الرئيسية » عالم الاقتصاد والمال
البورصة المصرية

القاهرة -محمد البحيري

لم يحل  إعلان البورصة المصرية إنهاء معاملات عام 2021 دون ارتفاع في مؤشراتها ورأسمالها السوقي ومتوسط التداول اليومي، إلا أن هناك تساؤلات عن أسباب استمرار أزمتها المتمثلة في قلة عدد الشركات إلى نحو الخُمس، مقارنة بما كانت عليه قبل 20 سنة، فضلا عن التراجع الواسع في استثمارات الأجانب. وأوضحت البورصة المصرية قبل أيام أن مؤشرها الرئيسي "إي جي إكس 30" ارتفع خلال  عام 2021 بنسبة 10.18 في المئة، بعد هبوط بنسبة 22.3 في المئة خلال العام الذي سبقه بسبب تداعيات وباء كورونا، وزاد رأس مالها السوقي (القيمة السوقية للشركات المدرجة في البورصة) بنسبة 18 في المئة ليصل إلى 765 مليار جنيه مصري (نحو 49 مليار دولار)، وارتفع متوسط التداول اليومي (بيع وشراء الأسهم) بنسبة 31 في المئة.

وتراجع صافي معاملات الأجانب  عن العام الماضي بنسبة 57 في المئة كمبيعات، بحسب تقرير لمركز معلومات البورصة صدر قبل أيام من التقرير السنوي للبورصة الذي حمل عنوان "عام التعافي والتحضير للمستقبل". وقال رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية، الدكتور محمد فريد، إن البورصة ستقوم بجولات خارجية خلال النصف الأول من العام الجديد لجذب مستثمرين أجانب وإنعاش السوق، فيما تستعد لطروحات خمس شركات جديدة مرشحة. وأضاف فريد أن ذلك يأتي إلى جانب حزمة القرارات التي أصدرتها الحكومة قبل أقل من شهرين ويتوقع أن تؤتي ثمارها على المدى البعيد وليس القريب، مضيفا أن الإنعاش ليس مسؤولية البورصة وحدها لأنها فقط منصة التداول.

وكانت الحكومة المصرية قد أصدرت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي قرارات ركزت على خفض بعض الضرائب والرسوم، من بينها إلغاء ضريبة الدمغة للمستثمر المقيم، وخصم مصاريف التداول وحفظ الأسهم من الوعاء الضريبي يقيس مؤشر "إي جي إكس 30" أداء أعلى 30 شركة في البورصة المصرية من حيث السيولة والنشاط.  ويرى محللون ماليون أن ارتفاع هذا المؤشر الرئيس لا يعبر بالضرورة عن واقع البورصة، إذ إن هناك تركز قطاعي في المؤشر. ويمثل قطاع البنوك أكثر من ربع حجم رأس المال السوقي في المؤشر "إي جي إكس 30"، فيما يمثل الربع الثاني قطاعي الموارد الأساسية والاتصالات والتكنولوجيا، أما نصف المؤشر الآخر فيشمل باقي القطاعات التي تبلغ 16 قطاعا. يشير مستشار وزير التموين والتجارة الداخلية المصري لتطوير الشركات، الدكتور مدحت نافع، إلى أن قطاعات بعينها تسيطر على المؤشر كما أن قطاع البنوك المهيمن على أكثر من الربع لا يضم هو نفسه عدة بنوك بارزة في مصر. وتنوي البورصة المصرية إطلاق مؤشر جديد لـ"إي جي إكس 30" متساوي الأوزان خلال العام المقبل.

 أسباب الأزمة
 ويعزو نافع، الذي عمل سابقا رئيسا لقطاع الرقابة على التداول وإدارة المخاطر والمؤشرات في البورصة المصرية سبب أزمة البورصة إلى ما يسميه تجاوز هيئة الرقابة المالية لدورها الرقابي إلى التدخل في آليات السوق بإلغاء عمليات وإيقاف أكواد بشكل متكرر. ويوضح نافع أن هذا الأمر يخيف المستثمرين، بالإضافة إلى عدم الاستقرار الناتج عن تغيير بعض القواعد خلال انعقاد جلسة للتداول. وكان مجلس إدارة البورصة المصرية قد أصدر  قرارا في سبتمبر/ أيلول الماضي بشأن تعديل الحد الأدنى للقيمة المحددة لسعر الإقفال خلال جلستي التداول المستمر والمزاد، وطُبق القرار في نفس اليوم. لكن رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية، الدكتور محمد فريد، يعلق على ذلك قائلا: "كان التعديل بناء على مطالب المستثمرين لتطبيق آلية المزاد فيما يتعلق بأسعار الإغلاق بما يتسق مع معظم منصات التداول في العالم".

