزائرية سحب مبالغ مالية كبيرة منه لتغطية العجز المسجل في خزينتها العمومية.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن هذا الصندوق يعتبر صندوق خاص بالنسبة للجزائر، فالحكومات السابقة المتعاقبة كانت تضع الميزانية على أساس سعر مرجعي للبترول يقدر بـ 37 دولار للبرميل وبالنظر إلى الارتفاع الذي تم تسجيله خلال سنوات سابقة، كانت الحكومة تحول الفائض في السعر إلى الصندوق، ومنذ بداية الأزمة التي ضربت الجزائر مطلع عام 2014، وشرعت الحكومة في سحب أموال من هذا الصندوق لسد العجز المسجل على مستوى مختلف القطاعات. وأكد المتحدث أنه وفي حالة استمرار انهيار أسعار النفط في الأسواق الدولية، فإن الصندوق سيستنفذ نهائيا خلال عام 2017.
وبيّن آخر الأرقام التي كشف عنها وزير المالية الجزائري السابق حاجي بابا عمي، بتاريخ 11 يناير / كانون الثاني 2017، أن صندوق ضبط الايرادات الذي يلقب بـ " بيت مال الجزائريين " يتوفر على قرابة 840 مليار دينار جزائري إلى غاية نهاية ديسمبر / كانون الأول. وأوضح الوزير السابق أن هذه الموارد الموجودة داخلية تتكون من 740 مليار دينار جزائري وهو مبلغ تم تجميده في هذا الصندوق، كونه يمثل الرصيد الأدنى الإجباري منذ يونيو / حزيران 2016، وفائض الجباية البترولية المسجلة خلال 2016 أي 98 مليار دينار جزائري. وقال حينها المسؤول الأول عن قطاع المالية في الجزائر، إن هذا المبلغ الموجود داخل صندوق ضبط الإيرادات سيتم استغلاله لتغطية عجز 2017.