 ويقول نافع إن البورصة بكل هذه الإشكالات لم تعد تعبر عن واقع الاقتصاد المصري لأنها لا تواكب معدلات انخفاض البطالة والتضخم، ولا تتناسب الزيادة في رأس المال السوقي مع الارتفاع في الناتج المحلي الإجمالي. وأدى ما يُعرف ببرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي طبقته مصر منذ عدة سنوات إلى زيادة واضحة في مؤشرات قياس أداء الاقتصاد المصري، مثل الناتج المحلي الإجمالي الذي وصل إلى 408 مليار دولار نهاية العام المالي الماضي، والذي يشير إلى قيمة جميع السلع والخدمات المنتجة داخل الدولة خلال فترة ما، ومعدل النمو الذي وصل إلى 3.3 في المئة رغم تداعيات وباء كورونا المستمرة.

"الدولة تزاحم القطاع الخاص"
ويختلف العضو المنتدب لإحدى شركات الوساطة المالية، هاني توفيق، مع هذا الرأي إذ يعتقد أن "أزمة البورصة هي انعكاس لأزمة القطاع الخاص في مصر". وأوضح  توفيق  "أن هناك مزاحمة من الدولة للقطاع الخاص، ما يجعله ينكمش، ويؤجج شعورا لدى المستثمرين بأن الرقيب أصبح منافسا". وعلى الرغم من عدم وجود أي إحصاءات رسمية، يرى متخصصون أن دور الشركات المملوكة للحكومة المصرية والقوات المسلحة في الاقتصاد المصري قد تعاظم بشكل كبير خلال الأعوام الماضية، الأمر الذي نفته السلطات المصرية في عدد من المناسبات، على لسان العديد من المسؤولين المصريين وكان على رأسهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

ووصف البنك الدولي نهاية العام الماضي توسع الدولة التجاري بـ"المفرط"، قائلا إن القطاع الخاص مُنع من القيام بدور أكبر في دعم الاقتصاد المصري، رغم الإصلاحات الاقتصادية الكبيرة على مدار السنوات الماضية. ويقول توفيق إن القطاع الخاص أصلا يواجه عدة مشكلات في مصر، منها كلفة الضرائب والرسوم والبيروقراطية وبطء إجراءات التقاضي وتغيير القوانين بشكل متواصل وسعر صرف الجنيه مقابل الدولار الذي لا يتيح مكاسب كبيرة للمستثمرين. ويتابع توفيق: "إذا أصلحت مناخ الاستثمار المباشر ستنتعش البورصة تلقائيا، لأن المزيد من شركات القطاع الخاص سيعني طرح عدد منها في البورصة لجلب التمويل". وتنافست البورصة المصرية مع عدة بورصات عالمية أخرى على لقب الأسوأ العام الماضي في تقرير لوكالة بلومبرغ الاقتصادية

ويُنتظر أن يكون طرح شركات تابعة للجيش المصري وقطاع الأعمال العام منعشا للبورصة المصرية، لكن كثيرين يتساءلون عن أسباب تأخر هذه الطروحات التي أعُلن عنها قبل عامين.
ويتوقع خبراء أن يكون هناك تخوف لدى الحكومة المصرية من الطرح في الوقت الحالي بسبب الظروف غير المواتية، انتظارا لتحسن أسعار الأسهم، حتى لا يكون الطرح بأسعار قليلة إهدارا للمال العام. وتقول رانيا يعقوب رئيسة مجلس إدارة إحدى شركات تداول الأوراق المالية إن إتمام هذه الطروحات سيحقق سيولة كبيرة للسوق المصري، خاصة أن رأس المال السوقي المرتفع في تقرير هذا العام كان مدفوعا بطروحات للشركات. وتضيف يعقوب أن معدل التضخم المنتظر ارتفاعه سيؤدي إلى زيادة فوائد البنوك، ما سيجعل البورصة أداة أرخص للتمويل.

وشهد العام الماضي تراجعا واضحا لدور المؤسسات والأجانب في البورصة المصرية بسبب التحول نحو سوق الدين، الذي اعتبروه الأكثر أمانا، إلى جانب توفيره العائد الأعلى، بحسب يعقوب. وقبل أقل من شهر أعدت الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر، تعديلا تشريعيا على قانون سوق رأس المال للعرض على البرلمان لحظر وتجريم نشر توصيات واستشارات مرتبطة بالأوراق المالية المقيدة بالبورصة المصرية على مواقع التواصل الاجتماعي، مبررة التعديل بأنه يهدف إلى ردع المتلاعبين الذين يقومون بإصدار ونشر توصيات واستشارات مضللة للتلاعب بصغار المستثمرين والتسبب في تكبدهم خسائر. وسبق أن أدان القضاء المصري عددا من المستثمرين اتهموا بالتلاعب في البورصة، وصدرت ضدهم أحكام بالحبس والغرامة.

لكن محللين يقولون إن مثل هذا التشريع يزيد من قلق المستثمرين لدخول سوق الأوراق المالية المصري، إذ لن توجد حرية في اختيار مصادر المعلومات. ويطالب خبراء بتغيير فلسفة إدارة البورصة المصرية وإعادة النظر في إجراءاتها خلال السنوات العشر الأخيرة، والاستعانة بلجنة استشارية عالمية كما كان الحال قبل سنوات. وكان لعدم الاستقرار السياسي الذي شهدته مصر خلال العقد الأخير بسبب الاحتجاجات الواسعة تداعياته الواسعة على البورصة، إذ أُطيح برئيسين خلال تلك الفترة. ويبلغ عدد الشركات المقيدة في البورصة المصرية الآن 240 شركة، فيما كان يبلغ 1075 شركة عام 2000

قد يهمك أيضاً :

 رئيس البورصة المصرية يؤكد عدم وجود نية لإحياء مشروع الربط مع إسطنبول

 البورصة المصرية تسترد 30 مليار جنيه من خسائرها ومؤشرها يقفز 5 %

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

نيسان وهوندا توقعان مذكرة تفاهم لدراسة تكامل أعمالهما وإنشاء…
المغرب يحتل المرتبة 16 عالميًا ضمن قائمة أفضل الدول…
المديرية العامة للضرائب في المغرب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن…
المغرب وألمانيا يُوقعان على اتفاقية بقيمة 100 مليون أورو…
وزيرة الانتقال الطاقي في المغرب تؤكد على رفع القدرة…

اخر الاخبار

الرياض تستقبل وفداً سورياً رفيع المستوى برئاسة وزير الخارجية…
فندق ترامب يشهد انفجار شاحنة تسلا وماسك يُؤكد إن…
المفتش العام للقوات المسلحة الملكية يستقبل مستشار أمير دولة…
السكوري يلتقي وفداً عن الاتحاد الوطني للشغل في المغرب

فن وموسيقى

لطيفة أحرار تؤكد أن الجمهور الذي يعرفها فقط كفنانة…
وفاة الأب الروحي للأغنية الشعبية في مصر أحمد عدوية…
لطفي بوشناق يقدّم أغنية لبيروت ويتضامن مع المدينة الجريحة…
سلاف فواخرجي تفوز بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان أيام قرطاج…

أخبار النجوم

مدحت صالح يُعلن عن بدء تحضيراته لإطلاق ألبومه الغنائي…
ياسمين عبد العزيز تودّع عام 2024 بطريقة طريفة ومميزة…
كريم عبد العزيز يُعرب عن سعادته بنجاح مسرحية "الباشا"
محمد هنيدي يكشف عن المفاجآت التي تنتظر الجمهور في…

رياضة

المغربي حكيم زياش يشترط على غلطة سراي الحصول على…
البرازيلي فينيسيوس جونيور يُتوج بجائزة غلوب سوكر لأفضل لاعب…
المغربي أيوب الكعبي ضمن قائمة أفضل هدافي الدوريات الأوروبية
محمد صلاح بين الانتقادات والإشادات بسبب صورة عيد الميلاد…

صحة وتغذية

وزير الصحة المغربي يُطالب باليقظة لمواجهة مضاعفات داء الحصبة…
دراسة تكشف أن أمراض القلب تُزيد من خطر الإصابة…
المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

الأخبار الأكثر قراءة

الحكومة المغربية تُصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم…
"إنفيديا" تصبح الشركة الأكثر قيمة في العالم بفضل طفرة…
البيتكوين تقترب من 100 ألف دولار للمرة الأولى وقيمتها…
انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في المغرب بعد إعلان الحكومة…
رئيس الحكومة المغربية يؤكد أن صادرات الصناعة حققت 377…